بتـــــاريخ : 12/7/2010 9:40:13 PM
الفــــــــئة
  • الأخبـــــــــــار
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1137 0


    عروبة حائط البراق ونزع شرعية إسرائيل

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : د. إبراهيم البحراوى | المصدر : www.almasry-alyoum.com

    كلمات مفتاحية  :

    ما زال المقال، الذى نشره وكيل وزارة الإعلام الفلسطينية الدكتور المتوكل طه يثير ردود أفعال شديدة العصبية على الجانب الإسرائيلى، وصلت إلى دفع المتحدث باسم الخارجية الأمريكية إلى إدانة المقال ورفضه رفضاً تاماً.

    المقال الذى نشرنا الجزء الأول منه فى سياق مقالنا الثلاثاء الماضى، يقدم دراسة تاريخية تنتهى إلى أن حائط البراق، وهو الحائط الغربى من المسجد الأقصى، هو جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك والحرم القدسى الشريف،

    وهو وقف إسلامى لعائلة بومدين الجزائرية المغربية، وليس فيه حجر واحد يعود إلى عهد الملك سليمان ولا علاقة لليهود به، إن الغضب الإسرائيلى من المقال الفلسطينى هو نفسه الغضب الذى قوبل به كتاب أستاذ التاريخ اليهودى فى جامعة تل أبيب البروفيسور الإسرائيلى شلومو ساند، وهو الكتاب الذى صدر عام ٢٠٠٩ تحت عنوان (اختراع الشعب اليهودى) بالعبرية (همتسآت ها عام هيهودى) وبالإنجليزية (THE INVINTION OF THE ISRAELI PEOPLE.

    سبب الغضب الإسرائيلى فى الحالتين هو أن البروفيسور «ساند» أثبت من خلال دراسته نتائج الحفريات الأثرية، التى أجرتها هيئة الآثار الإسرائيلية فى سيناء، وفى الضفة الغربية وفى القدس منذ عام ١٩٦٧ أنه لم يتم العثور على أى آثار يهودية تؤكد الطرح الصهيونى الخاص بحق الملكية التاريخى للصهاينة فى فلسطين، لقد انتهى البروفيسور «ساند» إلى أمرين، الأول أن العبريين القدماء ذابوا فى تاريخ الأرض الفلسطينية، وأن الفلسطينيين المعاصرين هم الورثة الطبيعيون للعبريين القدماء.

    والثانى أن اليهود الذين جاءوا من أوروبا فى نهاية القرن التاسع عشر مع الحركة الصهيونية ليست لهم أى علاقة بالعبريين القدماء إنما هم أحفاد شعب الخزر الذى تهود واعتنق اليهودية على أيدى المبشرين اليهود فى القرن العاشر الميلادى، ثم توزع فى أنحاء أوروبا بسحنته الأوروبية، إلى أن جاءت الصهيونية لتقنعه بأنه الوريث التاريخى للعبريين القدماء.

    فى هذه النقطة يرى البروفيسور «ساند» أن اليهود الأوروبيين الذين جاءوا إلى فلسطين ليسوا فى حقيقة الأمر سوى غزاة. من الطبيعى أن يلقى البروفيسور شلومو ساند هجوماً عنيفاً من جانب الأوساط السياسية والأكاديمية الإسرائيلية والصهيونية فى أنحاء العالم، فهو بهذا الطرح العلمى ينزع إحدى دعائم الشرعية التى تأسست عليها دولة إسرائيل، وهى دعامة أن المهاجرين الذين كونوها هم ورثة العبريين القدماء. بالمثل فإن الدراسة التاريخية التى نشرها د. المتوكل طه قد فسرها فيليب كراولى، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، على أنها محاولة لنزع شرعية إسرائيل،

    حيث قال: «لقد ناقشنا مع السلطة الفلسطينية مرات ضرورة مكافحة أشكال نزع الشرعية عن إسرائيل بما فى ذلك إنكار الارتباط اليهودى التاريخى بالأرض». إذن الغضب من إثبات عروبة حائط البراق على يد وكيل وزارة الإعلام الفلسطينية هو غضب لنزع إحدى الدعائم الأساسية لشرعية إسرائيل. ليسمح لى القارئ هنا بأن نواصل مطالعة الجزء الثانى من المقال، الذى تحول إلى معركة حول شرعية إسرائيل.

    فى الجزء السابق أشار د. المتوكل إلى أن الحكومة البريطانية بعد أن أعدمت قادة ثورة حائط البراق العرب الذين هبوا لمنع المهاجرين اليهود من الاستيلاء على الحائط عام ١٩٣٠ أرسلت لجنة عرفت باسم لجنة «شو» للتحقيق، وقد أوصى «شو» بإرسال لجنة دولية، للتحقيق فى موضوع حقوق العرب واليهود فى حائط البراق، ووصلت اللجنة المشكلة من عصبة الأمم فى ١٥ مايو ١٩٣٠.

    يواصل د. المتوكل دراسته فيقول:

    من هنا كانت المشكلة الرئيسية، التى واجهت اللجنة يومذاك تتمثل فى محاولة الجماعات الصهيونية قلب «الوضع الراهن» بالنسبة للأماكن المقدسة، إذ ركزت جهودها منذ البداية على حائط البراق، متبعة أساليب تدريجية تصاعدية تنتهى بها إلى ادعاء حق اليهود فى ملكية «حائط المبكى»، وقد تمثلت المرحلة الأولى من تلك الخطة فى جلب اليهود الكراسى والمصابيح والستائر على غير عادتهم السابقة، ووضع هذه الأدوات أمام الحائط ليحدثوا سابقة تمكنهم من ادعاء حق ملكية ما يضعون عليه هذه الأدوات، ومن ثم ملكية الحائط.

    ومن الوثائق التى قدمها الحاج أمين الحسينى إلى اللجنة الدولية، وثيقة ترجع إلى زمن الحكومة المصرية، مؤرخة فى ٢٤ رمضان ١٢٥٦ للهجرة (١٨٤٠ ميلادية)، موجهة من رئيس المجلس الاستشارى محمد شريف إلى أحمد أغا الدزدار، متسلم القدس، وتمنع اليهود من تبليط الرصيف المجاور للحائط، وتحذرهم من رفع أصواتهم، وإظهار المقالات عنده، وقد شكك بعض اليهود فى صحة هذه الوثيقة،

    بيد أن د. أسد رستم، أستاذ التاريخ الشرقى فى جامعة بيروت الأمريكية، عضو المجمع العلمى اللبنانى، درس هذه الوثيقة مستخدماً خبرة غنية ومنهجية بحثية أصيلة، وأرسل نتيجة دراسته مزودة بالوثائق المقارنة إلى الحاج أمين الحسينى، مفتى فلسطين العام ١٩٣٠، أكد له فى نهايتها ما نصه: «بناء على ما نعرفه من نوع ورقها وقاعدة خطها وأسلوب إنشائها وطريقة تنميرها وتاريخها، وبناء على موافقة النصوص التاريخية لها ولاهتمام اليهود بأخربة الهيكل، نرانا مضطرين أن نرجح أصليتها ترجيحاً علمياً تاماً».

    ويشكل حائط البراق الجزء الجنوبى من السور الغربى للحرم القدسى الشريف، بطول حوالى (٤٧ متراً، وارتفاع حوالى ١٧ متراً)، ولم يتخذه اليهود مكاناً للعبادة فى أى وقت من الأوقات إلا بعد صدور وعد بلفور عام ١٩١٧.. ولم يكن هذا الحائط جزءاً مما يسمى «الهيكل اليهودى»، ولكن التسامح الإسلامى هو الذى مكن اليهود من الوقوف أمامه، والبكاء على زواله، وزوال الدولة اليهودية المدعاة قصيرة الأجل فى العصور الغابرة.

    وجاء فى الموسوعة اليهودية، الصادرة العام ١٩١٧، أن الحائط الغربى أصبح جزءاً من التقاليد الدينية اليهودية حوالى العام ١٥٢٠ للميلاد، نتيجة الهجرة اليهودية من إسبانيا، وبعد الفتح العثمانى العام ١٥١٧.

    وفى عهد الانتداب البريطانى على فلسطين زادت زيارات اليهود لهذا الحائط، حتى شعر المسلمون بخطرهم، ووقعت ثورة البراق بتاريخ ٢٣/٨/١٩٢٩م، التى استشهد فيها العشرات من المسلمين، وقتل فيها عدد كبير من اليهود، واتسعت حتى شارك فيها عدد من المدن الفلسطينية، وتمخضت الأحداث عن تشكيل لجنة دولية لتحديد حقوق المسلمين واليهود فى حائط البراق،

    وكانت اللجنة برئاسة وزير خارجية السويد الأسبق «أليل لوفغرن»، وعضوية نائب رئيس محكمة العدل الدولية الأسبق السويسرى «تشارلز بارد»، وبعد تحقيق قامت به هذه اللجنة واستماعها إلى وجهتى النظر العربية الإسلامية واليهودية، وضعت تقريراً فى العام ١٩٣٠، قدمته إلى عصبة الأمم المتحدة أبدت فيه حق المسلمين، الذى لا شبهة فيه بملكية حائط البراق.

    إلى هنا نكتفى من مقال د. المتوكل، نظراً لضيق حيزنا ونواصل فيما بعد متابعة المسألة.

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()