بتـــــاريخ : 7/5/2009 11:56:14 PM
الفــــــــئة
  • الاقتصـــــــــاد
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 2518 0


    حكاية برنارد مادوف. اللص الأكبر

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : www.ecoworld-mag.com

    كلمات مفتاحية  :
    حكاية برنارد مادوف. اللص الأكبر
     
    برنارد مادوف
    برنارد مادوف

    عندما زأر تسونامي الأزمة المالية في أسواق المال الأمريكية، دوى الصدى في جنبات العالم أجمع، وتحول هذا الزئير الذي انتقل بسرعة البرق إلى ألسنة من اللهب التي تكوي جباه ورقاب العباد في كل مكان. نعم طالت الأزمة المالية كل دول العالم دون استثناء في موجة تسونامي عاتية لم يسلم منها أحد. وفجأة بدل أن كان برميل البترول يحلق في سماوات لم يحلم بها أكثر المتفائلين، وهي 140 دولاراً أمريكياً للبرميل، إذا به يهوي إلى أقل من 40 دولاراً أمريكياً حتى كتابة هذه السطور، والبقية تأتي.
    في خضم تلك الأعاصير التي انطلقت من قلب أسواق المال الأمريكية التي تعفنت بـ «الفساد المزمن»، بدأت أوراق التوت تتطاير فتكشف بؤر الفساد الواحدة تلو الأخرى.
    وكان من أكبر ما اكتشف حتى الآن ممارسات إمبراطورية برنارد مادوف، الرئيس السابق لناسداك ، البالغ من العمر 70 عاماً، والرجل الأشهر في عالم المال والأعمال على مدى عقود والذي سرق نحو 50 مليار دولار أمريكي دون أن يكتشف.
    ومن يتمعن في حجم السرقة التي قام بها مادوف يكتشف مدى اهتراء النظام المالي الأمريكي الذي سمح بتعشش الفساد في كل ركن من أركانه.
    وبات السؤال الأهم والأكثر تداولاً على ألسنة المعنيين، سواء كانوا عاملين في مجال المال والأعمال أو من المتضررين من ممارسات مادوف أو حتى من المتضررين الذين طالتهم تداعيات الأزمة المالية العالمية؛ هو كيف يمكن لشخص واحد أن يسرق 50 مليار دولار أمريكي؟
    بداية يجمع المراقبون على أن ما قام به برنارد مادوف، هو أكبر عملية احتيال في التاريخ على الإطلاق. لم يكن مادوف يدير صندوق تحوط فعلي، ولكن كان يدير حسابات لصالح مستثمرين داخل شركته.

    مسرح الجريمة


    جرت فصول قصة الاحتيال الشهيرة تلك في مبنى «ليب ستيك»، البيضاوي الذي يتكون من 34 طابقاً والذي يقع في الشارع الثالث في حي مانهاتن في نيويورك.
    ففي دهاليز هذا المبنى، الذي يبدو كتحفة معمارية بفضل الجرانيت الأبيض الذي يكسوه بالكامل، حدثت الكثير من الأسرار التي أحاطت بعملية الاحتيال المالية الكبرى التي قام بها مادوف على مدى سنوات طويلة دون أن يكتشفه أحد.
    وفي هذا المبنى كانت هناك شركة « برنارد
    مادوف إنفيستمنت لتداول الأوراق المالية»، وكان الطابق السابع عشر بمثابة الحرم المقدس لبرنارد مادوف، يعمل فيه أقل من 24 موظفاً، ونادراً ما يزوره الموظفون الآخرون، حسب ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز. وكان يطلق على هذا الطابق طابق «صندوق التحوط».

    التهمة.. توظيف أموال


    لقد تكشفت أولى خيوط القصة عندما لاحت في الأفق إرهاصات الأزمة المالية العالمية، حيث انكشف الستار عن ممارسات مادوف التي كان يقوم بها بعيداً عن عيون الجميع. أما التهم الموجهة ضد مادوف، فهي أن شركته دفعت للمستثمرين السابقين أرباحاً من أموال المستثمرين الجدد، وقد بدت عملية الاحتيال الكبرى هذه في تراجع السوق وسعي الكثير من المستثمرين الذين خسروا أموالهم في أماكن أخرى من العالم لسحب أموالهم من استثماراتهم مع مادوف.
    وعندما طلب المستثمرون أموالهم اكتشفوا أن مادوف قد استولى عليها ولم يصلهم أي رد. وتبين أن مادوف لم يكن يدير صندوق تحوط فعلي، ولكن بدلاً من ذلك كان يدير حسابات لصالح مستثمرين داخل شركته لتداول الأوراق المالية. ورغم أن الكثير من المستثمرين كانوا أصدقاء أو قابلوا مادوف في الأندية ومجالس إدارة المؤسسات الخيرية، فإن العدد الأكبر عهدوا بأموالهم إلى شركات استشارية محترفة، قامت بدورها بتسليم المال إلى مادوف نظير الحصول على مقابل.
    ويشكك المستثمرون في الوقت الحالي فيما إذا كان هؤلاء الاستشاريون الذين حصلوا على مقابل، قد اجتهدوا بالقدر الكافي في الاستقصاء بخصوص مادوف للتأكد من أن أموالهم آمنة، وحيث أن هؤلاء الاستشاريين يعملون لصالح مؤسسات كبرى مثل بانكو سانتاندر، فمن المحتمل أن يسعى معظم المستثمرين إلى هؤلاء، بدلاً من بقايا شركة مادوف، لاسترجاع أموالهم.

    السؤال المحير


    ولكن ما زال ثمة تساؤل يسيطر على الساحة؛ كيف يمكن لشخص واحد أن ينجح في عملية الاحتيال هذه التي استمرت لفترة طويلة وأثرت على الكثيرين، وكيف تمكن من تنفيذ الإجراءات العملية البسيطة التي احتاجتها عملية الاحتيال، مثل إصدار البيانات الشهرية وكشوفات الضرائب السنوية والتأكيدات التجارية والتحويلات البنكية؟ وتحتاج عملية إدارة أموال الشركات في حجم شركة مادوف إلى المئات من الأشخاص الذين توكل لهم تلك المهام الإدارية، ولكن المدعين يقولون إنه يزعم أنه كان يتصرف بمفرده بالكامل. ويشمل التحقيق البنوك ومديري الأموال الذين ساعدوا في دفع عملاء مادوف، ويقولون الآن إنهم من بين ضحاياه.

    مصداقية أمريكا المالية على المحك


    بعد تكشف فضيحة الاحتيال التي نفذها مادوف، بدأ المسؤولون الماليون في شتى أنحاء العالم يتساءلون عن مدى مصداقية سلطات الرقابة الأمريكية، خصوصاً بعد عملية اتساع قائمة المتضررين في عملية الاحتيال الكبرى، التي أدارها مادوف بذكاء وفقاً لمبدأ بسيط؛ تسديد فوائد العملاء الحاليين، عبر رأسمال يؤمنه العملاء الجدد.
    وقد أثار دومينيك شتراوس كان، مدير صندوق النقد الدولي، تساؤلات حول سلطات الرقابة الأمريكية، وقال؛ إن وجود لصوص ليس أمراً مفاجئاً، لكن السؤال هو.. ماذا تفعل الشرطة؟
    من جانبه تساءل مدير صندوق فرنسي؛ كيف تنطلي على مؤسسات جدية، فوائد تتجاوز 12%، من دون أن تطرح تساؤلات؟ وأكد أن سمعة برنارد مادوف كانت توحي بثقة مطلقة، خصوصاً أن لجنة إس أي سي (سيكيوريتيز آند اكستشينج كومِّيشن) انضمت إلى خدماته. والآن تحوم الشبهات حول هذه اللجنة، التي تعتبر بمثابة الشرطي الأمريكي للأسواق.
    أما چان بيار جوييه، رئيس السلطة الفرنسية للأسواق المالية، فحمل القوانين الأمريكية المسؤولية، قائلاً؛ «للمرة الرابعة تكون القوانين الأمريكية موضع اتهام»، لافتاً إلى الافلاسات الكبيرة لصندوق المضاربات إل.تي.سي.إم عام 1998م ولشركة إنرون للطاقة عام 2001م، ولمصرف ليمان براذرز عام 2008م.
    وأضاف جوييه؛ أعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية يجب أن تحرز تقدماً كبيراً على صعيد تطوير نظامها المالي.

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()