تعرف جون على مصطلح التسويق بتهور في مطلع 1980 حين تقدم بعرض تسويقي إلى شركة كبيرة. قبل هذه الخطوة، فكر جون في شيء يمكن فعله ليلقى قبول كبار الشركات، و(هو) نظر فوجد فريقه يبيع حق نقل مبارياته على الراديو في صفقة واحدة موسمية، ضمن المفهوم العام السائد وقتها، أنه على الفريق الرياضي التركيز على اللعب، ولا شيء أكثر من ذلك.
في خروج عن المألوف – كما يعلمنا جون – قرر تولي أمر الإذاعة الصوتية. بدلا من أن تدفع له محطة الإذاعة مقابل نقل المباراة، دفع لها (هو) مقابل حجز وقت المباراة على الهواء، ويتولى (هو) أمور الدعايات والإعلانات. لتفهم صعوبة هذا الأمر وقتها، فيكفيك أن تعرف أن جون كان أول من فكر في هذا الأمر، في خروج كامل عن المعتاد رياضيا.
اعتمدت طريقة التفكير الاستراتيجي لفتانا جون على عرض فكرة الإعلان الصوتي ضمن إذاعة أحداث مباريات فريق جون على الراديو، بداية من سلسلة مطاعم ماكدونالدز، فإن أبّوا، فمطاعم برجر كينج، فإن أبّوا، فمطاعم وينديز. ولما جاء الرفض منهم جميعا، تحدث جون مع سلسلة مطاعم محلية، برجرفيل (مدينة البرجر) وما كان رد فعل مدير التسويق إلا أن أخبر جون أنه لو قبل عرضه بالدعاية أثناء البث الإذاعي، فهذا سيقتطع كل ميزانيته التسويقية بالكامل، وهذا (هو) التسويق بتهور.
أكثر ما يجعلك تعجب بشخصية جون تقبله للرفض بصدر رحب وعقل متفتح. رد عليه جون بالقول إن الأمر يحتم التسويق بتهور، انظر إلى دعايات التليفزيون التي تفكر فيها، فمقابل كل إعلان معروض لك، ستعرض سلسلة ماكدونالدز 30 مثلهم، ويعرض برجر كينج 20 وهكذا. لكن حين توقع معي، فإنك ستحصل على الحق الحصري فلا تسمع دعاية لمنافس لك.
لإتقان فن الإغراء، عرض جون مكملا تسويقيا لعرضه، بوستر (لوح ورق كبير) دعائي ضخم لكل أعضاء فريقه، مقسما إلى تسعة أقسام، ولكي يحصل كل مشجع للفريق على هذا البوستر، عليه الذهاب إلى محلات برجرفيل وطلب وجبة بليزر (بليزر كان اسم الفريق) ليحصل على قطعة واحدة من التسعة!
البقية كانت كما تتوقع لها، النجاح الباهر، إذ اقتنع مدير التسويق بفكرة جون، وتفاعل معها الجمهور بنجاح، وتحولت برجرفيل من دكان صغير إلى اسم ذائع ذي صيت باهر، وتضاعفت المبيعات، وبدلا من أن يحصل فريق جون على 50 ألف دولار فقط مقابل حق إذاعة مبارياته على الراديو، جمع جون 900 ألف دولار من عوائد مبيعات الراديو.
حين رفضت محلات ماكدونالدز الدعاية ضمن برامج الراديو، لم يكن هذا هو الرفض الأول لهم، إذ سبق لجون أن عرض عليهم فكرة أخرى قبلها بفترة، لكن الجدير ذكره هنا هو طريقة رفض مدير التسويق لدى ماكدونالدز لفكرة جون حين عرضها عليه. بعدما اتصل به جون وعرض عليه الفكرة على الهاتف، وافق ذاك على مقابلته في مكتبه.
حين وصل جون وقبل أن يبدأ كلامه، أخبره ذاك أنه وافق على مقابلته في مكتبه ليخبره شيئا واحدا: راقب فمي وأنا أخبرك بأن فكرتك مجنونة. لن يحدث أبدأ أن يضع ماكدونالدز دعاية له مع فريقك الضعيف السيئ الفضيحة. أنتم فريق تعيس، وإدارة تعيسة، وملاك تعساء، امض في طريقك.
حين لملم جون أوراقه وخرج خارج مكتب ذاك، وقف ليفكر فيما حدث. بدلا من أن يفعل مثلي ويفكر كيف يمكن له تأجير شرذمة من حثالة البشر ويتفق معهم على تأديب هذا النعثل، بطريقة لا تترك رابطا يكشفني (أمزح)…
وقف جون مفكرا، من في العالم يمكن له أن يستفيد من الإعلان مع الفريق، رغم ضعف الفريق وهوانه؟ وجد جون أن المرشح الأفضل هو محلات وايت كاسل برجرز (برجر القلعة البيضاء). كانت هذه السلسلة الصغيرة من المطاعم التي تركز على الوجبات الاقتصادية للطبقة من الفقيرة إلى المتوسطة. كان العرض كالتالي: مقابل أربعين دولار، سيحصل المشتري على مقاعد رخيصة لحضور مباراة الفريق، زائد أربع وجبات لدى وايت كاسل، زائد قبعة وكرة سلة.
وافقت القلعة البيضاء، ودفعت 150 ألف دولار مقابل رعاية الفريق، في حين دفع الفريق 10 دولار مقابل كل تذكرة يبيعها وعليها هذا العرض الخاص. باع الفريق عشرات الآلاف من هذه التذاكر، والتي شكلت ثالث أكثر الوجبات طلبا بشكل يومي في مطاعم القلعة البيضاء.
الموسم التالي، وردت مكالمة هاتفية إلى جون، من مدير التسويق لدى ماكدونالدز، يطلب من جون زيارته في مكتبه مرة أخرى. حين دخل جون، بادره ذاك بطلب ذات الحملة الدعائية للقلعة البيضاء. رد عليه جون: لا يمكنك ذلك، فنحن متعاقدون معهم لمدة سنوات ثلاثة، لكني أستطيع أن أضعك كأول بديل نفكر فيه بعد انتهاء التعاقد معهم، شريطة أن توقع معنا الآن.
مقابل ربع مليون دولار، وافق جون على قبول دعايات ماكدونالدز بعدما تنتهي ثلاثية القلعة البيضاء. رغم رحيل جون عن النادي وقتها، لكن الاتفاق تم، وحين ذهب جون لمدير تسويق آخر لدى ماكدونالدز في ولاية أخرى، وسأله هل فكرتك هذه قابلة للتحقق، أجابه جون: اسأل زميلك في نيوجيرسي، فهو اضطر لانتظاري ثلاث سنوات حتى حصل عليها!
لا أدري عنكم، لكني بدأت أحب جون هذا…
- عاب علي البعض تكرار ضمير الإشارة (هو) ضمن سياق كلامي، وهذا الفعل يعتبر عيبا من وجهة النظر البلاغية، وأما سبب تكراري له، فهو أن الصحافة تعلمك أن تحافظ على انتباه القارئ، أي قارئ وكل قارئ، ذلك المنتبه وهذا غير المهتم، المستريح والمرهق جراء يوم عمل شاق، السعيد والغضبان، ولهذا يأتي التكرار ضمن السياق، وحتى أرضي جميع الأطراف، أريد معرفة من منكم معترض على استعمالي هذا الضمير كثيرا، ومن منكم يريدني ألا أتوقف عن استعماله، إنه تعليق صغير وطلب أصغر مني، هيا، اترك بصمتك وشارك.