ما هو الهدف الذي تسعى كرة القدم الإماراتية أن تصل إليه على صعيد المنافسة والنتائج؟، هذا سؤال مهم باعتقادي يجب أن تكون إجابته واضحة ومفهومة لجميع شرائح الشارع الرياضي. هل الهدف هو تسيد الكرة
الآسيوية، والتفوق على القوى الكبيرة فيها، اليابان وكوريا الجنوبية وإيران والسعودية ؟، هل نسعى للوصول إلى كأس العالم باستمرار، كما فعلت هذه المنتخبات؟.
هل نسعى للفوز بكأس آسيا للمنتخبات والأندية بشكل متتال كما يفعلون؟ أم أننا نسعى فقط لاستغلال أي وكل
فرصة تلوح لنا لتحقيق إنجاز بوجود جيل متميز من اللاعبين “جيل الطلياني وجيل الأولمبي الحالي”، أو فترة تفوق وتميز في أحد أنديتنا “العين المتوج بكأس آسيا والجزيرة حالياً”؟.
أغلب ما يتم تداوله في شارعنا الرياضي من آراء وردود فعل يرجح كفة الاحتمال الأول، بدليل أننا حتى اليوم، وطوال سنوات عديدة، نجد من يحرم علينا الاعتزاز والفخر ببطولة نادي العين، وضرب المثل بها
قائلاً – كما سمعت في أحد استوديوهات التحليل مؤخراً - إن هذا أمر استثنائي و”حالة خاصة”، لا تعبر عن حقيقة كرة الإمارات!، والأمر نفسه حدث مع إنجاز الصعود لكأس العالم الذي كثيراً ما وصفوه بأنه حالة
استثنائية، وأقرب للصدفة. وهذه النغمة السائدة والمهيمنة من وجهة نظري هي السبب في تكريس وتعميق
الشعور الدائم بالإحباط في شارعنا الرياضي، فما دامت منتخبات وأندية اليابان وكوريا وإيران والسعودية أفضل منا وتملك إنجازات لا تقارن بإنجازاتنا فعلينا أن نظل محبطين ومتقمصين أعراض الهزيمة.
التفوق الدائم في كرة القدم يحتاج الى عوامل ومقومات كثيرة، من أهمها العامل السكاني الذي يؤثر بقوة في بقية العوامل . والتفاوت في الإمكانات والمقومات بين البلدان هو الذي جعل منتخبات وأندية بلدان مثل ألمانيا
وإنجلترا وإسبانيا وإيطاليا تتحول إلى قوى تقليدية في أوروبا، على مر العصور تحتكر معظم الألقاب، ولكن هذا لم يمنع بلدان أخرى مثل هولندا وفرنسا والدنمارك والبرتغال، متى تحين الفرص لتسجيل حضورها
مستغلة ظهور جيل ذهبي- جيل كرويف ثم جيل باستن الهولنديين، وجيلي بلاتيني وزيدان الفرنسيين، أو جيل
الأخوين لاودروب في الدنمارك-، أو صعود نجم نادٍ معين بين فترة وأخرى، كأياكس الهولندي في السبعينات وبنفيكا البرتغالي في الستينات.
الحلم ورفع سقف الطموحات أمر إيجابي، وهو المحرك الفعال لتحقيق الإنجازات الكبيرة، ولكن هذا لا يعني أن نستصغر إنجازاتنا ونحجمها، فكونها عارضة ونتاج “حالة خاصة”، فهذا يحسب لنا لا علينا، ويدل على
قدرات من وقفوا خلفها وحجم جهودهم. كما يجب علينا الانتباه إلى أن تحويل مسألة تكرارها إلى مهمة مستحيلة بربطها بتغيير الواقع كلياً يجعلنا نفوت فرص تكرارها . فنادي الجزيرة حالياً يملك كل المقومات
الفنية والمادية والمعنوية التي امتلكها جيل العين الذهبي، وبإمكانه أن يكرر الإنجاز نفسه، لو اتخذ القرار وأعد له العدة.
وبغض النظر عن الأسباب التي منعت مدرب الجزيرة من وضع المنافسة على البطولة الآسيوية كهدف، فقد ضيعنا سنة واحدة على الأقل، ولا يجب علينا أن نضيع المزيد لكي تسجل كرة الإمارات إشراقة جديدة لها
على مستوى القارة. ويكفينا بقاء نادٍ من الدرجة الأولى في صلب المنافسة، مع أفضل أندية إيران والسعودية، مؤشراً لنتخلص من أوهامنا التي جعلتنا ننسى أن العزيمة والإصرار والقتالية يمكنها صنع الكثير.