هل يمكن تحقيق التنمية المستدامة بالعالم الإسلامي؟ الإجابة عن هذا التساؤل كانت محورا لجلسات اليوم الثاني من مؤتمر "التنمية المستدامة بالعالم الإسلامي في مواجهة تحديات العولمة" الذي يستضيفه مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية ورابطة الجامعات الإسلامية خلال الفترة من 17 حتى 19 مايو 2008.
وعكست الأوراق المقدمة خلال جلسات اليوم الرؤية التي يتبناها المؤتمر، والتي تدور حول حل ثلاثي يلعب فيه الدين الدور القائد لقاطرة التنمية، التي تعتمد على محركين أساسيين هما الاقتصاد والإعلام.
وكانت الكلمة التي ألقاها د.إسماعيل شلبي، أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق جامعة الزقازيق، هي المؤسس لتلك الفكرة، فقد أكد خلالها أن ديننا الإسلامي يدعونا إلى التكامل، ولكننا وبرغم ما نملك من مقومات هذا التكامل، ما زلنا عاجزين عن تحقيقه، لسبب بسيط لخصه في أننا نقرأ القرآن كالببغاوات دون أن نعي ونتدبر ما نقرأ.
وقال د.شلبي: "أنا أتعجب من أن أمة تملك كل مقومات التكامل، ومع ذلك لا تسعى إليه"، مشيرًا إلى أن العالم العربي به كل أسباب القوة، فبه خمس سكان العالم، ولديه 60% من احتياطات البترول العالمي، و40% من احتياطات الغاز، ولكن للأسف - كما أكد د.شلبي - فإن خيره يذهب لأوروبا، بدليل وجود تريليوني دولار تستثمرها الدول العربية خارج العالم العربي.
وأوضح د.شلبي في ختام كلمته أن الاقتصاد هو أحد أسباب القوة، ولن يتحقق الاقتصاد القوي في عالم العولمة إلا بالتكتلات، واعتبر أن التطبيق العملي لما جاء بالدين الإسلامي هو السبيل لذلك.
الفساد والرشاوى
وليست مشكلة عدم تحقيق التكامل فقط هي أحد أضرار البعد عن التطبيق العملي للدين، ولكن كانت مظاهر الفساد والرشوة، التي جعلت الدول العربية والإسلامية تحتل مراتب متقدمة على مقاييس الفساد والرشوة التي تعدها الجهات الدولية، من أبرز العيوب.. هكذا أكد د.محمد سعدو الجرف، أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة أم القرى، واعتبر أن هذه المظاهر أحد أسباب التخلف بالعالم العربي والتي رصدتها تقارير التنمية البشرية التي يعدها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في عده مجالات هي:
وأكد د.مصطفى الدسوقي كسبه، المدير التنفيذي لمركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي، على هذه الرؤية، وأوضح في كلمته أن التنمية لن تتحقق ما دام هناك فصل بين السياسة والاقتصاد والأخلاق، وقال:"رؤيتنا الإسلامية في التنمية لا بد أن تنطلق من الربط بينهم".
الإعلام شريك أساسي
كان وجود أساتذة متخصصين في الإعلام بجوار أساتذة الاقتصاد على المنصة كفيلا بتقديم إجابة موجزة لسؤال عن السبيل الأمثل لتحقيق التغيير الذي طرحته الكلمات السابقة، تلخصها كلمتان هما:"دور الإعلام"، ولذلك جاءت كلمات هؤلاء الأساتذة تأكيدًا على هذه الإجابة، فأشار د.مجدي الداغر، مدرس الإعلام بجامعة المنصورة، إلى أهمية الدور الذي يلعبه الإعلام كشريك أساسي في التنمية من خلال دعم الخطط التنموية التي تعالج الفقر والبطالة والأمية، وتسعى لنشر العدالة في توزيع الثروة القومية، وضمان حرية التعبير والمشاركة في صنع القرارات.
واعتبر د.الداغر أن هذا عبأ لا يقدر عليه إلا الإعلام الذي يملك ميزة هامة لا تتوافر لغيره، هي التأثير على الآخرين، لكنه قال إن عالمنا العربي والإسلامي لا يزال بعيدا عن هذا الأمر، حيث ينظر للإعلام على أنه مجرد ناقل للمعلومة.
وأكد هذه الرؤية د.رضا عبد الواجد، المدرس بقسم الصحافة والإعلام بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر، وقال إن وسائل الإعلام قادرة على وضع أجندة الجمهور وإعادة ترتيب أولوياته باتجاه قضايا التنمية، لكنه أكد أن ذلك لابد أن يتم بالاستناد إلى المرجعية العقائدية التي تحكم ثقافة الشعوب الإسلامية من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية التي حفلت تعاليمها بالحث على تطوير وتنمية الحياة وعمارة الكون.
وخلص المشاركون في اليوم إلى أن الاقتصاد القوي والإعلام التنموي عندما ينطلقان من خلفية دينية واحدة تجمع الشعوب العربية، فذلك هو السبيل لتحقيق القوة المطلوبة في عالم العولمة والتكتلات الاقتصادية.
موقع مال واعمال