الشيماء أخت النبي.. إبداع شعري في الطفولة
***************************
هي الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى بن رفاعة رضي الله عنها وأمها هي حليمة السعدية، مرضع النبي صلى الله عليه وسلم، في بن سعد بن بكر بن هوازن.
وكانت الشيماء رضي الله عنها أكبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو خمس أو ست سنوات تقريبا، وقد اشتهرت الشيماء بلقبها واسمهما "حذافة بنت الحارث بن عبدالعزى". وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرضع وهي في زهاء الرابعة أو الخامسة.
وكانت الشيماء شديدة التعلق والحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت تنشد وهي طفلة، من شعرها:
يا ربنا أبق لنا محمدا
حتى أراه يافعا وأمردا
ثم أراه سيدا مسودا
وأكبت أعاديه معا والحُسدا
وأعطه عزا يدوم أبدا
يقول ابن حجر في الإصابة: كان أبو عروة الأسدي إذا أنشد هذا يقول: ما أحسن أجاب الله دعاءها!!
إن المتأمل المتدبر المستقصي في هذا الشعر الرقيق الذي تقوله صبية صغيرة في السادسة أو السابعة من عمرها، يخلص إلى نتائج باهرة بارعة جليلة القدر والأهمية، وذلك لما انطوى عليه هذا الشعر من رقة في الألفاظ، ودقة في المعاني، ورصانة في الرصف، والتركيب، وتماسك في البناء، وقوة وجزالة في الألفاظ، والوصول بها إلى المعاني الجليلة السامية من أقصر طريق.
لا نجد فيها إلا البساطة المبرأة من حشو التعقيد، وثقل الاصطناع، وتكلف الاستدعاء.. وتنم صراحة وبوضوح وجلاء عن براءة نفس الصبية، وصلاح فطرتها، وزلاقة لسانها، وعمق بصيرتها وإدراكها، هذه البصيرة المشحوذة والحس الأدبي والإرهاص القلبي لطفل رضيع يكاد يقطع بأن قرض مثل هذه الأبيات من هذه الصبية يعتبر أكبر دليل على البلاغة غير المتوقعة في مثل هذا السن.
وقد وفدت الشيماء على النبي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة، بعد بعثته، وعرفته بنفسها، وقالت له إني لأختك من الرضاعة، وقد ذكر بن عبدالبر أنه بعد أن تعرف عليها صلى الله عليه وسلم خيرها بين البقاء عنده أو الرجوع إلى أهلها، فاختارت الرجوع بعد أن أسلمت، وأعطاها نعما وشاء وثلاثة عبيد وجارية.
وقد توفيت الشيماء رضي الله عنها بعد العام الثامن من الهجرة النبوية الشريفة، الموافق عام 630 ميلادية.
********************************************