بتـــــاريخ : 6/26/2008 1:31:55 PM
الفــــــــئة
  • الاقتصـــــــــاد
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 2667 0


    الاقتصاد السياسي النيوكلاسيكي: المدرسة النمساوية ــــ نظرية المنفعة الحدية

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : apocalypse | المصدر : www.startimes2.com

    كلمات مفتاحية  :
    اقتصاد

    الاقتصاد السياسي النيوكلاسيكي: المدرسة النمساوية

    . نظرية المنفعة الحدية:
    أقام النيوكلاسيك على أساس نظريتهم الذاتية في القيمة نظرية أخرى عرفت بنظرية المنفعة الحدية Marginal Utility Theory وتذهب إلى أن أول وحدة من السلعة تحوز على أعلى قيمة، إذ يكون الاحتياج لها شديدا وبالتالي يكون سعرها أعلى، ويقل احتياج الفرد مع الوحدة الثانية والثالثة من نفس السلعة، وبالتالي تقل قيمة كل وحدة زائدة حتى نصل إلى وحدة أخيرة تحوز على أقل نفع وبالتالي أقل سعر ممكن تصوره. ويقول النيوكلاسيك إن الإنتاج ينظم حسب أقل سعر وفقا لهذه النظرية. لكن يخلط النيوكلاسيك بذلك مجال الإنتاج مع مجال التوزيع. إن نظرية المنفعة الحدية يمكن أن تكون صحيحة ونافعة لتاجر التجزئة، لكنها لا تصلح أساسا لصياغة نظرية اقتصادية. إنها تصلح لتفسير سلوك البقال، لكنها لا تصلح لتفسير سلوك المنتج. صحيح أن فائدة الوحدات المتتالية لنفس السلعة تتناقص، لكن هذا لا ينطبق إلا على المستهلك وفي حالات خاصة، ولا ينطبق على المنتج.
    تعطينا نظريات النمساويين وهما بأنهم يعطون الأولوية للقيمة الاستعمالية (الفائدة والنفع الفردي الاستهلاكي) ويلحقون بها القيمة التبادلية (سعر السلعة في السوق)، وهم بذلك كأنما يصدرون وعدا بألا يعاملوا السوق على أنه مجرد وسيط للحصول على قيمة تبادلية وحسب، أي على أرباح وتراكم رأسمالي بالتالي، بل على أنه كذلك وسيلة لإشباع حاجات الأفراد. وهم بذلك إنما يحاولون وضع بديل عن التحليلات الماركسية للقيمة الزائدة التي تختفي تماما من أعمالهم اختفاء مقصودا ومنهجيا، نظرا لأن مناقشة قضية القيمة الزائدة سوف يجرهم رغما عنهم إلى الأرضية الماركسية، وهو ما كانوا يتجنبونه بحذر.
    وقد تعرضت هذه النظرية لنقد حاد على يد عالم الاقتصاد والاجتماع الأمريكي ثورشتاين فبلن. يذهب فبلن إلى أنه إذا كانت كل وحدة جديدة من نفس السلعة تقل في منفعتها عن الوحدة السابقة لدى المستهلك، فإن المنتج تزيد لديه قيمة كل عنصر جديد مضاف لعملية الإنتاج. لكن يطبق النيوكلاسيك المنفعة الحدية على الإنتاج ويقيمون نظرية في الإنتاج الحدي، ويعتقدون أن كل عامل مضاف إلى العمال السابقين يكون إسهامه أقل في الإنتاج وبالتالي يكون أجره أقل، وهم بذلك يبررون خفض الأجور بحيلة نظرية. في العالم الحقيقي يتم خفض الأجور لا لأن إسهام العامل المضاف يكون أقل من سابقه بل للمحافظة على هامش ربح مناسب لرأس المال. ويتم التعبير عن المحافظة على الأرباح في علم الاقتصاد لا بنفس الاسم الصريح بل بإسم آخر يصرف النظر عن الربح ويوجه الانتباه للسعر، إذ تصبح "المحافظة على الأرباح" "محافظة على الأسعار" Maintaining Prices ، لأن المحافظة على الأسعار السائدة يضمن المحافظة على الأرباح التي حددها رجال الأعمال.
    يكشف فبلن عن مسلمة ضمنية في نظرية المنفعة الحدية بتناوله لصيغتها لدى المدرسة النمساوية وخاصة لدى مؤسس المدرسة كارل منجر، إذ افترضت أن المنتج بائع مباشر للمستهلك، والشاري مستهلك مباشر وأخير للسلعة. وهذا في نظر فبلن يلغي دور السوق وينظر إلى المعاملات النقدية على أنها مجرد وسيط للتبادل، وبالتالي تأتي نظرية المنفعة الحدية وتقول إن سعر السلعة، بما يتضمنه هذا السعر من تكاليف إنتاج، يتحدد بالقياس على أقل سعر لآخر وحدة منها، وأقل سعر هو أقل ما يمكن أن يدفعه المستهلك فيها، وهي بذلك تفترض أن المنتج هو الذي يباشر عملية البيع مباشرة للمستهلك، وهذا غير صحيح. هذا الإلغاء للسوق باعتباره وسيطا بين المنتج المباشر والمستهلك الأخير يتم على مستوى النظرية فقط والواقع عكس ذلك تماما.
    لكننا نستطيع تطوير وجهة نظر فبلن هذه ونقول إن الاحتكار يعمل على اختزال المسافة بين المنتج المباشر والمستهلك الأخير، لأنه يعمل على السيطرة على كل مراحل دوران السلع، فالاحتكار هو أن يسيطر المنتج، الذي هو الشركة الاحتكارية، على السوق وعلى حركة النقود، والسيطرة الاحتكارية على السوق تعني إلغائه باعتباره مجالا محايدا لتحديد السعر، وتعني كذلك أن يمارس المنتج الاحتكاري دور تاجر التجزئة ولا يترك أي مرحلة في دورة السلع لغيره؛ ولذلك لاقت نظرية المنفعة الحدية رواجا مذهلا ابتداء من العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر وطوال القرن العشرين، وهي نفس فترة ظهور الاحتكارات، لأن هذه النظرية تخدم الاحتكار جيدا بكشفها عن مبدأ جديد لإدارة السوق والسيطرة عليه، فهي تلغي السوق المحايد على المستوى النظري بإعطائها توجيها للمنتج بكيفية تحديد سعره إذا أراد أن يسيطر على السوق. لقد ألغت المسافة بين المنتج المباشر والمستهلك الأخير على مستوى النظرية، وكان هذا الإلغاء هو ما تحاول الاحتكارات الناشئة القيام به بالفعل، وبذلك تلاقت النظرية مع الواقع في نوع من التشابه العضوي أو المختار Elective Affinity . ولذلك تبنى علم الاقتصاد السائد تلك النظرية وهو مدعم بسند واقعي مما كان يحدث بالفعل. لا يمكن أن تُلغى المراحل الوسيطة بين المنتج والمستهلك إلا في ظل السيطرة الاحتكارية عليها، أي على السوق. وهكذا أصبحت نظرية المنفعة الحدية هي الأداة النظرية والحسابية الأساسية لعلم الاقتصاد المعاصر الذي هو اقتصاد احتكارات في الأساس.
    تعبر نظرية المنفعة الحدية عن الوعي العام الشائع لرجال الأعمال، إذ يمكن التعبير عنها بكلمات عامة كما يلي: المنتج ينتج سلعا بهدف الربح، لكنه يحسب هذا الربح على أساس القدرة الشرائية للمستهلك، وكلما كان المستهلك مستعدا لدفع سعر أعلى في السلعة كان ربح رجل الأعمال أعلى؛ ويستعد المستهلك لدفع سعر أعلى في السلعة كلما كان أكثر احتياجا لها. وأخشى ما يخشاه رجل الأعمال هبوط الأسعار لأنه يعني هبوط أرباحه، وهبوط الأسعار يأتي من زيادة عرض السلع، وبالتالي يمنع رجل الأعمال هبوط الأسعار بحبسه للإنتاج والسيطرة عليه. ولأن هدف رجل الأعمال الربح فإن القضية التي تشغله هي أقل سعر يمكن أن تباع به السلعة في السوق. ولأن السوق حر ويسير نفسه بنفسه فيجب بالتالي البحث عن السبب الذي يجعل سعر السلعة يهبط إلى أدنى حد لها. وأدنى حد لسعر السلعة هو أدنى حد لاحتياج المستهلك لها. عندما لا تكون سلعة معينة نافعة للمستهلك فلن يشتريها أصلا، وبذلك لن تتصف تلك السلعة بالمنفعة الحدية لأنه ليس لها نفع من البداية؛ سلعة المنفعة الحدية هي السلعة ذات المنفعة لكنها المنفعة القليلة للغاية التي تؤدي إلى هبوط أسعارها.
    وهنا تتحول النظرية الاقتصادية إلى الرياضيات؛ فعن طريق المسائل الرياضية والرسوم البيانية وخطوطها المنحنية الصاعدة والهابطة توضح النظرية اتجاه الأسعار نحو الصعود أو الهبوط بالتناسب مع الكمية المعروضة من السلع والطلب عليها، ذلك الطلب الذي هو الاسم الآخر للمنفعة الحدية. وهنا بالضبط يكمن خطأ الاقتصاد النيوكلاسيكي، لأن المنتج في العالم الحقيقي لا ينتج سلعته ويبيعها حسب منفعتها الحدية، أي حسب أقل سعر لها في السوق. إن المنفعة الحدية هي الكارثة التي يتجنبها المنتج باستمرار لأنها تعني أقل سعر لسلعته وبالتالي تقلص واختفاء هامش ربحه، إذ يمكن أن تصل المنفعة الحدية للسلعة إلى أقل من سعر إنتاجها. تعبر نظرية المنفعة الحدية عن النقطة التي يخسر عندها رجل الأعمال، وكأنها تقول له: "هنا تخسر ولذلك تجنب الوصول إلى هذه النقطة"، ويتم تجنب الوصول إلى المنفعة الحدية بحبس الإنتاج خوفا من أن يؤدي الإنتاج الوفير إلى هبوط في الأسعار. إن نظرية المنفعة الحدية هي في حقيقتها توجيه لرجال الأعمال.

    كلمات مفتاحية  :
    اقتصاد

    تعليقات الزوار ()