الحلقة 19: المشي إلى المسجد
اللهم أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين. قلنا في حلقة سابقة أن هذا الدين دين الفطرة يعني كالهواء كالماء تأتيك العبادات والأجر بدون تكلف وكل واحد منا عنده عبادات لكنه لا ينتبه لها، وكونه لا ينتبه لها هذا خطأ لأن كل عبادة لا بد لها من نيّة مثلاً إذا شخص بقي طوال اليوم من دون أكل لأنه مشغول هذا لا يسمى صائماً لأن كان عليه أن ينوي الصيام. كلنا عندنا عبادات على مدار الأربع وعشرين ساعة ولكن لا ننتبه لها.
منذ جاء النبي r إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة هناك من الناس من ليس عنده سيارة ولا حصان ولا حمار فيضطر أن يذهب للمسجد ماشياً، هذا المشي، كونك تذهب إلى المسجد ماشياً هذا من أجلّ العبادات. كلمة (بشِّر) في الإسلام محدودة، بشّر المتقين، بشِّر الذين آمنوا، من ضمن الذين بشّرهم الإسلام بشارة مقدمة الذين يذهبون إلى المسجد ماشين، نحن الآن عندنا سيارات. كان هناك أحد الصحابة كان بيته بجانب المسجد فباعه واشترى بيتاً آخر في طرف المدينة بعيد بحيث لما يأتي للصلاة ويعود وعندما يصل إلى البيت يكون قد حان موعد الصلاة الثانية فيعود فقالوا يا رسول الله هذا فلان يتعب تعباً شديداً فأرسل له فسأله قال يا رسول الله أنا بعت البيت متعمداً قال لماذا؟ قال ألم تقل "بشِّر المشائين في الظُلَم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة"؟ المشي إلى المساجد كل خطوة كل قدم ترفعها وتضعها فيها نخلة في الجنة وفيها قصر وفيها امرأة وفيها مغفرة هذا كرم خير الغافرين! لأنه خير الغافرين يعطي عطاء بهذا الشكل! هذا عند الله سخاء، بمجرد أن تمشي للمسجد "بشِّر المشائين في الظُلَم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة" يوم القيامة مظلم والكون أصله الظلمة والله تعالى قال (نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ (8) التحريم) أقوى نور يضاء لك في هذه الظلمة الناس الذين يذهبون مشياً إلى المسجد. يا لها من عبادة! رأيت واحداً بعيني كان حريصاً على أن يأتي للمسجد ماشياً خاصة صباحاً وعشاءً وهو شاب في الخامسة والعشرين، في يوم من الأيام جاء المسجد ماشياً لصلاة الفجر ثم صلى وخرج ماشياً إلى بيته وفي تقاطع شارع إذا بسيارة تقتله في الشارع بجانب السفارة الروسية، ما هذه الميتة؟! هذه ميتة يتمناها المرء لنفسه، واحد صلى الفجر جاء ماشياً وعاد ماشياً ومن صلّى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله ثم تقتله سيارة، هذا مات شهيداً، هذه ميتة رائعة! شهيد سيارة، شهيد مسجد، صلّى الفجر في جماعة، في ذمة الله. حينئذ إذا استطعت أن تذهب للمسجد ماشياً وخاصة في الظُلَم التي هي المغرب والعشاء والصبح فاعلم أنك ملك يوم القيامة سيكرمك رب العالمين إكراماً وسيوفّي كل الذين يطلبوك وما أكثرهم! ويغفر لك كل ذنوبك وما أكثرها! فاحرص على أن تذهب للمسجد ماشياً صباحاً ومغرباً وعشاءً.