قوله: [وسترهما لمحل الفرض ولو بربطهما].
فإن ظهر منه شيء لم لمجز المسح؛ لأن حكم ما استتر المسح، وحكم ما ظهر الغسل، ولا سبيل إلى الجمع، فغلب الغسل، قاله في الكافي .
الشرح: هذا هو الشرط الثاني من شروط المسح على الخفين وهو: (سترهما لمحل الفرض)، ومحل الفرض هو القدم كلها إلى الكعبين، فلا بد أن يكون الخف ساترا لذلك كله، فتخرج بهذا الخف الناقص الذي يكون تحت الكعبين، وهو ما يسمى في عصرنا (بالكنادر)، فإنها- غالبا- لا تستر القدم، بل تترك بعض محل الفرض ، فلا يمسح عليها.
ويخرج بهذا الشرط أيضا الخف المخرق، فإن الخف إذا كان ساترا إلى نصف الساق ونحوه، ولكن كان في ظهر القدم أو في الأخمص خرق أو خروق يرى منها بعض البشرة، فإنه والحالة هذه لا يمسح على الخف، وقد عللوا ذلك بما يلي:
1- التعليل الأول: أنه لم يكن لابسا خفة يستر محل الفرض.
2- التعليل الثاني: أن ما استتر فرضه المسح، وما بدا وظهر فرضه الغسل؛ ولا يتمكن لابس الخف المخرق من غسل هذه البقعة التي ظهرت مع هذا الخرق، فلا يمكن الجمع بينهما- أي الغسل والمسح- والحالة هذه؛ فلأجل ذلك قالوا: لا يمسح على الخف المخرق، هذا ما ذهب إليه بعضهم .
وذهب آخرون إلى جواز المسح على الخف المخرق، ومنهم: شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- فإنه قد توسع في ذلك وذكر له تعليلين هما:
1- التعليل الأول: أن المسح على الخف المخرق فيه توسعة على المسلمين؛ لاسيما الفقراء، فإنهم أحق بالتسهيل والتيسير، ولو أنه لا يجوز المسح إلا على الخف السالم، لاختص الأغنياء والأثرياء بالرخصة، ولحرم الفقراء والضعفاء منها، فإن غالب خفافهم مخرقة.
2- التعليل الثاني: أن الصحابة كانوا يسافرون أسفارا طويلة ومعهم خفافهم، ولا بد أنها كانت تتخرق من طول السير والاستعمال، ولم ينقل أنهم كانوا يخلعون كل خف مخرق للغسل، وهذا يدل على أن الأصل: المسح على الخف المخرق. فالمختار أنه يمسح عليه مادام ممسكا بالقدم ويحمل مسمى الخف.
لكن إذا كان الحزب كبيرا، فإنه- والحالة هذه- لا يكون ساترا للقدم، فلا يكون لابسا لشيء يغطي محل الفرض، ولأجل هذا لا يمسح على الخف الذي فيه خروق كبيرة.