بتـــــاريخ : 8/9/2008 11:34:46 AM
الفــــــــئة
  • الاقتصـــــــــاد
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 2944 0


    التجربة الماليزية في تنمية الموارد البشرية

    الناقل : heba | العمر :43 | الكاتب الأصلى : د. علي نور الدين إسماعيل | المصدر : www.arriyadh.com

    كلمات مفتاحية  :
    اقتصاد الموارد البشرية

    التجربة الماليزية في تنمية الموارد البشرية

     

    في أثناء زيارته الأخيرة لمكتبة الإسكندرية التاريخية هذا العام ألقى الدكتور مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق محاضرة قيمة في حشد كبير من الحضور يزيد على ألفي فرد من الأكاديميين الاقتصاديين المهتمين بالشأن الماليزي والخبراء المتابعين للتنمية البشرية المتسارعة للدولة الماليزية، تحدث فيها عن تجربة تطوير موارد ماليزيا البشرية، وكيف أمكن توظيفها لتفي بمتطلبات التحول السريع نحو التصنيع، كما عرض الوضع الحالي لماليزيا كأحد النمور الآسيوية السبعة القادرة على مواجهة المستجدات العالمية ودورها المؤثر على الاقتصاد العالمي.

    وفي معرض حديثه عن التجربة الماليزية استعرض العديد من القضايا والتحديات التي واجهت ماليزيا في مرحلة التحول وكيف أمكن معالجتها وحدد بوضوح المحاور الأساسية المرتبطة بتنمية الموارد البشرية التي تتركز أساساً في التالي:

    المحور الأول: ضرورة امتلاك "المهارات التدريبية" وتنميتها، مع الأخذ في الحسبان أن إمكانية اكتساب المهارات متاحة لكل شخص وفي أي مجتمع، وأنه يمكن أن نرث المهارات، لكنها تحتاج فقط إلى البيئة الصحيحة لإخراجها واستغلالها. وهذا ما يحدث عندما يهاجر العامل من بيئة ريفية خالية إلى حد ما من ضغوط العمل إلى بيئة صناعية يتم فيها التقيد بتسليم المنتج في الوقت المحدد، الأمر الذي يفرض على العامل تبني قيم ثقافية تناسب المجتمع الجديد الذي يعمل فيه حتى يمكنه التكيف مع المعيشة الحضرية وامتلاك المهارات وأخلاقيات العمل الجديد. وهنا يبرز دور التدريب في تنمية الموارد البشرية صورة صحيحة.

    المحور الثاني: إن تدريب القوى العاملة أمر حتمي وضروري، فاكتساب العامل المهارات الأساسية قد يكون كافياً في أغلب الأحيان للصناعات ذات العمالة الكثيفة، ولكن هناك دائماً حاجة إلى "التدريب التخصصي" في الصناعات المعقدة لتأهيل عمال ذوي مهارات نوعية تناسب الأعمال الموكلة إليهم، فأي عامل يمكنه إنتاج أي سلعة معقدة إذا عرف العمل التخصصي الذي سيؤديه والسلسلة التي يجب أن يتبعها في العمل ولابد أن يدرك العامل أن الوظائف الأكثر تعقيداً هي التي يشتد الطلب عليها وتزيد معها القيمة المضافة، ومن ثم يحق للعامل المطالبة بالحصول على أجر عال. وهذا بالفعل ما حدث للعمال الماليزيين الذين تتهافت الشركات الكبرى متعددة الجنسيات على تصاميمهم لتقديم منتجات جديدة للسوق العالمية.

    المحور الثالث: تعلم اللغات. خاصة اللغة الإنجليزية. كأساس للمتدرب والمدرب حتى يمكن التواصل مع المستثمرين، على أن يتم ذلك بالتوازي مع تطوير "المناهج التعليمية" وإعدادها بصورة تتفاعل مع الجديد في الصناعة والتقنية، وهذا ما يجعل الموارد البشرية مؤهلة وقادرة على إنجاز أي مشروع صناعي، وعليه تصبح الدولة صناعية وتصير السوق هي عامل الحسم الوحيد.

    المحور الأخير: التركيز على "انتقاء المديرين" فنجاح أو تراجع أي صناعة يعتمد أساساً على مهارات المديرين، فهم الذين يقع على عاتقهم ضمان استمرار انخفاض تكلفة المنتج مع المحافظة على جودته. ولقد استفادت التجربة الماليزية في هذا الشأن من نظيرتها التجربة اليابانية، وعملت ماليزيا على محاكاة الطرق التي ابتكرها اليابانيون في هذا الشأن من خلال تطبيق برنامج "التسليم في الوقت المحدد" والتحكم في الجودة والأخذ باقتراحات العمال، إضافة إلى غرس الثقافة الصحيحة للعمل.

    الجدير بالإشارة في هذا المقام أن هذه الدولة الوليدة التي نالت استقلالها منذ أقل من نصف قرن عملت على اتباع أسلوب التخطيط الاستراتيجي منهجاً للتنمية الاقتصادية الاجتماعية، واعتبرت الاهتمام بتنمية الموارد البشرية أساساً جوهرياً لتأكيد التنمية. ولقد حققت تلك الرؤية نجاحاً واضحاً، حيث انطلقت تلك الدولة المثقلة بإرث التخلف إلى آفاق النهضة والتقدم الصناعي في طفرة غير مسبوقة لتتبوأ المركز الـ17 في سلسلة الدولة المتقدمة صناعياً. وتشير إصدارات البنك الدولي ومراكز الدراسات الآسيوية المتخصصة الأخيرة إلى أن متوسط الدخل السنوي للفرد الماليزي بلغ أكثر من عشرة آلاف دولار، في وقت بلغ حجم الاستثمارات التراكمية الأجنبية فيها نحو 56 مليار دولار حسب تقديرات عام 2002.

    ولا شك أن المحاور الأربعة التي وردت في محاضرة الدكتور مهاتير محمد عن المهارات التدريبية، التدريب التخصصي، وتطوير التعليم وانتقاء المديرين، هي دروس مستفادة يمكن أن تؤخذ دليل عمل قابلاً للتطبيق في أي من الدول النامية التي تتطلع إلى التنمية والتقدم في ظل مجتمع دولي يتسم بالتنافس.

    جريدة الاقتصادية / الاثنين 27 جمادى الأولى 1426هـ 4 يوليو 2005 العدد 4284

    د. علي نور الدين إسماعيل

    خبير في برنامج الأمم المتحدة للمعونة الفنية (سابقاً)

     


     

    كلمات مفتاحية  :
    اقتصاد الموارد البشرية

    تعليقات الزوار ()