إنني طالب طب، والتحقت بهذه المهنة من أجل خدمة إخواني المسلمين وأخواتي المسلمات، هل يجوز لي الكشف على النساء؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فمن حكمة الله تعالى أن فطر الإنسان على الحياء من كشف العورة؛ لأن كشفها يؤدي إلى الريبة والفساد، ولذا فإن ما يوجد في البلاد التي انحرفت عن الفطرة من الجرائم الخلقية والتحرشات نتيجة حتميّة للتعري المنتشر فيها.
ومع أن ستر العورة واجب إلا أنّه يسوغ كشفها عند بعض الضرورات، ومنها التداوي؛ لأن كل محرم يباح عند الضرورة كما قال تعالى: "وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ" [الأنعام:119].
وهذه الإباحة تشرط لها شروط وهي:-
1- عدم وجود النظير: فمن قواعد الشريعة أن نظر الجنس إلى الجنس نفسه أخف من نظره لجنس آخر. فالأصل أن تعالج المرأة مثلها، والرجل مثله. أما عند عدم حصول المقصود منه فينتقل للجنس الآخر إذا كان يحصل به المقصود.
عن الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ قالت: كنا مع النبي –صلى الله عليه وسلم- نداوي الجرحى. صحيح البخاري (2882). فقال ابن حجر: فيه جواز معالجة المرأة الأجنبيّة للرجل الأجنبي للضرورة.
2- عدم الخلوة؛ إذ الخلوة بين الرجل والمرأة محرمة، وإباحة النظر للحاجة لا يبيح الخلوة.
3- أن لا ينظر إلا إلى ما لا بد منه: لأن ما أبيح لحاجة يقدّر بقدرها.
وأما المتعلم للطب فهو كالطبيب فيما تقدَّم لا فرق. فيجوز لك أخي السائل بالشروط السابقة النظر للنساء اللاتي يحتجن للعلاج، ولا يجدن إلا طبيباً بشرط عدم الخلوة، وأن لا تنظر إلاّ إلى مواضع المرض وما يحتاج لنظر.
والله الموفق والهادي.
د. هاني بن عبدالله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة