كثير منا يفرح جدًا حين يجد طفله ممتلئًا ويعتبر زيادة وزن أي طفل دليل على صحته وجماله وذكائه، وهذا من المعتقدات الخاطئة المترسخة في أذهان الكثيرين، حيث إن الطفل البدين أقل حركة ونشاطًا من أمثاله من الأطفال النحفاء.
هل تعلم أن السمنة عند الأطفال قد تؤدي إلى مشكلة جدية عند البلوغ وتزيد من مخاطر التعرض لأمراض القلب والموت المُبكر بسبب قلب مريض؟
وهذه ليست تنبؤات بل بيانات قوية معتمدة على دراسة على مدى طويل لـ 10235 رجل و 4318 امرأة وُلدوا في كوبنهاجن بالدنمارك من عام 1930 إلى 1976.
وخُلاصة هذه الدراسة: أن سمنة الأطفال بعد تجاوزهم لعمر السبعة سنوات تزيد من مخاطر تعرضهم لأمراض القلب في عمر البالغين، وكلما زاد مُعدَّل كتلة الجسم كلما زادت هذه المخاطر.
أهم أسباب سمنة الأطفال:
وإذا حاولنا أن نفتش عن العوامل التي تقود إلى إصابة الطفل بالسمنة نجد أهمها التالي:
- إعطاء الطفل أغذية غير الحليب في مرحلة الإرضاع، وبشكل عام تعد الرضاعة الطبيعية سببًا كبيرًا في الحفاظ على الطفل من السمنة مستقبلًا حيث أكدت جميع الدراسات والأبحاث على وجود علاقة بين الرضاعة الصناعية وزيادة وزن الأطفال.
- إلحاح الأم على طفلها لكي يأكل، أو تلبية طلباته.
- العاد السيئة عند كثير من الآباء بإسكات أطفالهم وإلهائهم عند بكائهم بأنواع مختلفة من الحلوى أو الشيكولاتة أو الأغذية الغنية بالسعرات الحرارية، وكذلك مكافأتهم بها.
- إهمال تناول وجبة الفطور والمبالغة في التهام الطعام في وجبتي الغداء والعشاء.
- إدمان الوجبات السريعة والمشروبات السكرية والغازية.
- قلة النشاط الرياضي.
- قضاء ساعات عديدة في وضع الجلوس أمام الشاشة الصغيرة أو الكومبيوتر أو ألعاب الفيديو.
- قلة ساعات النوم.
الوقاية خير من العلاج:
كما يقال دومًا الوقاية خير من علاج، فلا بد أن نحاول أولًا حماية أطفالنا من السمنة قبل فوات الأوان، والحماية تبدأ من فترة الرضاعة، ولكن إن وقع فيها الطفل فلا بد أولًا من استشارة الطبيب فهذه خطوة هامة قبل البدء بتخيفض الوزن عند الطفل.
هناك ثلاث قواعد أساسية لا بد من مراعاتها لمعالجة بدانة الطفل:
القاعدة الأولى:
عدم تنحيف الطفل الذي يعاني من السمنة؛ لأن الطفل ينمو ويطول، ولذلك يجب الاستفادة من هذه الديناميكية لبلوغ الوزن المناسب مع طول مناسب .
القاعدة الثانية:
إدخال تعديلات جوهرية على عادات الطفل الغذائية، وهناك جملة من النصائح المفيدة على هذا الصعيد:
- يجب حث الطفل على شرب الحليب أو تناول أحد مشتقاته، أو تناول حبة فواكه، أو أخذ كوب من العصير الطازج الطبيعي بين الوجبات بدلا من الحلويات، والحذر من إعطاء البسكويت بشكل عشوائي وغير مقنن فهو غالبًا ما يكون مدججًا بالدهن والسكريات، مما يعرقل عملية إنقاص الوزن.
- تحديد الكمية المتناولة في وجبات الغداء والعشاء.
- الإكثار من الأغذية الغنية بالألياف مثل الحبوب الكاملة والبقوليات والخضروات، فهي تقلل من الشعور بالجوع.
- تفادي الأكلات المقلية والمدهنة.
- تعويد الطفل على مضغ طعامه جيدًا إذ يقلل هذا من استهلاك المزيد من الأكل.
- حث الطفل على شرب الماء، والابتعاد عن المشروبات الغازية والمحلاة.
- إبعاد اللبان عن الطفل لأنه يعوِّده على أن يكون فمه ممتلئًا طوال الوقت.
- الانتياه إلى مصروف الطفل فهو غالبًا ما يستعمله لشراء الحلويات والمأكولات التي تزيد من وزنه.
- من المهم جدًا أيضًا مراعاة شكل وألوان وطريقة تقديم الطعام للأطفال، فحُسن التقديم سيساعد كثيرًا في تقبل الطفل للطعام الصحي.
القاعدة الثالثة:
تشجيع الطفل على الحركة وممارسة النشاط الرياضي، لإبعاده عن عالم التلفاز وأجهزة الكومبيوتر وألعاب الفيديو، فالطفل الذي يمارس الرياضة يصرف تفكيره في شيء مفيد له بعيدًا عن الطعام.
همسة للآباء
ابدءوا بأنفسكم حتى تحافظوا على صحة أطفالكم، فبشكل عام يأخذ الطفل عاداته الغذائية من أسرته لذلك تقع المسئولية بشكل كبير على الأبوين وبخاصة الأم، حيث إن ما لا يقل عن 30% من سمنة الأطفال تكون سببها الأم، لذلك احرصوا على أن تورثوا أطفالكم أسلوب حياة صحي، لتنعموا وينعموا بحياة بلا أمراض.
ماذا تقدمين لطفلك من طعام؟
الأم مصدر الحنان وكذلك مصدر الطعام منذ أن نوجد على هذه الدنيا، ولذلك لا بد أن تتعلمي كيف تطعمين أسرتك وخاصة أطفالك، وفي هذا الصدد إليك النصائح التالية:
يحتوي الطعام على البروتينات والدهون والفيتامينات والمعادن والألياف الغذائية والماء، وطفلك في حاجة لكل هذه الأشياء من أجل نموه وصحته ونشاطه وسلامة هضمه، ولما كان أي طعام أو نوع واحد من الأطعمة خاليين لوحدهما من كل هذه المواد مجتمعة، لذلك ينبغي إعطاء الطفل وجبات يومية ذات مقادير صحيحة محتوية على نصيب من الفئات الغذائية التالية:
فئة الحليب:
ثلاث أو أربع وجبات يوميًا وهي تشمل الحليب والجبن، هذه الفئة تمد الجسم بالبروتين اللازم لتطوير العضلات والنمو، كما تمده بالمعادن (الكالسيوم والفوسفور) اللازمة لسلامة العظام والأسنان وبالفيتامين أ والريبوفلافين وفيتامين د.
فئة اللحوم:
وجبتان أو أكثر يوميًا، وهي تشمل جميع أنواع اللحوم والحليب والجبن، وهذه الفئة تمد الجسم بالبروتين كما أنها تحتوي على الأحماض الأمينية اللازمة لتطوير العضلات والنمو.
فئة الخضروات والفواكه:
أربع وجبات أو أكثر يوميًا وتشمل على الأقل نوعًا واحدًا من الخضروات الصفراء أو الخضراء، ووجبة واحدة من الحمضيات أو عصيرها، وهذه تمد الجسم بالفيتامينات، كما أن الخضروات والفواكه النيئة تمد الجسم بالألياف الغذائية والكتل الضرورية لتحسين أداء الأمعاء.
فئة الخبز والحبوب:
ثلاث وجبات يوميًا وتشمل الخبز والحبوب والشعيرية والأرز والمعجنات، وهذه تمد الجسم بالطاقة، كما أن الخبز المصنوع من القمح الكامل والحبوب التامة هي من المصادر الممتازة للفيتامين ب والحديد.
إن النقص المستمر ولو في واحدة من الفئات الغذائية السابقة الذكر قد يؤدي إلى نقص في التغذية، فإذا لم يصحح هذا النقص فإنه قد يحول بين صغيرك والنمو والتطور تطورًا صحيحًا.
الوجبات الخفيفة:
وهذه أيضًا يمكن أن تسهم في التغذية الصحيحة إذا ما أحسن اختيارها، قدمي لطفلك بشكل منتظم الفواكه وشراب التفاح إلخ، وفيما يختص بالوجبات الخفيفة بين الوجبات الرئيسية - التي قد يحتاج إليها الطفل الكثير النشاط في الضحى والعصر وقبل النوم - احرصي على أن يكون متوفرًا لديك دائمًا بيض مسلوق تام السلق وخضروات نيئة ولا سيما الجزر والكرفس وجبن وفواكه ولحوم باردة، وينبغي الإقلال من الكعك والحلويات فلا تعطى إلا نادرًا وبكميات محدودة.
ويجب أن نحذر من فرض ريجيم على الطفل بدون إشراف طبي، فالطبيب يستطيع وضع برنامج غذاء مناسب لطفلك، وهو الذي يحدد المقدار الذي يجب تناوله في كل وجبة، ويستطيع أن يوصي باتباع برنامج منتظم للنشاط الاجتماعي والجسماني بما في ذلك رياضة السير على الأقدام من البيت إلى المدرسة والعودة منها كلما كان ذلك ممكنًا، والسباحة وسواهما.
وتذكري دومًا :
أن كل شكل من أشكال التغذية يمكن أن يرافق طفلك طوال حياته، فالصغير الذي يعتاد الإسراف في الطعام، أو تناول الأطعمة لغير غرض سد الجوع، أو الإكثار من الوجبات الخفيفة قد تلازمه هذه العادة إلى الأبد، كما أن جسمه قد يصبح معدًا لاختزان الشحم والدهن، مما يجعله منهمكًا طوال حياته في مكافحة البدانة.
إعداد: إيمان بدوي