نعم .. للاستثمارات الأجنبية
فى عالم اليوم.. والاقتصاد الجديد.. وثورة الإنترنت.. وتحـرير الاقتصاد.. وحـرية التجارة.. واستحـقاقات منظمة التجارة العالمية، لم يعد انتقال رؤوس الأموال بين الدول ترفاً استثمارياً تستخدمه الدول المتقدمة وتنفرد به، بل أصبح مطلباً ملحـاً للدول النامية تسعي من خلاله إلي زيادة معدلات النمو الاقتصادى وتحـسين أداء الاقتصاد بجلب التقنيات والخبرات الفنية والتسويقية وأساليب الإدارة الحـديثة. فالاستثمارات الأجنبية هى وسيلة عملية لربط حـركة رؤوس الأموال بنقل التقنية وتوسيع حـجم السوق المحـلية والنفاذ إلي الأسواق العالمية.
وتحـقيقاً لهذا المطلب، تسعي الدول إلي تعديل أنظمتها الاقتصادية بهدف تحـسين البيئة الاستثمارية واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية. ووفقاً لتقرير الاستثمار العالمى الصادر من الأمم المتحـدة عام 1996م، فقد بلغ عدد الدول التى عدلت أنظمتها الاقتصادية لهذا السبب 64 دولة. وأشار تقرير البنك الدولى لنفس العام إلي أعلي 12 دولة نامية فى استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وهى بالترتيب؛ الصين، المكسيك، ماليزيا، البرازيل، إندونيسيا، تايلاندا، الأرجنتين، المجر، بولندا، كولومبيا، تشيلى، وجمهورية التشيك.
هذه القائمة لم تتضمن أى دولة عربية. ويبدو أن هذا الوضع الخطأ هو الذى حـفَّز بعض الدول العربية إلي إعادة النظر فى أنظمتها الاقتصادية لتكون أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية فى عالم جديد يعج بالمنافسة الشديدة ويعمل علي تعزيز حـرية الاقتصاد. والراصد المتخصص لخطوات التغيير الاقتصادية فى بعض الدول العربية يمكنه أن يلحـظ التوجه العملى نحـو الرغبة الفعلية لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية فى كل من جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية علي وجه التحـديد بحـكم توفر الأسباب الجوهرية التى يمكنها أن تجتذب رؤوس الأموال الأجنبية لاقتصادياتهما، وأهمها؛ توفر الاستقرار السياسى والاقتصادى والأمنى وتوجه الدولتان لاقتصاد السوق وتوفر الموارد الاقتصادية والميزة التنافسية وتنامى دور القطاع الخاص فى تشكيل إجمالى الناتج المحـلى لكلا الدولتين.
ولعل الدول العربية مطالبة فى هذه الحـقبة التنموية أن تشحـذ جهودها لوضع أسس عملية للبدء فى فتح اقتصاداتها أمام الاستثمارات الأجنبية. وإذا كان للدول العربية أن تركن إلي سياسة اقتصادية أكثر انفتاحـاً وموضوعية، فإن عليها أن تنظر فى المرحـلة الأولي إلي تذليل العقبات الكأداء أمام رؤوس الأموال العربية للانتقال بحـرية وأمان بين الدول العربية ذاتها. ولعل فى هذه البداية مخرج من حـالة الإنكفاء التى يعيشها الاقتصاد العربى الكلى ومدخل فى الوقت نفسه نحـو العالم الجديد الذى تتسارع وتيرة التغير فيه ولا تكاد تعطى الفرصة لمن لا يستطيع أن يلتقط أنفاسه بنفس الوتيرة فى عالم لا يتوقف عن الحـركة.. والاستثمار.