بتـــــاريخ : 5/3/2010 9:31:23 PM
الفــــــــئة
  • الأخبـــــــــــار
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1147 0


    المستشفيات الجامعية ولغط لا لزوم له

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : د. طارق الغزالى حرب | المصدر : www.almasry-alyoum.com

    كلمات مفتاحية  :

    فوجئت بتحقيق صحفى فى جريدة الدستور المستقلة يوم ٢٦/٤، يستطلع فيه الصحفى الذى قام به آراء اثنين من كبار أساتذة طب القاهرة، لهما قدر وتقدير حول ما قيل عن مخطط حكومى لنقل تبعية المستشفيات الجامعية إلى وزارة الصحة.. وفى حين انتقد العالم الكبير د. محمد أبوالغار بطريقة علمية هادئة هذه الفكره فإن الأستاذ الآخر قام بشن هجوم لاذع وقاس على وزارة الصحة ومستشفياتها التى قلل من شأنها بادعاء أن المستشفيات الجامعية هى المنظومة التى تتحمل عبء الخدمات الصحية فى مصر!

    كان السبب فى كل هذا اللغط هو تصريحات غير مدروسة ولا منطقية للسيد وزير التعليم العالى اتهم فيها المستشفيات الجامعية التى تتبع وزارته بأنها تلتهم جزءا كبيرا من ميزانيتها بما يؤثر على البحث العلمى وعلى رواتب السادة أعضاء هيئات التدريس، واقترح نقل تبعيتها لوزارة الصحة، بكل ما فيها من مشاكل وعثرات وديون ومشروعات معطلة!

    لا يوجد تحت يدى نص ما قاله وزير التعليم العالى الذى هو فى الأصل أستاذ بكلية الهندسة وقضى جزءاً كبيراً من مشواره الوظيفى خارج مصر، قبل أن يصبح وزيرا، لذلك فليس مستغرباً أن سيادته لا يعرف أن تمويل المستشفيات الجامعية وتطويرها يأتى من خطة استثمارية خاصة بالقطاع الصحى ككل وليس من ميزانية وزارته، ولقد أتيح لى منذ سنوات قليلة أن أشارك فى لجنة أمر بتشكيلها آنذاك د. عثمان محمد عثمان الذى كان يشغل منصب وزير التخطيط فى ذلك الوقت، كانت مهمتها مراجعة الخطة الاستثمارية للمستشفيات الجامعية منها مشروعات مفتوحة منذ مدد طويلة بلغت فى بعضها أكثر من الأربعين عاما، وكان دافع سيادته إلى تشكيل هذه اللجنة هو المبالغ الطائلة التى طلبتها هذه المستشفيات اقتطاعا مما هو مخصص للقطاع الصحى..

    وأثبتت اللجنة فى هذا الوقت وجود مشروعات لا لزوم لها ومبالغ ضخمة مطلوبة لا عائد منها ومستشفيات جامعية أنفق عليها مئات الملايين ولا تتعدى نسبة الإشغال بها ٢٠%.. كذلك فإننى لم أقرأ ولا أعرف ولا أظن أن السيد وزير الصحة الذى هو فى الأصل أستاذ بكلية الطب قد طلب يوما ضم المستشفيات الجامعية إلى وزارة الصحة لتحقيق ما جاء نصه فى الخبر (فصل الخدمة التعليمية عن الخدمة العلاجية بهذه المستشفيات!)

    إن القول بهذا الفصل لا يمكن أن يصدر إلا عن أناس لا يعرفون شيئا عن التعليم أو الطب، فطلبة كليات الطب يتعلمون كيف يعالجون بما فى ذلك أساليب العمل بالمستشفيات والجودة ومكافحة العدوى، فضلا عن الأبحاث الإكلينيكية بالدراسات العليا. للأسف الشديد فإن الأمور مختلطة ليس بين عامة الناس فحسب بل بين كثير من المتعلمين ورجال الإعلام الذين يتصدرون لمناقشة قضايا الصحة فى مصر، وأصبح شيئا عاديا كل يوم تقريبا أن تجد استغاثات لوزير الصحة أو ريبورتات فى وسائل الإعلام تناشده التدخل وترجوه المساعدة وتشكو إليه سوء المعاملة أو حالة المستشفيات الجامعية، فى الوقت الذى لا يعرفون فيه أن هذه المستشفيات تتبع إداريا وفنيا هيئة المستشفيات الجامعية التابعة لكل جامعة بها كلية طب فى مصر، وهى هيئات لا وصاية لوزارة الصحة عليها بأى شكل من الأشكال، وما حدث مؤخرا فى معهد الأورام التابع لجامعة القاهرة أقرب مثال لذلك.

    إن من الطبيعى أنه عندما تحدث مشكلة صحية لمواطن أن يفكر تلقائيا فى وزير الصحة، وأنا لا أرى أى غضاضة فى ذلك ولكن يجب أن نعى ونفهم أن هناك فارقا بين وزير الصحة وعمل وزارة الصحة، فوزير الصحة هو بحكم القانون رئيس ما يسمى (المجلس الأعلى للسياسات الصحية)، وهو مجلس مشكل منذ عقود، يضم بين أعضائه رؤوس جميع الجهات التى تقدم خدمات صحية وعلاجية للمواطنين بمن فيهم عمداء كليات الطب المختلفة، وبالتالى فإن أى خلل فى المنظومة الصحية – ووزارة الصحة جزء منها – هو مسؤولية جماعية لهذا المجلس الذى يترأسه وزير الصحة.. المشكلة الكبرى،

    وربما تكون هى أم المشاكل فى هذه الدولة البائسة، أننا لا نعرف العمل الجماعى المنظم والمستمر الخالص لوجه الله والوطن.. والمجلس الأعلى للسياسات الصحية مثل مجالس أخرى تمتلئ بها الساحة المصرية لا تجتمع – هذا إن اجتمعت أصلا - إلا لغرض محدد بتكليف من أعلى.. وإن اجتمعت فلا إعداد جيد لها ولا تنتهى بقرارات حاسمة وملزمة، ومعظم وقتها يضيع فى مناقشات وخلافات دفاعا عن مصالح ضيقة وتستمر الأمور غالبا على ما هى عليه.

    إننى أدعو وزير الصحة إلى إعادة إحياء المجلس الأعلى للسياسات الصحية وإعادة تشكيله فى أقرب وقت لدراسة مواضيع مهمة للغاية يثار حولها لغط كثير هذه الأيام مثل الموضوع الذى ذكرته وغيره من الأمور المهمة التى يجب أن تحسم بخطوات وقرارات واضحة ومعلنة لا لبس فيها ولا ضباب، مثل العلاج على نفقة الدولة وطرق تمويل المستشفيات وإعادة هيكلتها ورواتب الأطباء وهيئات التمريض وحقوقهم المهدرة والأساليب الحديثة للدراسات العليا الطبية وتأهيل الأطباء وغيرها.. إن هناك كثيراً من العمل خاصاً بصحة المواطنين المصريين يقتضى تعاونا أكبر وتفاهما بين جميع مؤسسات وقطاعات الدولة المعنية بهذا الأمر، والمسألة أكبر بكثير من تبعية هذا لذاك أو منازعات هنا وهناك

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()