بتـــــاريخ : 6/28/2010 4:07:47 PM
الفــــــــئة
  • الأخبـــــــــــار
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1340 0


    حوار ساخن في ليلة ساخنة

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : د. عصام العريان | المصدر : dostor.org

    كلمات مفتاحية  :

    في حوار ليلي أثناء اعتصام احتجاجي رمزي ضد تزوير انتخابات الشوري بحزب «الجبهة الديمقراطية» احتدم النقاش حول : أيهما أجدي للإصلاح السياسي والتغيير في مصر: المقاطعة للانتخابات أم المشاركة بقوة لفرض إرادة الشعب؟

    بدأ هذا الحوار منذ انطلاق انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري وامتد بقوة بعد النتائج المزورة الكارثية التي يتوقع المراقبون استمرارها في الانتخابات القادمة لمجلس الشعب بعد شهور، وما زال الحوار صاخبا وشديدا.

    الجميع يبحث عن «الجدوي» من القرار السياسي المطلوب اتخاذه بشأن المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، والسؤال المطروح : هل يمكن تحقيق إجماع سياسي أولا علي تنفيذ فكرة المقاطعة التي يشترط المنادون بها أن تكون إجماعية أو علي الأقل تتفق عليها القوي السياسية الرئيسية.

    المشهد الحالي يظهر أن حزب الوفد أكبر الأحزاب الرسمية وصاحب التاريخ العريق مصمم في ظل قيادته الجديدة علي استمرار مشاركته في الانتخابات، وقد ساهم في تكريس ذلك التوجه عدة أمور:

    أولا : انتخاب رئيس جديد في إجراء ديمقراطي يعد بإعادة الوفد إلي صدارة المشهد السياسي، ولا يحتمل أن يكون أول قرار في استحقاق برلماني له أن ينسحب أو يقاطع الانتخابات.

    ثانيا : استمرار الوفد فيما يُسمي «الائتلاف الرباعي» وقد اتضح للعيان توجه حزبين من الثلاثة الأخري نحو المشاركة بعد أن تم قبول الحزبين التزوير الفاضح وحصول كل حزب منهما علي مقعد بالتزوير ثم علي مقعد آخر بالتعيين.

    ثالثا : تعيين أحد أعضاء الهيئة العليا للوفد في حصة المعينين بمجلس الشوري.

    رابعا : إحساس الوفد وتقديره أن المشاركة هي الأصل للأحزاب والقوي السياسية وأن الاستثناء هو المقاطعة بشروط صعبة ولأهداف محددة يمكن تحقيقها، وقد جرب الوفد ذلك وقاد المعارضة إليه عام 1990م وكانت نتيجتها مخيبة للآمال جدا، فقد خرق حزب التجمع إجماع المعارضة آنذاك وشارك في انتخابات 1990م مقابل الحصول علي تمثيل برلماني هزيل (6 مقاعد) تقلصت بعد ذلك حتي وصلت إلي مقعد واحد في البرلمان الحالي، بينما خسر الوفد مقاعده التي وصلت إلي 37 عاماًَ 1978 ووصلت إلي 6 مقاعد حاليا.

    ثم هناك أحزاب القصر أو «بير السلم» التي ستشارك بإشارة من الحزب الحاكم أو من «أمن الدولة» وسيتم - وفق السيناريو المعد - توزيع مقعد علي بعض منها إذا أمكن ذلك في ضور مدي حدة التنافس في انتخابات مجلس الشعب القادمة.

    أضف إلي ذلك أن حزب الغد «أيمن نور» أعلن مشاركته ليكرس شرعيته مقابل تلك الزائفة التي يريد النظام إضفائها علي الجناح المنشق والذي تم تزوير مقعد له في مجلس الشوري.

    ولا يمكن إغفال حقيقة يجب ألا تغيب عن الأذهان وهي أن انتخابات مجلس الشعب في ظل النظام الانتخابي الفردي المعمول به حاليا لا تدور بين أحزاب وقوي سياسية، بل نسبة تزيد علي 70% من المتنافسين مستقلون يعتمدون علي عصبياتهم الجهورية أو العائلية أو القبلية، وتتم في يوم واحد.

    وهؤلاء لا يخضعون لقرارات سياسية تبحث عن الجدوي السياسية للمقاطعة بل هم يريدون الوصول إلي مقاعد البرلمان بغية تقديم الخدمات لدوائرهم أو تحصين مكاسبهم ومصالحهم الشخصية أو الحصانة للوجاهة الاجتماعية.

    إذن ستكون الصورة النهائية - وفق تلك التوقعات - هي منافسة سياسية ساخنة في انتخابات برلمانية تشهد إقبالا متوسطا، بمشاركة أحزاب لها أسماء واحترام لدي المواطن يغيب عنها بعض وليس كل القوي والأحزاب مما يضفي عليها الصورة المطلوبة للنظام الذي ستخرج أبواقه الإعلامية لتروج أن المنسحبين من الانتخابات انسحبوا لضعفهم أو لإحساسهم بانصراف الناس عنهم، وسيتم إقناع المراقبين من الخارج بأن هناك انتخابات قد تمت وشارك فيها معظم الأحزاب ويتم إخراج أرقام ونسب عن التصويت وحدة التنافس، بل قد يسقط في الانتخابات عدد أكبر من الضحايا «في عام 2005 سقط 14 قتيلا لم يتم توجيه أي اتهام للشرطة التي قتلتهم حتي الآن» مما يتخذه النظام حجة علي سخونة الانتخابات وحدة المنافسة.

    ويغفل المخلصون الذين ينادون بالمقاطعة - رغم تلك المحاذير - عن عاملين آخرين مهمين:

    أولهما : حالة الحراك الشعبي المتصاعد الآن والذي زاد من سخونته عدّة أمور، منها ظهور شخص الدكتور البرادعي برمزيته علي الساحة وتحركه المستمر وتطور أدائه السياسي وتحسن خطابه العام الذي أصبح حديث الناس رغم أن د. البرادعي نفسه يدعو إلي مقاطعة الانتخابات إذا لم تكن هناك ضمانات لنزاهتها.

    ومنها استمرار «الجمعية الوطنية للتغيير» في أداء رسالتها وتفعيل نشاطها خلال الأسابيع الماضية في طنطا ودمنهور والإسكندرية والقاهرة، كوعاء وطني يشمل كل القوي الحية الراغبة في التغيير.

    ومنها الأزمات المتتالية التي دفعت جموعاً عديدة من المواطنين العاديين إلي التفاعل مع الأحداث رغم ابتعادهم عن السياسة والأحزاب، وإحساس هؤلاء جميعا بأن هناك سببا جوهريا في تفاقم أزماتهم المهنية والشخصية والجهورية والعمالية، ألا وهو غياب الحريات العامة والديمقراطية وعدم وجود ممثلين حقيقيين لهم في مجلس الشعب أو النقابات العمالية أو المهنية التي تجمدت بسبب القانون المعطل للانتخابات فيها وتحكم الأمن والحكومة في الحياة السياسية والنقابية والاجتماعية : كأزمة المحامين والقضاة، وأزمة المسيحيين المطالبين بتصاريح الزواج الثاني التي وضعت الكنيسة في مواجهة القضاء الإداري، وأزمة استمرار حالة الطوارئ التي أعطت صلاحيات هائلة لأفراد الشرطة تسببت في شيوع ظاهرة التعذيب الذي وصل إلي القتل خارج القانون وليس آخرهم الشاب خالد سعيد شهيد الطوارئ... إلخ.

    هؤلاء جميعا يبحثون عن مخرج لأنفسهم وللوطن، وإذا طالبتهم بالمقاطعة فسيقولون إن المقاطعة هروب من المواجهة والاشتباك مع الوضع الحالي، وقد يطرح بعضهم نفسه للترشح خارج القوي السياسية الحالية ويبحث عن دعم وتأييد شعبي، وإذا كانت جموع غفيرة تتحرك الآن لمصالح اقتصادية أو مهنية أو اجتماعية، فلماذا لا نساعدها علي توجيه دفتها نحو الإصلاح السياسي والتغيير من خلال النضال الدستوري والمطالبة بإطلاق الحريات العامة وفي مقدمتها حرية الانتخابات ونخوض معها تجربة الانتخابات في مناخ ساخن يحقق أهدافا عديدة.

    ثانيهما : ما ينساه المطالبون بالمقاطعة هو الإجابة عن سؤالين مهمين :

    1-هل هناك توقع جاد لاستجابة النخبة الحاكمة لضغوط المقاطعة بالتنازل طواعية - دون اشتباك شعبي معها - وتقديم ضمانات حقيقية لانتخابات نزيهة؟ ومتي يكون ذلك؟ وهل تقدر هذه النخبة الحاكمة علي إعادة انتخابات مزورة تعلم هي علم اليقين أنها مزورة؟ أم أنها تدرك في عميق إحساسها أن أي استجابة للضغوط تعني بداية النهاية لها ولذلك تتمسك بالعناد التام إلي نهاية الشوط؟

    2- إذا لم تكن هناك استجابة - رغم نجاح المقاطعة - فما السبيل لتحقيق مطالبنا في الإصلاح والتغيير؟

    وكيف يتم حشد الجميع في طريق يتم الاتفاق عليه لتصعيد المواجهة مع الاستبداد والفساد مع العلم التام بحال النخبة المصرية السياسية والثقافية والفكرية والحزبية، والإدراك الواعي لطبيعة الشعب المصري الذي ندرت ثوراته الشعبية في تاريخه ولم تكن إلا في الغالب الأعم ضد الاحتلال الأجنبي مثل ثورتي القاهرة الأولي والثانية ضد حملة نابليون أو ثورة عام 1919 ضد الاحتلال الإنجليزي.

    إن أخطر ما تصاب به النخبة السياسية المعارضة هو أن تستسلم لنداء العاطفة أو للصرخات الغاضبة أو الهتافات الحماسية دون تفكير هادئ حول جدوي أي قرار تتخذه، خاصة إذا كان هناك أفراد مستعدون للتضحية ويبذلونها دون تأخر وشباب يتحرك من أجل التغيير بحثا عن مستقبل أفضل وشعب يبحث عن ضوء للأمل في نهاية النفق.

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()