بتـــــاريخ : 5/29/2010 5:39:10 PM
الفــــــــئة
  • الأخبـــــــــــار
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1842 0


    حكايـة سياسية فنان جامح وسيدة الرداء الأخضر

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : محمد عيسي الشرقاوي | المصدر : www.ahram.org.eg

    كلمات مفتاحية  :

    طفل في السابعة من عمره‏,‏ توسم فيه والده موهبة مبكرة‏..‏ ولم يدخر وسعا في رعايتها وصقلها‏..‏ فقد كان رساما وأستاذا للفنون في إسبانيا‏..‏ وألحق ابنه بابلو بيكاسو في أكاديمية الفنون بمدريد عام‏1897.

    وعندما أنهي دراسته غادر إسبانيا إلي فرنسا‏..‏ وكان ذلك في مستهل القرن العشرين‏..‏ وهناك أقام‏,‏ بتجليات إبداعه في الرسم الدنيا‏..‏ ولم يقعدها حتي الآن‏.‏
    بيكاسو الذي أضحي من ألمع فناني القرن العشرين‏..‏ كانت حياته جامحة ومثيرة للجدل‏..‏ وكذلك كان فنه‏..‏ فقد جنح به نحو الغموض والرمزية المراوغة‏..‏ ولئن كانت سيرته العاطفية تبدو غرائبية‏,‏ فإن معتقداته السياسية ربما كانت كذلك‏..‏ وتلك مسألة يتجاذب الكتاب والباحثون أطراف الرأي والبحث فيها حتي الآن‏.‏
    ونقطة البداية في تبلور توجهات بيكاسو السياسية‏,‏ هي الحرب الأهلية الإسبانية‏,‏ التي اندلعت عام‏1936‏ وقصف الطائرات لمدينة جيرنيكا‏..‏ واستبد الغضب ببيكاسو‏,‏ وحول المأساة الوحشية إلي درة فنية عالمية هي لوحته الشهيرة جيرنيكا‏(1937)..‏ وعبر فيها عن مقته الشديد لفاشية الجنرال الإسباني فرانكو‏,‏ ونازية الألماني هتلر‏.‏
    ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
    النازية التي كان بيكاسو يكن لها كراهية شديدة‏,‏ اقتحمت قواتها موطنه الفرنسي‏,‏ ابان الحرب العالمية الثانية‏..‏ ولم يهرب بيكاسو مثلما هرب نفر من الفنانين‏..‏ واختار أن يبقي في وجه الإعصار‏..‏ ولم تكن تحميه سوي شهرته‏..‏ وهي هشة‏..‏ لأن النازيين كانوا يجاهرون بازدراء فنه‏.‏
    وما إن انسحبت القوات النازية من فرنسا عام‏1944,‏ حتي فاجأ بيكاسو أوروبا‏,‏ وانضم للحزب الشيوعي الفرنسي‏..‏ وكان هذا مجرد رد فعل لكراهيته للفاشية والنازية‏..‏ لكن الغريب أنه ظل في الحزب حتي موته عام‏1973‏ وهنا يتعين الإشارة إلي أن عضويته لم تنطو علي أي التزام أو إملاء علي فنه وحياته‏..‏ فقد حلق بفنه بعيدا كل البعد عن مبدأ الواقعية الاشتراكية التي كانت قيدا أيديولوجيا علي الكتاب والفنانين السوفيت‏..‏ والأغرب أن نمط حياته الجامح وولعه بالرفاهية كان مجافيا ومناهضا لتلك المبادئ الصارمة‏.‏
    غير أن تلك العضوية التي لم يتمرد عليها بيكاسو‏,‏ ربما لاعتقاده أنها حائط الدفاع القوي ضد احتمالات ظهور الفاشية‏,‏ قد كبدته الكثير‏..‏ وليس أدل علي ذلك من أنه تقاعس عن إدانة سحق القوات السوفيتية لثورة المجر عام‏1956‏ ولاذ بالصمت فنا وكلاما‏!!‏ بالرغم من شحوب صلاته بالشيوعيين‏.‏
    وكانت زوجته الأخيرة جاكلين لا تسمح للشيوعيين بزيارته‏..‏ وكان بيكاسو قد وقع في هواها ورسم لها عام‏1956‏ لوحة شهيرة هي سيدة الرداء الأخضر‏..‏ وتزوجها عام‏1961,‏ بعد أن تجاسرت صديقته الفنانة فرانسواز جيلو علي الفرار من حياته‏..‏ وكانت قد أنجبت له ابنا وابنة سماها بالوما وهي بالإسبانية تعني الحمامة‏..‏ وكان قد أطلق حمامة السلام الشهيرة في مدارات الكون وفضاءات الفن والسياسة‏.‏
    وكانت جاكلين تحب بيكاسو حبا جما وعاصفا‏,‏ وعندما مات لم تتصور الحياة دونه‏..‏ وأزهقت روحها‏.‏
    ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
    بيكاسو لاتزال حياته وفنه مثيرين للتأمل والجدل‏,‏ ويغوصان في سراديب الغموض وبئر الأسرار‏..‏ ويؤكد الكاتب جون ريتشاردسون‏,‏ الذي كان قريبا منه‏,‏ وعكف طوال أربعين عاما علي كتابة ثلاثة أجزاء من السيرة الذاتية لبيكاسو‏..‏ أن سيرته لم تنته بعد‏.‏
    هذا هو الفنان العبقري‏..‏ والفن الحافل بالرؤي‏.‏

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()