إدمان المخدرات .. تلك الظاهرة التي إستفحل أمرها و انتشر خطرها .. و خاصة حين تحيط بأبنائنا الجيل المعتمد عليه للمستقبل ..
إن التعدي و العنف و الاغتصابات والوحشية الجنسية كلها لها علاقة من قريب أو بعيد بالإدمان و المخدرات ..
تعريف المخدر : هو كل مادة يترتب على تناولها إنهاك و خدر للجسم و الحواس وبالتالي فرقابة العقل عند المتناول تصبح أضعف بصورة تدريجية.
أنواع المخدر :
الطبيعي : وهو ما وجد في الطبيعة سواء تمت زراعته مثل القات و القنب الهندي و الكوكا أو ما كان برياً نحصل عليه دون زراعة .
التصنيعي : ويكون من أصل نباتي و لكنه عولج بطريقة كيميائية مثل الهيروين و الكودائين و المورفين .
التخليقي : كناية عن خلق المخدر حيث تمت جميع مراحل صنعه بالمعامل من مواد كيميائية لا علاقة لها بالمخدرات الطبيعية مثل مهيجات الجهاز العصبي و منشطاته.
لماذا يتعاطى الإنسان المخدر:
إن إختلال الدور الإجتماعي للفرد أو حرمانه من أن يقوم به هو من العوامل الحاسمة التي تقف وراء الإدمان فعلى سبيل المثال الوفرة المادية التي يعيشها المراهق أمام موقف صعب تجاه ما هو تقليدي و ما هو جديد و مستحدث مصحوب بضعف الرقابة الأسرية و الإجتماعية من أهم الأسباب المؤدية لتعاطي المخدرات .
- ضعف التكوين العقائدي و القيمي : لاشك أن السلوك الإنحرافي يرتبط إرتباط وثيق بالضعف العقائدي و القيمي للفرد فضعف الوازع الديني و ضعف التكوين القيمي له أثر فعال في الميل إلى الإقبال على تعاطي المخدرات و هنا ينبغي التركيز على تقوية التكوين الديني لدى الشباب من خلال عملية التنشئة الإجتماعية و التربوية لمواجهة هذه المشكلة.
- المشكلات الأسرية التي تعيق دور الأسرة في تربية أبنائها و تنشئتهم تنشئة سليمة .لأن خلافات الأبوين على المستوى الشخصي و ما يلحق به من اسلوب لا يعرف إلا القسوة و الشدة سيؤدي لنفورهم من المنزل ومن آبائهم وصولاً إلى الشارع تلك الفسحة الواسعة الممتلئة بما هب ودب من أشخاص مهنتهم بالحياة إقتناص الفرص لبيع المخدرات.
- محاكاة النماذج المتعاطية للمخدرات و الموجودة في المحيط العائلي و الإجتماعي .
وهنا لنا أن نعلم أن المدمنين أنواع من الأشخاص لا يجمعهم نمط واحد و لا تميزهم سمة معينة لكننا ما نجده عندهم بإستمرار هو أعراض التوتر و القلق قبل الإدمان أو قبل السعي وراء المزيد من المخدر.
أضرار المخدرات :
الأضرار الجسمية المتمثلة في:
- فقدان الشهية للطعام مما يؤدي للنحافة و الهزال و الضعف العام المصحوب باصفرار للوجه أو اسوداده .
- قلة النشاط و الحيوية مع إحمرار في العينين و إختلال التوازن و التآزر العصبي في الأذنين.
- تهيج موضعي للأغشية المخاطية و الشعب الهوائية الذي يؤدي في بعض حالاته لإلتهابات رئوية تصل لحد التدرن الرئوي .
- إضطراب الجهاز الهضمي و إتلاف الكبد و تليفه . وعلى سبيل المثال الأفيون يحلل خلايا الكبد و يحدث بها تليفاً.
- إلتهاب بالمخ و تحطيم و تآكل ملايين الخلايا العصبية المخية وهذا يؤدي بدوره لفقدان الذاكرة و الهلاوس السمعية و البصرية و الفكرية .
- تأثيره السلبي على النشاط الجنسي و إنقاصه إفرازات الغدد الجنسية .
- إحداث عيوب خلقية في الأطفال حديثي الولادة ( إذا كانت الأم الحامل متعاطية ).
الأضرار النفسية:
- إضطراب الإدراك الحسي العام و خاصة ما تعلق بالسمع و البصر بالإضافة إلى خلل في إدراك الزمن بالإتجاه نحو الأبطئ و إختلال إدراك المسافات بالإتجاه نحو الأطول وكذلك في إدراك الحجم نحو التضخيم .
- إختلال في التفكير العام وبالتالي فساد الحكم على الأمور و الأشياء .
- تؤدي المخدرات لآثار نفسية مثل القلق و التوتر المستمر و الشعور بعدم الإستقرار مع عصبية و حدة مزاج مصحوب بإهمال للنفس و المظهر و عدم القدرة على العمل و الاستمرار به.
- إضطراب بالوجدان حيث ينقلب المتعاطي من حالة المرح و النشوة و الشعور بالرضى إلى الندم مع فتور و إرهاق مصحوبين بخمول و إكتئاب .
- جمود أو تبلد بالإنفعال و هو تبلد العاطفة حيث أن الشخص في هذه الحالة لا يستجيب و لا يستثار بأي حدث يمر عليه مهما كان ساراً أو غير سار .
- اضطرابات ذهانية حادة واختلاط في الذهن في عدد من الحالات .
أضرار المخدرات على الفرد نفسه:
إن المخدرات تؤدي لنتائج سيئة للفرد سواء بالنسبة لعمله أو إرادته أو وضعه الإجتماعي, ومايتعلق بثقة الناس به و ربما أدى هذا إلى طرده من عمله .أما إذا كان طالباً فسيؤثر على مسيرته العلمية و سيقوده للفشل الدراسي حتى و لو كان من المتفوقين.
عدم توافر المال و إلحاح الجسم على تناول الجرعة سيقوده للاستدانة أو السرقة أو الأعمال المنحرفة و غير المشروعة المؤدية لبيع نفسه أو أسرته و بالتالي مجتمعه ووطنه .
سوء العلاقة الزوجية و هذا يدفع لتزايد إحتمالات الطلاق و إنحراف الأطفال و زيادة عدد الأحداث الجانحين و المشردين.
وسائل مكافحة المخدرات:
التوعية الإعلامية :لوسائل الإعلام دورها الرئيسي عن طريق توعية المجتمع بالأضرار الناتجة عن تعاطي المخدرات و ذلك بفرض الرقابة على الأفلام و المسلسلات الهابطة التي تشجع على الإدمان .
كذلك إعداد برامج خاصة للتوعية مأخوذ بعين الإعتبار المستوى التعليمي و الخصائص الإجتماعية للأفراد و لأعمارهم.
إصدار القوانين و التشريعات الرادعة للحد من تدفق هذه السموم .
المناهج الدراسية : لابد من إدخال معلومات تتعلق بالأضرار الصحية و الإجتماعية و الإقتصادية لإدمان المخدرات .
توفير الأماكن الصالحة لاستثمار أوقات الفراغ بصورة صحية مثل النوادي الرياضية التي تستوعب الشباب مع الإحتفاظ بموضوع المراقبة و التوجيه.
غرس القيم الإنسانية لدى الشباب و التي تعتبر من أهم الجوانب المساعدة في تقليص حجم المشكلة.
و ختاماً كلنا نعلم أن العمل الوقائي أكثر فعالية و تأثيراً .. ومن هنا كان التأكيد على المثل القائل (درهم وقاية أفضل من قنطار علاج).
تم النشر في 28/1/2007