التوجه العالمي والمحلي نحو التخصيص قضايا أساسية
لا يوجد تعريف واحد ومحدد لمفهوم التخصيص، حيث أن هذا المصطلح يشتمل علي مجموعة من العناصر التى تحدد فى مجموعها المقصود بعملية التخصيص. إلا أن الجوهر الأساسى لهذه العملية ينطوى علي رسم السياسات التى تحفز علي دخول القطاع الخاص فى عملية إنتاج وتوفير مختلف السلع والخدمات.
أهداف التخصيص
$ تخفيض تكاليف إنتاج السلع والخدمات.
$ رفع حجم السلع والخدمات المنتجة تجاوباً مع حجم الطلب.
$ إعطاء القطاع الخاص دوراً أكبر فى النشاط الاقتصادى والاستفادة من خبراته وإمكانياته فى تحقيق النمو الاقتصادى.
$ تحسين الأداء وزيادة الكفاءة الإنتاجية.
$ رفع مستوي جودة السلع والخدمات.
$ الحد من تضخم أجهزة الدولة والقضاء علي البيروقراطية.
$ تخفيف العبء عن ميزانية الدولة.
$ توفير فرص عمل إضافية علي المدي المتوسط والطويل.
أساليب التخصيص
\ البيع الكلى أو الجزئى؛ وفيه تطرح الدولة كامل أسهم المنشأة العامة أو جزء منها مثلما حدث فى شركة سابك عندما باعت الحكومة نسبة 30% من حصتها فى الشركة للجمهور فى أوائل الثمانينات، وموافقة الحكومة علي نقل ملكية الهاتف السعودى للقطاع الخاص وتغيير مسماه إلي شركة الاتصالات السعودية، وكذلك الشركة السعودية للكهرباء. وعموماً يأخذ البيع بهذا الأسلوب ثلاث صور هى:
$ البيع المباشر للجمهور.
$ البيع لفئة متخصصة من المستثمرين.
$ البيع إلي العاملين.
\ التعاقدات الحكومية؛ حيث تقوم الحكومة بالتعاقد مع القطاع الخاص لتوريد سلع أو خدمات معينة فى مجالات مثل المواصلات، الخدمات الصحية، توريد أغذية للمدارس، بناء مكاتب حكومية، إنارة الطرق، نظافة المدن، خدمات المطارات، وصيانة وتشييد الطرق وبعض المنشآت العامة.
\ عقود الإدارة؛ حيث تبقي ملكية وتمويل الدولة للمشروع العام، علي أن يقوم القطاع الخاص بإدارة المشروع وتقديم السلع والخدمات للمستهلكين مقابل مبلغ تدفعه الدولة. وتعتبر المستشفيات من أشهر الأمثلة اتباعاً لهذا الأسلوب. وفى المملكة العربية السعودية بدأت عملية إسناد إدارة المستشفيات الحكومية إلي القطاع الخاص منذ ما يزيد عن 25 عاماً من خلال عقود أبرمتها وزارة الصحة والوزارات والأجهزة الحكومية الأخري التى تقدم خدمات الرعاية الصحية، وهى وزارة الدفاع والطيران ووزارة الداخلية ورئاسة الحرس الوطنى.
\عقود الامتياز؛ وفيه تعطى الدولة للمؤسسة أو الشركة الخاصة التى يتم التعاقد معها امتيازاً بإنتاج سلعة أو تقديم خدمة معينة بموجب مواصفات وشروط محددة تضعها الدولة مسبقاً كتحديد أسعار بيع السلعة أو الخدمة. ويأخذ هذا الأسلوب عدة طرق أشهرها وأكثرها استخداماً ما يلى:
$ نظام الإنشاء والتشغيل والتحويل BOT، وفيه يقوم المستثمرون (محليون أو أجانب) ببناء المشروع وتشغيله والاستفادة من أرباحه لفترة زمنية محددة، ثم تؤول ملكيته إلي الدولة. ويستخدم هذا الأسلوب علي نطاق واسع فى مشروعات البنية الأساسية مثل؛ محطات المياه، محطات الكهرباء، الاتصالات، معالجة المياه، الصرف الصحى، الطرق والجسور والأنفاق، والمطارات والموانئ. ومن أشهر الأمثلة علي ذلك قطاع الكهرباء، فقد استطاعت تركيا علي سبيل المثال باتبعاها لهذا الأسلوب أن تشيد محطات عملاقة لإنتاج الكهرباء. كما تمكنت حكومة ويلز الجنوبية فى أستراليا من تشييد نفق عملاق بموجب هذا الأسلوب.
$ نظام البناء والتملك والتشغيل BOO، وهو مشابه لنظام BOT، حيث يقوم المستثمر ببناء المشروع وتشغيله والاستفادة من أرباحه، ولكن بدون إعادة المشروع للحكومة. ويستخدم هذا الأسلوب أيضاً فى بعض مشروعات البنية الأساسية مثل مياه الشرب والصرف الصحى والطرق.
\ تشجيع المؤسسات البديلة؛ ويعنى سماح الحكومة للقطاع الخاص بإنتاج نفس السلعة أو الخدمة التى تنتجها كمنافس لها مثل إقامة المدارس والمستشفيات الأهلية وتقديم الخدمات البريدية عن طريق القطاع الخاص جنباً إلي جنب مع نظيراتها الحكومية. ومن أشهر الأمثلة العالمية ما قامت به اليابان عام 1985م من إلغاء الامتياز الاحتكارى الممنوح لشركة نيبون فى مجال البرق والهاتف وسماحها بقيام شركات خاصة منافسة لها، الأمر الذى ساعد كثيراً فى جذب التكنولوجيا الحديثة ورؤوس الأموال الأجنبية لمجال الاتصالات اليابانية. كذلك قامت الحكومة السعودية بالسماح لشركة سناس دى إتش إل وشركات أخري خاصة بالعمل فى مجال البريد السريع بالمنافسة مع البريد المملوك للدولة.
\ المشروعات المشتركة؛ وفيه يطلب من القطاع الخاص (محلى أو أجنبى) تقديم إنتاج منتج أو تقديم خدمة معينة بمشاركة الحكومة، بتقاسم الأرباح والخسائر كما هو الحال فى مبادرة مشروعات الغاز الطبيعى فى المملكة العربية السعودية. ويعد هذا الأسلوب من الوسائل التى يمكن من خلالها جذب الاستثمارات الأجنبية والحصول علي التكنولوجيا المتقدمة من الخارج.
\ التأجير؛ حيث تظل ملكية الدولة للمشروع، ويقوم القطاع الخاص بالتشغيل نظير دفع مبلغ سنوى للدولة. وكمثال علي تطبيق هذا الأسلوب، قام القطاع الخاص فى تونس بتشغيل بعض الفنادق بموجب عقود إيجار، كما قامت المملكة العربية السعودية باتباع هذا الأسلوب أيضاً فى بعض خدمات الموانئ.
\ تحرير النشاط الاقتصادى؛ ويتم بعدة أساليب وأهمها تحريره من كافة المعوقات القانونية والإدارية المؤثرة فى مناخ الاستثمار وزيادة فعالية آليات السوق. ويعد هذا الأسلوب أحد المحاور التى تبنتها خطة التنمية السادسة لعملية التخصيص فى المملكة العربية السعودية. ولا شك فى أن صدور نظام الاستثمار الأجنبى الجديد وغيره من عمليات إعادة الهيكلة التى قامت وتقوم بها حكومة المملكة العربية السعودية هو تطبيق عملى لهذا الأسلوب.
وهناك بعض الأساليب الأخري التى تم اتباعها علي المستوي العالمى، ولكن لم تستخدم فى المملكة العربية السعودية بعد، أشهرها ما يلى:
\ نظام المستندات؛ ويستخدم فى حالة التخصيص الضخمة، ويعتمد علي توزيع عدد من الكوبونات أو المستندات للمواطنين أو العاملين بالمنشآت العامة، وقيمة الكوبونات تعطيهم نسبة من أسهم هذه المنشآت.
\ تصفية الشركة؛ وبيع موجوداتها للقطاع الخاص كصفقة خاسرة للحكومة. ويتبع هذا الأسلوب فى حالة الشركات المتعثرة أو الخاسرة التى فقد الأمل فى إصلاحها.
إيجابيات التخصيص
\ توفير موارد إضافية ذات أثر إيجابى علي المالية العامة للدولة.
\ إعادة استثمار جزء من عائد عملية التخصيص فى مشروعات تنموية جديدة.
\ تركيز الحكومة علي أداء وظائفها الأساسية كالدفاع والأمن والقضاء.
\ توفير المزيد من فرص تشغيل العمالة فى الأجلين المتوسط والطويل.
\ تأهيل العمالة الوطنية وتدريبها بصورة مستمرة وعلي أعلي المستويات.
\ زيادة فرص الاستثمار، ومن ثم توسع النشاط الاقتصادى فى البلاد.
\ زيادة قدرة الاقتصاد الوطنى علي جذب التقنيات الحديثة واقتنائها وتوطينها.
\ إنعاش وتطوير السوق المالية.
\ تخفيض عجز الموازنة.
\ ترشيد المصروفات الحكومية، وتوجيه الموارد المالية المتاحة للإنفاق علي مشاريع الدولة الأخري.
\ إعادة هيكلة الاقتصاديات الوطنية بما يتفق مع التوجهات العالمية.
\ تحقيق الكفاءة الاقتصادية للمشروعات الحكومية، علي اعتبار أن القطاع الخاص أكثر قدرة من القطاع الحكومى علي إدارة المشروعات.
\ تخفيض أسعار السلع والخدمات علي المستهلك النهائى مع رفع مستوي جودتها.
\ توسيع قاعدة الملكية من خلال مساهمة صغار المستثمرين والعاملين.
سلبيات التخصيص
\ احتكار عمليات الإنتاج والتسويق.
\ زيادة الأسعار فى الأجل القصير.
\ تركز الدخل فى أيدى القلة القادرة علي تملك الشركات العامة.
\ تعبئة المدخرات الوطنية فى المشاريع ذات الربحية دون المشاريع التنموية.
\ تخفيض نسبة العمالة غير المنتجة فى المنشآت العامة بعد تخصيصها.
\ تقليص الاهتمام بالأبعاد الاجتماعية التى كانت محل عناية من المنشآت العامة.
\ انخفاض قيمة الأسهم نتيجة لزيادة عرضها بما قد يؤدى إلي الكساد الاقتصادى.
أهم مقومات نجاح التجارب العالمية فى التخصيص
\ إنشاء جهة أو لجنة دائمة علي أعلي المستويات السياسية يناط بها إعداد برنامج متكامل للتخصيص بمشاركة القطاع الخاص.
\ توسيع قاعدة الملكية بالمؤسسات التى يشملها التخصيص وتشجيع العاملين بهذه المؤسسات علي المشاركة فى الملكية.
\ تهيئة المناخ الملائم لضمان نجاح عملية التخصيص والحد من تداعياته السلبية.
\ استخدام عائد التخصيص فى تخفيض الديون الحكومية، وإعادة هيكلة الشركات الحكومية الخاسرة، ومواجهة الإنفاق العام، وبناء وصيانة البنية الأساسية، والاستثمارات الاستراتيجية.
\ الاحتفاظ بالملكية العامة فى المؤسسات الاستراتيجية، أو بالسهم الذهبى فى المشروعات التى تري الحكومة أهمية أن تتواجد فيها مراعاة للصالح العام.
\ تطبيق الأسلوب الأنسب للتخصيص من بين أساليبه المتعددة حسب ظروف كل حالة علي حدة.
المناخ الملائم لعملية التخصيص
بالمملكة العربية السعودية
\ أن يتجه التخصيص بأولوية أولي نحو المؤسسات الحكومية التى تدار بأسلوب حكومى ثم بأولوية ثانية نحو المؤسسات التى تدار بأسلوب تجارى.
\ أن يتجه التخصيص أكثر ما يتجه إلي نشاطات ومشروعات جديدة غير تقليدية، ولا يقتصر فقط علي نقل ملكية أو إدارة ما هو قائم من مشروعات عامة.
\ أن يشمل التخصيص فى المدي المتوسط والبعيد معظم مشاريع الدولة بما فى ذلك قطاعات الطاقة والبنية التحتية والموارد الطبيعية والمشاريع البيئية كالصرف الصحى والنفايات الصناعية مثلاً.
\ ألا يعنى تخصيص المشاريع الكبري احتكار السوق لها.
\ التأكيد علي أهمية تدوير جزء من الأموال الناتجة عن عملية التخصيص فى إقامة مشاريع استثمارية جديدة.
\ يستلزم تنفيذ عملية التخصيص بنجاح دعم وتنمية الأسواق المالية بالمملكة العربية السعودية، ووجود أنظمة فعالة لمراقبتها، مع توفير أجهزة الخدمات المالية المساندة مثل مؤسسات الوساطة المالية والتأمين.
\ تمثيل القطاع الخاص فى اللجنة الجديدة المشكلة لدراسة موضوع التخصيص من خلال عضوية مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية.
\ تشجيع قيام الشركات المساهمة لما يقترن بهذا النمط من تنظيم جيد وتوسيع قاعدة الملكية وجذب استثمارات صغار المستثمرين.
\ استقطاب الاستثمارات الأجنبية واجتذاب الأموال السعودية المستثمرة فى الخارج للمساهمة فى المشروعات الجديدة التى تتيحها عملية التخصيص.
\ الحد من البيروقراطية أينما وجدت، باعتبارها عائقاً لعملية التخصيص.
\ إجراء تقويم للمشروعات المراد تخصيصها من حيث التكلفة والعائد، وللأوضاع المالية لموجودات هذه المشروعات.
\ عدم تجاهل الآثار السلبية المؤقتة التى قد تنجم عن عملية التخصيص فيما يتعلق بارتفاع الأسعار، تسريح العمالة، حيث دلت التجارب العالمية أن التخصيص فى الأجل القصير غالباً ما يصاحبه تقليص فى حجم العمالة، ومن ثم ارتفاع البطالة، فى حين يزداد الطلب علي العمالة وتوظيفها بمعدلات أعلي مما تم التخلص منه فى الأجل الطويل، وذلك بسبب زيادة الاستثمارات نتيجة ارتفاع الطلب علي السلع والخدمات لتحسن جودتها وانخفاض أسعار.
\ خلق بيئة تنافسية صحية تسهم فى حركة الإنماء الاقتصادى والاجتماعى.
\ إتاحة الفرصة لمشاركة القطاع الخاص فى تطوير المشروعات البلدية.
\ أهمية وجود ضوابط تكون جزءاً لا يتجزأ من اتفاقية البيع الكلى للمنشآت المباعة، وذلك حماية للمصلحة العامة والمستهلك.
\ توعية الرأى العام بمفاهيم التخصيص وآثاره المتوقعة.
\ تفعيل أنظمة المراقبة الحكومية لعملية أداء الخدمات، وكذلك الأجهزة المعنية بالرقابة علي مواصفات ومقاييس المنتجات السلعية، وذلك حماية للمستهلك النهائى من أى محاولات للغش.
\ وضع الأنظمة واللوائح للقطاعات التى يتم تخصيصها، وإنشاء هيئات للرقابة لكل قطاع لمتابعة تطوير أدائه.
المصدر: إدارة البحوث والدراسات الاقتصادية -
مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية - الرياض.