بتـــــاريخ : 7/13/2009 2:25:15 AM
الفــــــــئة
  • الاقتصـــــــــاد
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1446 0


    الحد الفاصل بين اقتصاد السوق وتدخل الدولة

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : www.ecoworld-mag.com

    كلمات مفتاحية  :
    الحد الفاصل بين اقتصاد السوق وتدخل الدولة
     

    عندما وضع آدم سميث كتابه الشهير "ثروة الأمم" والذى أرسي به قواعد الفكر الرأسمالى الذى تسير عليه اقتصادات العصر الحديث باعتمادها مبدأ الحرية الاقتصادية أو ما يعرف باقتصاد السوق، وهو النهج الاقتصادى الذى يفترض التوازن فى السوق بمحددات العرض والطلب؛ فهو لم يهمل مسألة تدخل الدولة فى النشاط الاقتصادى. وعلي الرغم من أن آدم سميث قد حصر المهمة الرئيسية للدولة فى أمور الدفاع والأمن والخدمات العامة، إلا أنه لم يغفل الدور التنظيمى والرقابى لها لفعاليات الاقتصاد.
    وجاءت أفكار آدم سميث متفقة مع المنطق وطبيعة الحياة البشرية، وهو ما شوهته النظرية الاشتراكية فسقطت تجربتها لأنها لم تكن تحمل مقومات البقاء والاستمرار بالرغم من سطوة الحزب الشيوعى فى الاتحاد السوفييتى السابق وإصراره علي فرضها بالقوة. ولعل أهم ركائز الفكر الرأسمالى والتى ساهمت فى انتصاره وسيادته هو احترامه لدور الفرد فى المجتمع وحريته فى العمل والإنتاج والملكية. ولعل هذه الركائز هى التى تسود فى أى مجتمع تُبني أفكاره علي العقل والمنطق السليم. فالفرد هو النواة الأولي للمجتمع. وإذا صلح هذا الفرد صلح المجتمع كله. ولن يصلح الفرد فى مجتمع لا يحمى ولا يحترم حقوقه. وهذا ما عبر عنه آدم سميث بمفهوم اليد الخفية التى رأي أنها تقود المجتمع إلي الصلاح بدءاً بصلاح الفرد أولاً. ومن هذا المفهوم بدأ آدم سميث صياغة اللبنة الأولي لنظرية اقتصاد السوق وآلية العرض والطلب فى إيجاد التوازن المطلوب دون تدخل الدولة، التى يجب أن تسعي إلي توفير المناخ الآمن لاستقرار السوق. وهذا هو سر نجاح الفكر الرأسمالى لأنه يتعامل بموضوعية مع أبجديات الفكر والواقع ولا يصطدم مع الأيديولوجيات السائدة، حيث ينظر إليها كمرتكز استقرار فى المقام الأول. وهذا ما غفلت عنه النظرية الاشتراكية فسقطت. وكان سقوطها درساً قاسياً لدول تبددت ثرواتها وشعوب تبخرت أحلامها بشعارات قومية واهية، فضعف الطالب والمطلوب.
    وارتكاز النظام الاقتصادى العالمى الجديد علي مبدأ اقتصاد السوق وسعى دول العالم لتحرير اقتصاداتها هو تأكيد علي استحقاقات منظمة التجارة العالمية التى تتطلع كل منها إلي الانضمام إليها، وهى التى لا تعدو عن كونها إطار قانونى لنظام تجارة عالمى متعدد الأطراف يهدف إلي خلق منافسة مفتوحة وعادلة وغير مشوهة. وهذا هو فى الواقع مربط الفرس فى الحد الفاصل بين تحقيق اقتصاد السوق وتدخل الدولة فى النشاط الاقتصادى. وهذا هو أيضاً ما رمي إليه آدم سميث فى عرضه للنظرية الاقتصادية. وهذا الحد الفاصل هو الذى يمكنه أن يطلق عنان المبادرات الفردية، وهى عصب الاقتصاد، أو أن يخنقها ويئدها عند ولادتها. ذلك لأن تدخل الدولة فى النشاط الاقتصادى يعنى التدخل فى آلية السوق، وهذا التدخل ينعكس سلباً بالضرورة علي أداء الاقتصاد. وهذا الأداء هو ما تنبهت إليه السيدة مارجريت ثاتشر، رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، فى مطلع الثمانينات عندما بدأت بفكرة التخصيص لتقود بمبادرتها التصحيحية العملية دول العالم إلي التخلص من الأنشطة التجارية التى تمتلكها أو تديرها الدولة لصالح القطاع الخاص. وهى مبادرة عملية ترتكز إلي مفاهيم علمية تتفق مع الرؤية التى طرحها آدم سميث فى كتابه ثروة الأمم. والتخصيص بمفهومه المؤسسى هو تخصيص القطاع الخاص بامتلاك وإدارة وتشغيل الأنشطة التجارية، وهو بالضرورة إلزام للدولة بالتركيز علي مهامها الرئيسية فى الدفاع والأمن والخدمات العامة. وفى هذا التوزيع يتحقق للاقتصاد ترشيد وحسن استغلال موارده المتاحة.
    وإذا ما تدخلت الدولة فى النشاط الاقتصادى، فإنها بالضرورة تخلق مناخاً معارضاً لقيام منافسة مفتوحة وعادلة وغير مشوهة؛ وهى أهم أهداف منظمة التجارة العالمية. والسبب فى ذلك هو أن هيكل التكاليف فى المشروعات التجارية التى تديرها الدولة يختلف كلياً عن تلك التى يديرها القطاع الخاص، إذ تميل الكفة لصالح القطاع الخاص. وهنا يكون التعارض فى المنافسة صريحاً وتصبح غير مكتملة فيختل توازن السوق وتضيع آلية العرض والطلب ويدفع الاقتصاد فى النهاية الثمن. ذلك هو الحد الفاصل الذى يجب أن تتنبه له أى دولة تبحث لها عن موقع متقدم بين عالم تجاوز كلمات العاطفة وتمسك بلغة الأرقام، وهى لغة لا تعرف التجمل أو المواربة. والعاقل من اتعظ بغيره.

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()