الأسباب الأكثر شيوعا للعقم
يفشل عشرة أزواج من بين كل مائة في بريطانيا في تحقيق الحمل بعد انقضاء سنة واحدة من الجماع المنتظم غير المعاق بوسائل منع الحمل ، وهناك أسباب عديدة جدا للعقم أو الخصب المنخفض ؛ ولذلك سنتحدث هنا فقط عن الأسباب الأكثر شيوعا ، ومن بينها الإنتاج الخاطئ للبيضات أو المني والبنيات الشاذة للقناة التناسلية والعوامل النفسية كالإجهاد والقلق .
تحديد المشكلة
إذا لم تحملي خلال 12 شهرا من الجماع المنتظم يجب أن تراجعي الطبيب أنت وزوجك ، وسيدرس الطبيب أولا إذا كانت وتيرة الجماع مناسبة بدرجة كافية ، وإذا كان الجماع يتم في وقت مناسب للأيام الخصبة عند المرأة ، وإذا كنت تعانين من صعوبة نفسية أو جنسية تحتاج إلى علاج خاص .
الفحص الأول
يتمثل الفحص الأول للشريك الذكر بإجراء فحص مجهري للسائل المنوي ؛ لتحديد عدد البذور الصحية فيه ، حيث يساهم عدد كبير من العوامل في خفض عدد تلك البذور ، ومن بينها الإجهاد العاطفي ، والإرهاق في العمل ، والتعب ، والإفراط في شرب الكحول ، وارتفاع درجة الحرارة في الصفن ( وعاء الخصيتين ) ، وتعتبر دوالي الحبل المنوي السبب الغالب في انخفاض عدد البذور المنوية ، ويمكن تصحيح ذلك بعملية جراحية في نصف عدد الحالات التي تؤثر على درجة الخصب ، وفي بعض الحالات يمكن أن يؤدي العلاج بالهورمونات أو بالأدوية إلى إنتاج المني ، ولكن إذا لم توجد أية بذور في السائل المنوي ، يؤكد فحص عينة حية من النسيج الخصيوي ما إذا كان الجسم ينتج هذه البذور المنوية أم لا ، ويمكن إجراء عملية جراحية لفتح أي انسداد في مسالك المني ، ولكن لا يمكن القيام بشيء عندما يكون عدد البذور في السائل المنوي قليلا جدا أو عندما تكون البذور نفسها غير طبيعية .
الفحص الثاني
إذا كان إنتاج المني والقذف طبيعيين يتوجه الفحص الثاني نحو التأكد من أن الجهاز التناسلي عند الأنثى يعمل بصورة طبيعية ، حيث يجب أن ينتج هذا الجهاز بويضات لتحمل المرأة وتحدث عملية التبييض ، أي تلقيح البويضة التي أطلقها أحد المبيضين خلال سيرها البطيء داخل قناة فالوب ، وهذا يستغرق عادة حوالي 14 يوما ، بعد عملية التبييض ينتج المبيض هورمون البروجيستيرون الذي يغير تماسك قوام المخاط في عنق الرحم وبطانة الرحم . لهذا السبب يأخذ الطبيب عينات من مخاط عنق الرحم وعينة حية من نسيج بطانة الرحم للتأكد من حصول التبييض عند المرأة .
وقد يطلب الطبيب من المرأة تسجيل درجة حرارة جسمها كل صباح ؛ وذلك لأن ارتفاعا طفيفا في درجة حرارة الجسم ( حوالي نصف درجة مئوية ) يحدث مباشرة بعد التبييض ، ومن خلال هذا التسجيل تتمكن المرأة من معرفة فترة الخصب لديها ، وبالتالي تمارس الجماع مع زوجها بهدف الحمل ، وغالبا ما يطلب الطبيب من الزوجين الامتناع عن الجماع لبضعة أيام قبل بداية الأيام الأكثر خصبا عند المرأة ؛ وذلك للسماح بتجمع المني عند الرجل مما يعزز درجة الخصب عنده .
عدم حدوث تبييض عند المرأة
في حالة عدم حدوث تبييض عند المرأة ؛ بسبب عدم إطلاق الغدة النخامية والملهاد للهرمونات الحافزة للتبييض ، يمكن لأحد ( أدوية الإخصاب الهورمونية ) حث هذه الغدد على العمل ، ويصف الأطباء هذه الأدوية القوية الفعالة في ظروف محددة وبموجب تعليمات خاصة تهدف إلى منع الحمل المتعدد ، وبما أن الإخصاب يحصل في قناتي فالوب ، يجب أن تظلا غير مسدودتين أمام تحرك البيضة الخصبة نحو الرحم ، والانضواء في جداره ، ومن المحتمل أن تسبب الالتهابات الحوضية السابقة وجود ندوب في هاتين القناتين وانسدادهما ، الأمر الذي قد يمنع حصول الحمل ، وقد يجرى للمرأة فحص خاص يعرف بتصوير نفير الرحم بحثا عن وجود هذه المشكلة ، ويمكن إزالة الانسدادات الأنبوبية بعملية جراحية ، وأما إذا كانت إزالتها غير ممكنة فيصبح الإخصاب في الأنبوب هو الحل ، ومن هذه الطريقة تؤخذ بويضة ناضجة من رحم المرأة وتخصب بمني الزوج في المختبر .
وبعد أن تصبح البويضة مخصبة تعاد إلى رحم المرأة حيث تنمو بطريقة طبيعية .
التلقيح الصناعي
إذا كانت مشكلة الإخصاب عند الزوجين غير قابلة للحل يتوفر لهما إمكانية التلقيح الصناعي في هذا الإجراء تدخل المرأة بنفسها المني إلى عنق رحمها بواسطة أداة خاصة أو تدخله مباشرة في الرحم .
وإذا كان مني الرجل خصبا ولكن الحمل لا يتم بسبب الصعوبة في الانتصاب أو القذف المبكر ، تستطيع المرأة أن تدخل المني بنفسها في قناة الرحم .
وإذا كان عدد البذور المنوية في مني الرجل قليلا يمكن تركيزها وإدخالها وفق هذا الأسلوب نفسه .
وأحيانا تتأثر درجة الخصب عند الرجل ؛ بسبب الحساسية المفرطة لمنيته تجاه حموضة مهبل المرأة ، فإذا كان الأمر كذلك يطلق المني مباشرة على داخل الرحم
يشكل انسداد النفيرين – او الانبوبين – احد اهم اسباب العقم عند المرأة ، وهو المرض الاكثر شيوعا بين النساء المصابات بالعقم . فقد دلت الاحصاءات ان حوالي 50-60% من النساء اللواتي يعالجن من العقم يشكين من انسداد في الانابيب الرحمية سببه الالتهابات المزمنة على اختلاف مصادرها ، وهو يكلف الانسانية جهودا مادية باهظة .
إن الامراض الشائعة و المنتشرة ، كالامراض الزهرية على انواعها ، و السل ، و امراض الحمى الباطنية ، و التهابات الزائدة الدودية ، و امراض العدوى الانتقالية في سن الطفولة ، كل هذه الامراض اذا لم تعالج معالجة صحية و فعالة ، تجتاح جرثومتها غشاء النفيرين الداخلي ، الرقيق النحيف للغاية ، فتجعله يلتهب و يتضخم ، و يعقب هذا التضخم آلام شديدة و حمى في الجسد . بعد ذلك تتشكل في النفيرين التصاقات و جيوب من السائل الدموي او القيح الذي يسبب بمرور الزمن ، ندوبا تضيّق الاغشية و تشوه بشرتها ، و تزيل الاهداب الناعمة التي تغطي باطن النفيرين ، و التي من شأنها مساعدة البويضة على عبور النفيرين و الجسر المعلق بين الرحم و المبيض ، الذي كان مركز التقاء البويضة بالحيوان المنوي و قد غدا مجرد عضلة هزيلة يستحيل دخول البويضة و المني اليه لأن لا ثقب فيه و لا ممر ، و بذلك تصبح المرأة المصابة عاقر .
اذا لم تراع ، في الاجهاض الشروط الصحية ، وقواعد التعقيم اللازمة ، يصبح سببا من اهم اسباب العقم . فعلى أثر الاجهاض الملوث ، و مضاعفات الولادة الملوثة و حميات النفاس ، تنتشر الجراثيم في المسالك التناسلية و تسبب فيها التقرحات و الالتصاقات ، و بالتالي انسداد الانابيب الرحمية ، ناهيك عن اعتلال صحة المرأة و تعرضها للانتكاس .
يجب الاعتراف بأن علاج هذا النوع من العقم هو الاكثر صعوبة و تعقيدا من غيره ، و يتطلب من الطبيب الاخصائي مهارة فائقة و معرفة عميقة و دقيقة لمجريات الامور . و تكون المعالجة إما بالادوية او بالجراحة المجهرية ، لكن تبقى الجراحة المجهرية – او الجراحة بالمنظار – كما دلت التجارب ، هي سيدة الموقف نظراً للالتصاقات و الانسدادات التي يولدها الالتهاب . و بالطبع فإن لكل حالة من الحالات معالجة خاصة بها حسب نوع الانسداد و مشكلاته .
فالانسداد يمكن ان يصيب انبوبا واحدا او الانبوبين معا ، او يكون كاملا او جزئيا . ولعل من اصعب الحالات تلك التي يصاب فيها بالانسداد الجزء النصفي من الانبوب المتصل بالرحم ، اما اذا كان الانسداد كاملا في النفيرين فيكون العلاج مستحيلا . و اذا كان النفيران مسدودين في طرفهما القريب من المبيض ، فإن باستطاعة الجراح فتح الاقسام المسدودة او إعادة زرع الجزء السالك في الرحم ، و كذلك تحرير المبيض مما تعلق به من التصاقات ، و اصلاح انحراف الرحم ، و قطع الانسجة الزائدة ، و تحرير الندوب ، ولكل حالة من الحالات جراحتها ، و لكن انسداد علاجه ، و لكن لتحديد الدواء يجب قبل كل شئ تشخيص الداء .
و في هذا المجال علينا ان لا ننسى المعالجة بأشعة الليزر التي بدأت تشق طريقها بنجاح في السنوات الاخيرة