المؤسسات الصغيرة .. هل استعدت للمستقبل؟
أشارت خطة التنمية السابعة إلي أن المؤسسات الصغيرة، وهى التى توظف أقل من 20 عاملاً، تشكل النسبة العظمي من مؤسسات القطاع الخاص المسجلة فى السجل التجارى بالمملكة العربية السعودية. وأوضحت الخطة أن هذه المؤسسات تستوعب نحو 75% من العمالة الأجنبية، كما أن المؤشرات الاقتصادية تشير إلي تباين كبير بين معدلات الربحية والأداء المتحققة فى هذه المؤسسات مقارنة بتلك المتحققة فى الشركات الكبيرة. وتصل المبيعات لكل موظف فى الشركات الكبيرة إلي 486 ألف ريال سعودى وفى المؤسسات الصغيرة إلي 158 ألف ريال سعودى. ويصل معدل العائد الإجمالى علي المبيعات إلي 2،14% فى الشركات الكبيرة و4،4% فى المؤسسات الصغيرة، فى حين يصل معدل العائد علي الأصول إلي 7،18% فى الأولي و4،5% فى الثانية.
وأرجعت خطة التنمية السابعة هذا التباين فى الأداء إلي عدة أسباب موضوعية تتعلق بإنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وبدء نشاطها دون إجراء دراسات جدوي اقتصادية، تدنى مستويات التنظيم والإدارة، والصعوبات التى تواجهها هذه المؤسسات فى الحصول علي التمويل اللازم. وإذا اقتصرت المعوقات التى تواجه المؤسسات الصغيرة فى الاقتصاد السعودى علي هذه الأسباب الموضوعية، فإن معالجتها قد تكون أمراً ممكناً وسهلاً وإن كانت تتطلب نوعاً من التنظيم وحسن التوجيه لحماية هذه الاستثمارات التى تشكل أحد ركائز القطاع الخاص. إذ لا ضير فى أن يكون إجراء دراسة الجدوي الاقتصادية أحد المتطلبات الرئيسية للقيد فى السجل التجارى. ويمكن للغرف التجارية الصناعية أن تسهم بشكل مباشر فى رفع مستويات التنظيم والإدارة فى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وبعضها يسهم فى ذلك فعلاً. وأعرف أن الغرفة التجارية الصناعية بالرياض لها دور فاعل فى هذا الأمر، وأن لديها مشروع رائد بمشاركة المكاتب الاستشارية الاقتصادية فى معالجة مشاكل المؤسسات الصغيرة التنظيمية والإدارية. وفيما يتعلق بمعوقات التمويل، فقد أكدت خطة التنمية السابعة علي أنها سوف تتبني تذليل هذه المعوقات من خلال تطوير الأطر المؤسسية للقطاع المالى مشيرة إلي دراسة إمكانية إنشاء صندوق خاص مشترك بين القطاعين العام والخاص لتسهيل حصول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة علي قروض واستنباط أدوات تمويل إسلامية مثل المشاركة والمرابحة والمضاربة لتوسيع فرص التمويل المتاحة وتشجيع بنك التسليف السعودى علي التوسع فى الإقراض.
لكن المشكلة الحقيقية التى ستواجهها هذه المؤسسات الصغيرة هى فى قدرتها علي المنافسة، داخلياً وخارجياً، فى مرحلة ما بعد الانضمام المرتقب لمنظمة التجارة العالمية. وقد أشارت خطة التنمية السابعة إلي هذه المسألة فى سياق عرضها لما يمكن أن تواجهه بعض الشركات العائلية فيما يخص بمسألة التحول فى انتقال الملكية للجيل الجديد من الأبناء ملاك المستقبل. ودعت الخطة إلي ضرورة مراجعة الأنظمة ذات العلاقة مع أهمية توفير الدعم المؤسسى للشركات العائلية التى تقوم بتغيير أوضاعها القانونية مع إعادة هيكلة أنشطتها. ولم تغفل الخطة الإشارة إلي أنه يتعين علي العديد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة النظر فى الاندماج حتي تصبح أكثر قدرة علي المنافسة. وقد يكون الاندماج هو الكلمة السحرية التى يمكن أن تتمحور فى إطارها أى معالجة لمستقبل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فى الاقتصاد السعودى فى الأجل الطويل، إذ ربما يكون هو الروشتة الاقتصادية التى تتردد هذه المؤسسات فى الأخذ بها فى الوقت الحاضر حيث تري أن فيها تنازل عن خصوصية فى مجتمع يعطى الخصوصية أهمية كبيرة.
وتأسيساً علي ذلك، فقد يكون من الضرورى فعلاً أن يتزامن الاهتمام الواضح الذى أولته خطة التنمية السابعة لمستقبل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فى الاقتصاد السعودى مع حملة توعوية تضع فعاليات هذا القطاع أمام الأمر الواقع الذى سيطل عليها بانضمام المملكة العربية السعودية لمنظمة التجارة العالمية وما يتبع ذلك بالضرورة من استحقاقات والتزامات. ولعل الغرف التجارية الصناعية هى الأجدر والأقدر علي تحمل مسؤولية هذه الحملة التوعوية، بعد أن عجز من هم أولي بها عنها. وليكن ذلك الآن.. الآن.. وليس غداً.