وجدت دراسة أميركية جديدة أن رش البعوض الناقل للملاريا بنوع من الفطريات المعدلة وراثيا يقتل الطفيلي المسبب للملاريا دون الحاجة لقتل البعوض بسرعة، مما يقلل إمكان انتقال الملاريا للبشر، وفق بيان تلقته الجزيرة نت من معاهد الصحة القومية الأميركية التي مولت المشروع.
قاد الدراسة الدكتور ريموند سانت ليجيه، الباحث بجامعة مَريلَند في كوليدج بارك، ونشرت حصيلتها مؤخرا بمجلة سيانس.
ووفق منظمة الصحة العالمية، يصاب بالملاريا سنويا نحو 225 مليون شخص حول العالم، ويتوفى 781 ألفا منهم. ورغم وجود المرض في 106 دول، تتركز معظم الإصابات في أفريقيا جنوب الصحراء.
يمثل استخدام المبيدات الحشرية لرش الناموسيات (أغطية من القماش تستخدم للنوم تحتها) وجدران المنازل الداخلية إستراتيجية الوقاية الرئيسة بالبلاد النامية، لكن إناث بعوض الأنوفيليس الناقلة لطفيلي الملاريا تكوّن تدريجيا مقاومة للمبيدات الحشرية، مما يجعلها أقل فاعلية.
إستراتيجيات المكافحة
ويقول مدير المعهد الوطني للحساسية والعدوى
(NIAID) الدكتور أنتوني فاوتشي "لأن البعوض يتجنب باضطراد أساليب مكافحة الملاريا المستخدمة حاليا، يقوم علماء المعهد باختبار طرق جديدة مبتكرة للوقاية من الملاريا" والتي يؤمل أن تتطور لوسائل فعالة سنوات قادمة.
إحدى الإستراتيجيات الجديدة هي قتل بعوض الأنوفيليس بواسطة رشها بفطر (ميتارهيزيوم آنيسوبلايا) الذي يتخلق طبيعيا. وكانت دراسات سابقة وجدت هذا الأسلوب يقضي تقريبا على انتقال المرض عندما يتم رش البعوض بعد التقاطها لطفيل الملاريا مباشرة.
لكنها إستراتيجية غير قابلة للاستدامة طويلا. فمعالجة البعوض بالفطر يقتلها قبل أن تتكاثر ويتاح لها تمرير خصائص ضعفها إزاء الرش بالفطر لأجيال لاحقة، بينما يتكاثر طبيعيا البعوض المقاوم للفطر القاتل ويسود بسرعة ولن يكون للرش بالفطر فاعلية.
لذلك، حاول الباحثون اتباع نهج أكثر تركيزا. فبدلا من تطوير فطريات تقتل البعوض بسرعة، قاموا بتعديل فطر (ميتارهيزيوم آنيسوبلايا) وراثيا، لمنع تطور (اكتمال دورة حياة) طفيل الملاريا في البعوض.
مقارنة الفعالية
بعد 11 يوما من تغذيتها بدم ملوث بطفيلي الملاريا، قسم الباحثون البعوض لثلاث مجموعات، يتم رش إحداها بفطر ميتارهيزيوم آنيسوبلايا الطبيعي، والثانية بنفس الفطر لكنه معدل وراثيا، والثالثة لم تتعرض للرش مطلقا.
بعد أسبوعين من تعريض البعوض لالتقاط طفيلي الملاريا، بحث العلماء عن هذا الطفيلي في غددها اللعابية لدى المجموعات الثلاث.
كان هناك انخفاض كبير لنمو الطفيلي بين البعوض المعالج بالفطر المعدل وراثيا، حيث وجد الطفيلي لدى 25% منها فقط، بينما وجد لدى 87% لدى البعوض المعالج بفطر ميتارهيزيوم آنيسوبلايا الطبيعي، ولدى 94% من البعوض غير المعالج.
كذلك، خفض الفطر المعدل وراثيا من كثافة طفيلي الملاريا بالغدد اللعابية للبعوض بأكثر من 95% مقارنة بالفطر غير المعدل وراثيا.
وقاية مضاعفة
يفسر الباحثون ذلك بأن الجينات (المورثات) التي أدخلت للفطر المعدل وراثيا منعت تقييد الطفيلي بالغدد اللعابية للبعوض. لذلك عندما تلدغ البعوضة الإنسان، لا ينتقل إليه الطفيلي بالضرورة.
وباستخدام نموذج لتقدير نجاح خفض انتقال الملاريا للبشر، وجدوا أن سلالة فطر ميتارهيزيوم آنيسوبلايا المعدل وراثيا تقلل انتقال المرض خمسة أضعاف ما تقلله السلالة البرية الطبيعية لنفس الفطر.
يقول الدكتور سانت ليجيه إن الهدف الرئيس هو إتقان وإدخال تقنية التعديل الوراثي لهذا الحقل، واختبار سلالات إضافية من الفطر للتأكد من الوصول لأفضل سلالة فاعلة في منع الطفيل المسبب للملاريا.
ورغم أن الباحثين لا يتوقعون للفطر المعدل وراثيا أن يؤثر في البيئة بشكل مختلف عن سلالته الطبيعية، لكنهم يعتزمون إجراء اختبار لطرق احتواء الفطر المعدل وراثيا في الحقل