القانون الدولي.. رخصة إسرائيلية
بعد انتهاء الحروب العالمية وما نتج عنها من إراقة لدماء الأبرياء وانتهاك لحقوق الإنسان، تدخلت القوي العظمي فى العالم لصنع أسطورة السلام والعدالة الدولية وأنشأت هيئة الأمم المتحدة لتحقق من خلالها تلك الأسطورة المزعومة. ولم يكن بامكان دول العالم الثالث إلا القبول بالأمر الواقع. وكان أول شرط قوبل بالقبول دون اعتراض أو معارضة هو "حق الفيتو" الذى سلمت مفاتيحه للدول الخمس العظمي الأعضاء فى مجلس الأمن لتقدم مصالحها علي مصالح بقية دول العالم. وبالرغم من أن هذا الحق قد تم قبوله والاتفاق عليه، إلا أنه عملياً لا يرتبط بأى صلة من قريب أو من بعيد بمبادئ القانون الدولى أو بأحد فروعه. وأصبحت هيئة الأمم المتحدة بمثابة الأم الأصلية للدول العظمي لتجعل من القانون الدولى قانوناً صارماً لكل من خالفه من الضعفاء فقط ورخصة قيادة لقطار الدول العظمي لتقطيع أجساد الأبرياء تحت مظلة العدالة الدولية. ومن أكثر الدول التى خدمها هذا القانون الدولى ورعي مصالحها هى دولة إسرائيل. فرغم كل القرارات التى صدرت عن هيئة الأمم المتحدة لصالح الشعب الفلسطينى وحقه المشروع فى أرضه ووطنه، إلا أن تلك القرارات كانت تسحق بحق القوة والتسلط "الفيتو". وفى المقابل، فإن أى قرار يصدر ليحمى المصالح الإسرائيلية، تتحرك معه قوي العالم العظمي لتؤيده وتحميه وتطالب بتطبيقه، وتجعل من الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية وقتل الأبرياء من نساء وأطفال حقاً مكتسباً ومشروعاً، وتنظر لأطفال الحجارة ودفاعهم المشروع عن أراضيهم، وللانتفاضة علي أنها أعمال إرهابية يعاقب القانون الدولى مرتكبيها. ولكن هذا الباطل لا يمكن أن يدوم للأبد. فمهما استمر هذا القانون الدولى خادماً لصانعه، إلا أن التاريخ لن يغفل عن سفك دماء الأبرياء وسيسجل ممارسات هذه الدول العظمي ولن يبقي القانون الدولى ساتراً لهم ولفضائح مذابحهم، لأن الحق لابد وأن يظهر ويعيد الأمور إلي نصابها. وسيأتى اليوم الذى يعود فيه التوازن إلي هيئة الأمم المتحدة. ولن تحمى إسرائيل وقتها قشور القانون الدولى من جوارح العالم بأسره. وليس ذلك علي الله ببعيد.