بتـــــاريخ : 2/2/2009 3:10:05 PM
الفــــــــئة
  • الصحــــــــــــة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 846 0


    تاْملات اسلاميه في مشاكل بيلوجيه

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : د\حسين رضوان | المصدر : www.55a.net

    كلمات مفتاحية  :
    تاْملات اسلاميه مشاكل بيلوجيه

     

    لكل قضية دعوى ودعوى قضية الإسلام هي :
    إن القرآن الكريم هو كتاب الله الخالد الباقي المحفوظ ليدين به الجميع وليكون دستوراً للعالمين لمن شاء منهم أن يستقيم.
    وحيثيات الدعوة هي خلاصة علوم مقارنة الأديان والكتب المقدسة بجميع نواحيها في العقيدة والتوحيد والتاريخ والعلوم الإنسانية والكونية والتي بينت .
    1- إن القرآن هو الكتاب الوحيد الخالي من التناقض والاختلاف والتحريف والتصحيف.
    2- إن القرآن هو الكتاب الوحيد المعجز في معانيه ومبانيه من أول كلمة إلى آخر كلمة فيه.
    3-  إن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي ينزه الألوهية مما لا يليق بكمالها
    4-  إن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي ينزه الرسل المكرمين من كبائر الإثم والفواحش.
    5-  إن القرآن هو الكتاب الوحيد الباقي كما أنزل والذي يرجع إسناده إلى المصدر مباشرة.
    6-  إن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي نجد منه نسخة وحيدة متطابقة في أي زمان ومكان.
    7-  إن القرآن الكريم عالمي في منهاجه فهو يحقق التوازن والعدل بين الإنسان ونفسه، والإنسان وأخيه الإنسان ، والإنسان والكون من حوله.
    8-  إن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي نجد فيه إشارات علمية من الذرة إلى المجرة ومن النطفة إلى المخ البشري تتطابق مع الحقائق العلمية المكتشفة بأدق وسائل التقنية  .
    وعلى العموم فالقرآن كلام الله يشعر المستمع إليه أنه يأتي من السماء.
    ولقد أفردنا في شرح ذلك كتاباً أسميناه  -لماذا القرآن - ليكون رأساً لسلسلة -لماذا القرآن ولماذا الإسلام ؟ والذي منها هذا العمل الذي سنتناول فيه قضية علم الأجنة وما ترتب عليها من قضايا أخرى كقضية التلقيح الصناعي وطفل الأنابيب ، والاستنساخ وسيكون تناولنا للجانب العلمي والعقائدي لهذه القضايا ، أما الجانب الشرعي ( الحلال والحرام ) فهو متروك للفقهاء  .
    فالقضية العلمية المعملية قضية مجردة تهدف إلى كشف سر من أسرار الكون ، ولكن عندما تدخل للتطبيق الواسع بين البشر فقد ينشأ من جراء ذلك أخطار ومشاكل تحتاج إلى توجيه أو تقنين ، ومثال ذلك اكتشاف أسرار الانشطار النووي والطاقة الذرية ، كان في البداية كشفاً علمياً عن أسرار الذرة وطاقات الكون الكامنة التي تقدم للبشرية خيراً كثيراً من خلال الاستفادة من الطاقة المتولدة عنها ، ولكن عندما دخل استخدامها إلى أسلحة الدمار الشامل كان لا بد من تدخل المشرع ليدلي بدلوه في هذا الاتجاه الذي ينشر الفساد والدمار في الأرض .
    فلا حجر ولا زجر على الأبحاث العلمية التي تكشف أسرار الكون ما دامت محدودة في المعامل ، ولكن عندما تدخل إلى حيز التطبيق فلا بد من تدخل المشرع لتقنيتها ووضع القواعد والضوابط والضمانات الشرعية لها  .
    أولاً : خلق الجنين
    عندما كان العقل لا يملك من وسائل التقنية ما يمكنه من معرفة أسرار تكون الجنين من البداية ، وضع نظريات عن نشأة الجنين كالآتي :
    1- الجنين من لا شيء عن طريق التولد الذاتي بالصدفة.
    2-  الجنين ينشأ من بذور تخرج من الرجل وتحمل صورة مصغرة وكاملة للطفل وما الزوجة إلا مكان ينمو فيه (بمعنى يزداد في الحجم)
    3- الجنين ينشأ من الأم وما السائل الذكري إلا خميرة تعمل كعامل مساعد فقط .
    وعندما أُكتشف المجهر وتطورت وسائل التقنية عرف العلماء أن النظريات السابقة لتكون الجنين لا أساس لها من الصحة ، وفي القرن التاسع عشر وما بعده عُرفت الأطوار الحقيقية للجنين كما يأتي :
    أ- يبدأ تكون الجنين باتحاد النطفة المذكرة ( الحيوان المنوي )وهو يحمل نصف صفات الجنين مع النطفة المؤنثة ( البويضة ) وهي تحمل النصف الآخر للصفات وينشأ عن هذا الاتحاد نطفة أمشاج وهي الخلية الأولى التي تحتوي على صفات الجنين كلها وتسمى ( الزيجوت ) .
    ومن هذه الخلية الأمشاج يتكون الجنين مرحلة من بعد مرحلة بتوالي الانقسامات لتكوين أعداد متزايدة من الخلايا المتشابهة في طور حر الحركة يتجه نحو تجويف الرحم وعند ذلك يكتسب خاصية العلوق وهنا يبدأ الطور التالي :
    ب- طور العلقة : وفيها يتعلق الجنين بالرحم وتبدأ عملية تمايزه إلى طبقات ثلاثة مسطحة ليبدأ بعده طور المضغة  .
    ج- طور المضغة :وفي هذا الطور تظهر على الجنين مرتفعات ومنخفضات فيشبه بذلك قطعة اللحم أو اللبان الممضوغ وهو ما يسمى طور الأجسام البدنية والتي تتمايز إلى عظام وعضلات وغير ذلك  .
    د- طور ظهور الهيكل العظمي وكساءه بالعضلات : 
    في هذا الطور يبدأ ظهور العظام والعضلات من منطقتين متجاورتين بعدها تكسوا العضلات هيكلها العظمي وبعد انقضاء 120 يوم يظهر الشكل الآدمي لوجه الطفل .
       ·  وكان الكشف العلمي الحديث لمراحل الجنين الحقيقية أحد الأدلة على صدق القرآن الكريم وإعجازه وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم وعالمية الإسلام .
     فقد لخص القرآن الكريم في إعجاز علمي باهر مراحل الجنين من النطفة إلى الخلق الآخر في آية واحدة كما يأتي :
    يقول الحق في سورة المؤمنون )ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين (وتشير هذه الآية في إعجاز إلى الحقائق التالية
    1- الجنين لا يكون كامل من البداية بل يبدأ بمرحلة بسيطة تزداد في التعقيد مرحله بعد مرحلة وطور بعد طور  .
    2-  الطور الأول بعد النطفة يشبه العلقة لأنه شكلاً مثل دودة العلق الطبي ولأنه اكتسب خاصية التعلق بعد أن كان قطرة حرة الحركة .
    3- الطور التالي يشبه قطعة اللحم الممضوغ لظهور تغضنات عليه في بداية التمايز الجنيني .
    4-  تظهر بدايات العظام واللحم ويتحدد للهيكل العظمي هيئته البنائية .
    5-  يتم كساء الهيكل باللحم ( العضلات )  .
    6-  يتشكل في النهاية الشكل الآدمي المميز  .
    ولأن هذه الحقائق لم تكن معروفة حتى بعد نزول القرآن بأكثر من ألف عام فإن وجودها في القرآن يعتبر دليلاً يقينياً وعالمياً  على صدق الرسالة وصدق الرسول وهذا ما دفع أحد أكبر علماء الأجنة في العالم بالقول " أشهد أن هذا الكلام (عن الأجنة ) الذي ذكره القرآن لابد وأن يكون قد نزل على محمد من عند الله " وكان ذلك في التليفزيون الكندي وعندما وجه إليه السؤال التالي : لماذا تقول ذلك ؟
    فأجاب : لأن هذه المعلومات عن مراحل الجنين لم يعرفها العلماء إلا بعد أكثر من ألف عام من نزول القرآن فلابد وأن تكون هذه المعلومات من عند الله .
    وكان هذا العالم الجليل هو أ . د/ كث المور وهو من أكبر علماء الأجنة في العالم 
    ولم يقتصر تفكير العلماء على معرفة خطوات الجنين ومراحله ، بل لاحظوا ظاهرة محيرة هي :كيف أمكن للخلية الواحدة أن تعطي خلايا مختلفة متميزة ؟
    وبمعنى آخر : متى وكيف يحدث التمايز الخلوي ؟
    وكان العلماء يعلمون أن مرحلة النطفة الأمشاج لها بداية ونهاية .
    أما البداية:فهي خلية واحدة تسمى الزيجوت .
    وأما النهاية :فهي مجموعة من الخلايا المتشابهة تماماً نشأت من انقسامات متتالية للخلية الأولى وكان العلماء أيضاً يعلمون أن المرحلة التالية هي مرحلة العلقة، وفيها يبدأ التمايز الخلوي بظهور خلايا متخصصة في طبقات ثلاثة.
    الخارجة ، والوسطى، والداخلية، وهي مسطحات من الخلايا لا نجد فيها عوجاً ولا صدعاً، وبعدها يظهر في الجنين مزيداً من التمايز الخلوي بظهور الأجسام البدنية في طور المضغة والتي تتمايز بعد ذلك إلى العظام والعضلات وغيرها ويتم التمايز حتى ينشأ الجنين في أحسن تقويم وهنا ظهرت أسئلة محيرة :      
    كيف تحولت خلايا النطفة المتشابهة إلى ثلاثة أنواع من الخلايا المتمايزة في كائن العلقة ؟
    وكيف تمايزت العلقة ذات الثلاثة طبقات وذات الأسطح المستوية إلى كائن متغضن عليه نتوءات وثنيات ويحفه على الجانبين عقد من البروزات المحددة في كائن المضغة ؟
    ثم من الذي حول تلك البروزات إلى عظام وعضلات ؟
    وبمعنى آخر: من أين جاء ذلك التمايز والأصل خلية واحدة متجانسة ؟
    فيكون الجواب المنطقي :
    لا بد وأن تكون هناك أوامر تصدر للخلية لكي تتمايز ، فيكون السؤال التالي :
    من أين تأتي هذه الأوامر ؟
    والجواب العلمي على ذلك : إنه لا يوجد إلا ثلاث طرق محتملة تأتي منها تلك الأوامر هي :
    1- من نواة الخلية .
    2-  من المادة حول النواة .
    3-  من خارج الخلية .
    وقبل أن ندلي بدلونا ونقدم اجتهادنا في هذا المجال هيا بنا في جولة علمية رائعة مع أسرار التمايز الخلوي .
    أولاً : أبحاث على النواة :
    تمكن د . جوردون ، د . لاسكي من إكسفورد من تنشئة ضفدعة بالغة عادية قادرة على التكاثر من بيضة غير مخصبة تحوي نواة خلية معوية متميزة ليرقة ضفدع وكان ذلك في الخمسينات ، وحديثاً قام بهذه التجارب  د . مورون ومعاونوه في إنجلترا مؤكداً ما سبق ، وأن أي خلية حتى التي تمايزت تحتوي على كل الجينوم أو كل الصفات ولكن بعضها كامن والآخر عامل .
    ثانياً : أبحاث على السيتوبلازم:
    وجد العلماء هذه الظواهر الهامة :
    1 - عند إزالة النواة من بيضة المنشطة فإن البويضة الخالية من النواة تتفلج (تنقسم) بصورة عادية ويقف التفلج عند بدأ مرحلة التبطين GASTRLATION وهنا لابد من تدخل النواة بمعلومات وأوامر لاستكمال مشروع الجنين الكامل .
    2-  تجربة الهلال السنجابي :
    في بعض بويضات الحيوانات الدنيا يظهر في السيتوبلازم هلال سنجابي بعد التلقيح ، فلو قمنا بفصل البيضة الملقحة فصلاً غير تام ، بحيث تبقى النواة في قطب ويبقى الهلال السنجابي في القطب الآخر ، ثم بعد عدة انقسامات من النواة سمحنا لنواة واحدة بالمرور إلى القسم الذي فيه الهلال السنجابي فإن القسم الذي فيه الهلال السنجابي يتكون منه جنين كامل والقسم الآخر الخالي من الهلال السنجابي لا يتكون منه جنين .
    ثالثاً : التعويض:
    من الملاحظ أن الحيوانات الدنيا تستطيع تعويض ما يفقد منها من أجزاء الجسم المختلفة بل إن بعض الحيوانات العليا تستطيع ذلك وفي الحقيقة أن عملية التعويض على المستوى الخلوي أمر شائع  في الحياة وحتى في الإنسان يمكن تعويض كثيراً من الخلايا كبطانة الجسم وخلايا الكبد وغير ذلك .
    ويكون السؤال الأول في هذا المجال هو ، كيف تتم عملية التعويض ؟ 
    الجواب : يوجد طريقتان لذلك هما :
    1- طريقة انقسام الخلايا المجاورة للمنطقة المفقودة وانتشارها لتغطي المنطقة المفقودة وهو أمر يحدث عند تعويض قطعة من الكبد أو الجلد مثلاً .
    2- تكوين كتلة لها سمك من الخلايا غير متمايزة تسمى بلاستيما  (Blastema)
     والتي تتمايز وتتحرك فراغياً لتكوين المفقود وهي مشهورة في حالة تعويض ذيل أو رجل مثلاً في بعض الحيوانات الدنيا 
    فيكون السؤال التالي : من أين جاءت هذه البلاستيما ؟
    الإجابة ربما جاءت من خلايا حافة الجزء المقطوع أو من أنواع خاصة من الخلايا الاحتياطية والتي تعتبر (كامنة) في الظروف العادية وتتحرك مهاجرة عند الضرورة لتذهب للمكان الذي حدث فيه القطع حيث تتراكم وتتمايز في الفراغ ، وتسمى هذه الخلايا ((Neoblastأو(Interstitial) ويسمى التعويض بواسطة البلاستيما (Epimorphosis)  .
    هذا في الظاهر ولكن على المستوى الخلوي كيف تتم عملية التعويض ؟
    وفي بداية البحث في هذه القضية سأل العلماء هذا السؤال : هل عملية التعويض نتيجة لأمر عام من الجسم أم أمر محلي في مكان القسم المفقود ؟
    ولأجل كشف السر عن هذه المشكلة قام العلماء ببتر طرف من أطراف حيوان معين ثم قاموا بتعريض كل جسم الحيوان قيد التجربة للأشاعات المتأينة وشمل التعريض المنطقة المبتورة ، وراقبوا عملية التعويض فلم تحدث .
    فقاموا في تجربة ثانية بتعريض منطقة البتر فقط فلم تحدث عملية التعويض أيضاً وفي تجربة ثالثة عرضوا الجسم ولم يعرضوا منطقة البتر فحدث التعويض ، مما يوحي بأن جهاز التعويض أو خلاياه العاملة موجودة في منطقة البتر أو القطع .
    ولكن بقيت مشكلة هامة وهي نوعية الخلايا المستخدمة في التعويض ، هل هي من الأنواع المحلية المتمايزة والتي تقع على حافة القطع كالعضلات والعظام ، أم هي من خلايا أخرى كامنة غير متمايزة ؟
    وللإجابة العلمية عن هذه المعضلة كانت هذه التجربة الرائعة والتي أجراها العلماء على حيوان بر مائي يشبه السحالي اسمه ( سَمنَدَل الماء ) وأجريت التجربة على إحدى أطراف السمندل كما يأتي:
    بعد قطع جزء معين من طرف الحيوان :
    1- قطع العلماء عظام الجزء الباقي ( غير المقطوع ) وعندما تمت عملية التعويض بنمو جزء بديل عن المقطوع لاحظ العلماء أن الجزء الذي نما حديثاً كاملاً حتى بعظامه بينما الجزء الموجود والملتصق بجسم الحيوان لم تنمو فيه العظام التي أزيلت وبقي خالياً من العظام فمن أين جاءت عظام الجزء النامي مع أنه ينمو من منطقة ما زالت بلا عظام ؟  
    يقول العلماء لا يوجد إلا طريقين لما حدث:
    1- إن الأنسجة الغير عظيمة ( العضلات مثلاً ) تفقد تمايزها ثم تتمايز مرة أخرى إلى عظام مثلاً لتعوض ما فقد  .
    إن هناك خلايا كامنة غير متمايزة تنشط وتتمايز تحت هذه الظروف .
    ولكن كيف يرجح العلماء هذا الطريق أو ذلك ؟
    هذا ما سوف نراه في الأبحاث التالية:
    استخدم العلماء وسائل ضرب النسيج الحي بجرعة مُشعة غير قاتلة للحياة وإن كانت معطلة لقدرة التعويض وقاموا بعد ذلك باستئصال أنسجة وزرع أخرى غير مشعة (سليمة) وراقبوا عملية النمو للتعويض ، وإذا بالمفاجأة المذهلة :
    كثيراً من الأنسجة المزروعة في الطرف المبتور كقطعة عظم أو قطعة غضروف أو جلد سرعان ما فقدت تمايزها لتعود وتعطي أنسجة أخرى (غيرها) متعددة التمايز وتسمى هذه العملية (de /deffrentlation)أو تسمى (re /deffrentiation) .
    وأيضاً وجد العلماء أن هناك داخل العضلات المتمايزة توجد خلايا بدائية تسمى (MUSCLE- SATELLITE) يمكنها عند الضرورة أن تتمايز إلى خلايا عضلية عاملة .
    وتشير هذه الظاهرة إلى : أن التمايز في السيتوبلازم عكوسي بمعنى أنه قابل للنقض أي أنه ليس صفة ثابتة واصليه وهي ظاهرة تخص الحيوانات الدنيا ، أما الحيوانات العليا فلم تُشاهد هذه الظاهرة فيها الا في حالات نادرة وفي أماكن ضيقة كسلامية إصبع اليد .
    ربعاً : مزج الأجنة: 
    من الممكن دمج جنينين من الثدييات معاً ليكون جنيناً عملاقاً ينمو بصورة عادية ، وحديثاً تمت تربية الفئران من ثلاث أجنة مدمجة تمثل ستة آباء !
    وتشير هذه الظاهرة إلى : أنه في المراحل الأولى للجنين لا يوجد تمايز للنواة أو لما حولها وإنما يظهر التمايز بعد فترة .
    خامساً : ولادة التوائم : 
    المقصود هنا التوائم ذات المشيمة الواحدة التي تنشأ من انقسام في الكتلة الداخلية بعد التعليق بجدار الرحم أي في طور العلقة .
    وهذا يعني أن خلايا الكتلة الداخلية للعلقه لو انقسمت إلى عدة أقسام فإنها يمكن أن تعطي عدة أجنة لها مشيمة واحدة ، وهذه ظاهرة ملحوظة في الثدييات والإنسان ، وتشير هذه الظاهرة إلى أن التمايز يبدأ حول مرحلة العلقة في الثدييات والإنسان .
    بعد هذه الجولة العلمية الراقية يمكن أن نخلص إلى ما يأتي :
    1- إن السيتوبلازم يمكن أن ينقسم في المراحل المبكرة حتى بدون النواة
    2-  إن النواة لازمة لتكملة إنشاء الجنين
    3-  إن النواة المتمايزة تحتفظ بكل الجينوم (الصفات) التي تتمتع به النطفة الأمشاج أو الخلية الأولى (الزيجوت) بمعنى أن تمايزها يمكن أن يتوقف لتعود إلى مرحلة ما قبل التمايز .
    4-  إن السيتوبلازم المتمايز يمكن أن يعود إلى مرحلة ما قبل التمايز (التعويض) .
    5-  في الثدييات والإنسان يتأخر تمايز النواة وما حولها إلى مرحلة حول مرحلة العلوق ، أي في نهاية مرحلة النطفة .
    وهنا نعود إلى الأسئلة السابقة :
    هل أوامر النواة هي المسئولة عن التمايز الخلوي من البداية ؟ أم هو السيتوبلازم ؟ أم هو أمر قادم من خارج الخلية ؟ 
    مستحيل أن يكون أمراً قادماً من خارج الخلية لأن الأمر القادم من الخارج يؤثر في كل الخلايا بنفس الدرجة لأن كل الخلايا متشابهة في الصفات والظروف والأحوال .
    وغير جائز أن يكون الأمر المبكر صادراً عن النواة لأن النواة إذا أصدرت أمر التمايز فإنها إما تصدره لغيرها أو لنفسها استحالة أن تصدر الأمر لغيرها ؛ لأن أمر كل نواة ينتهي في السيتوبلازم الخاص بها وغير جائز أن تصدره لنفسها فكيف تأمر النواة نفسها إن توقف بعضها وكل الصفات في نواتها ممكنة بنفس الدرجة ، بمعنى لا ترجيح لصفة على صفة بالإضافة إلى أن الوسط الذي يحيط بالنواة لا تمايز فيه في ذلك الوقت ، ولو كان الأمر متأصلاً في النواة من البداية ما عادت لكامل تشكيلها الجيني الأول عند تهيئة الوسط الأولى لها ، فهي محتفظة بحياة كل الجينوم من البداية إلى النهاية .
    فلا يبقى إلا أن يكون الأمر قادماً من المنطقة حول النواة (السيتوبلازم، والقشرة) ولكن عندما قام العلماء بشفط نسبة كبيرة من السيتوبلازم لم يؤثر ذلك على كفاءة الانقسام ، إذن لم يبقى إلا منطقة القشرة حول السيتوبلازم  .
    ولقد شاهد العلماء أدلة تؤكد ذلك ، وذلك لأن في قشرة البويضات اللافقارية مناطق مختلفة هي المسئولة عن تمايز الجهة المقابلة لها من النواة ، بمعنى أن هذه البويضات (الزيجوت) عندما تنقسم فإن كل قسم من القشرة يحوي عاملاً مختلفاً عن القسم الآخر فتتمايز النواة تبعاً لذلك .
    ووجد العلماء أيضاً أن التمايز في القشرة يبدأ مبكراً بعد الإخصاب مباشرة بحيث أن أي انقسام يتم بعد الإخصاب يتخلف عنه فلجات (الخلايا) تشكل كل فلجة من البداية جزء من كل وأي فقد لأي خلية مبكراً يؤدي إلى فقد قسم من مشروع الجنين ينقص قسم من بنائه  .
    وأوحت هذه الأبحاث بأن عامل التحديد في السيتوبلازم أو في القشرة عامل أصيل ونهائي بمعنى أنه غير عكوسي (ثابت) ولكن ملاحظات لظواهر علمية نقضت هذا الاعتقاد ، وكان من هذه الظواهر التعويض وقد رأينا فيه نقض التمايز بعودة السيتوبلازم المتمايز إلى حالته الأولى الغير متمايزة وأيضاً مزج الأجنة المختلفة والذي نتج عنه جنين واحد وكل ذلك يزيح دور السيتوبلازم وقشرته عن موقع القيادة ، هذا بالنسبة للحيوانات الدنيا ، أما بالنسبة للثدييات وخصوصاً الإنسان فالقضية مختلفة إلى حد بعيد كما يأتي :
    في مراحل الجنين الأول وحتى طور العلقة أو ما قبلها بقليل كل الخلايا بنواتها وما حول النواة لا تمايز فيها بحيث يمكن لأي خلية أو أي قسم من المجموع أن يعطي كائن كامل لا نقص فيه ، وإن فقد خلية أو مجموعة من الخلايا في هذه المرحلة لا يخل أو ينقص من تركيب الكائن النهائي .
    وكان من الأدلة على ذلك في الإنسان ولادة التوائم المتعددة التي تزداد على الستة والذين يشتركون في مشيمة واحدة وفي هذا دليل على أن كتلة الخلايا قد تقسمت بعد عملية العلوق أي في بداية الدخول إلى طور العلقة وهذا يعني أن الخلايا حتى نهاية مرحلة النطفة وبداية مرحلة التعلق ما زالت غير متمايزة أي أن كل مجموعة من الخلايا يمكن أن تعطي إنساناً كاملاً لا نقص فيه .
    إذن كيف حدث التمايز بعد ذلك ؟
    أو كيف تنشأ من هذه الخلايا الغير متمايزة خلايا متمايزة ؟
    وقد بينت الظواهر العلمية التي سبق أن ناقشناها ما يأتي :
    1- التميز ليس أمراً من النواة ، لأن النواة فيها كل الجينوم من البداية ولا ترجيح فيه لصفة على صفة حتى مرحلة ما قبل العلوق (في الثدييات والإنسان) وبعدها يأتي الأمر للنواة بالتمايز ، بأن تبقى بعض الجينات نشطة وتكمن الأخرى .
    2-  التمايز ليس أمراً أصيلاً في السيتوبلازم من البداية لأن السيتوبلازم من البداية حتى نهاية النطفة غير متمايز (في الثدييات والإنسان) ويحتاج إلى أمر يُحدث له التمايز.
     
     صورة حقيقية للنطفة وهي تخترق البيضة لتلقيحها
    3- إذن لا مفّر من الإقرار بحتمية خلق أحداث لم تكن موجودة في منطقة النواة وما حولها ، وهذا الخلق يبدأ مع مرحلة العلق وفيها  .
    وبينما يصل العلم الحديث بأدق تقنية إلى هذه الحقيقة نسمع صوت القرآن الهادي يرتل )ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين(.
    يا الله إني عاجز عن أن أوفي إعجاز كتابك حقه وكيف لي ذلك وأنا الفقير بذاتي لا فضل لي إلا بك ولا علم لي إلا ما علمت . هذه الآيات والتي استخدم فيها الحق سبحانه الفعل (جعل) مع النطفة والفعل (خلق) مع كل الأطوار بدءاً من العلقة لهي إشارة علمية معجزة إلى عملية التمايز ، بأنها تبدأ بعد النطفة ومن مرحلة العلقة وهو تمايز لا يتم دفعة واحدة بل على دفعات متتالية تأخذ بعضها بأعناق بعض .
    ولكن كيف يتم استنباط ذلك من الآيات ؟ 
    هذا ما ستعرفه بعد جولة مع أسرار الفعل (جعل) وأسرار الفعل (خلق) .
    يقول أ . د / علي اليمني دردير في كتابه الرائع : أسرار الترادف في القرآن .
    ويختلف التعبير بلفظي (خلق) و (جعل)  في لغة القرآن في الآية الواحدة كما في قوله تعالى : )الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور).
    فالفعل (خلق) يدل في اللغة على الإيجاد بعد العدم ، والتقدير والإبداع على غير مثال مسبوق ، ولهذا فهو يباشر مفعوله دفعة واحدة .
    أما (جعل) فيفيد التضمين والتصيير والتحويل والانتقال ولهذا فهو فعل يباشر مفعوله حالاً بعد حال فيتعدد فيه المفعول وتتدرج فيه الأطوار .
    ولما كان الشأن في خلق السموات والأرض إيجاداً بعد عدم وإبداعاً على غير مثال عبر عنه بالفعل (خلق) ليدل على أن ذلك مرحلة في الإنشاء قائمة بذاتها ولما كان الشأن في الظلمات والنور أن تأتي تابعة لغيرها مترتبة عليه مسبوقة به وأن الإيجاد فيها إيجاد تحول وانتقال وليس إنشاءً وإبداعاً ، عبر عنه بالفعل (جعل) ليدل على أنه مرحلة في الظهور لاحقة لمرحلة في الخلق سابقة وطور في الوجود يتجدد ويتكرر حالاً بعد حال.
    وقد ذكر الإمام / عبد العزيز يحيى الكناني المكي في كتابه القيم (الحيدة) أن (جعل) الذي هو على معنى التصيير موجود في القرآن الموصول الذي لا يدري المخاطب به حتى يصل الكلمة بكلمة بعدها فيعلم ما أراد بها ، وإن تركها مفصولة لم يصلها بغيرها من كلام لم يفهم السامع لها ما يعني بها ، ولم يقف على ما أراد بها ، وضرب لذلك أمثلة منها  :
    )يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض (فلو قال : ( إنا جعلناك ) ولم يصلها بخليفة في الأرض ، لم يعقل داود ما خاطبه به عز وجل ، لأنه خاطبه وهو مخلوق فلما وصلها بخليفة ، عقل داود ما أراد بخطابه  .
     
     الشكل التالي  يوضح الجنين في بطن أمه
    وكذلك حين قال لأم موسى : )وجاعلوه من المرسلين (فلو لم يصل  (جاعلوه) ب (المرسلين) لم تعقل أم موسى ما عنى الله عز وجل بقوله وجاعلوه إذا كان خلق " موسى " متقدماً لرده إليها ، فلما وصل جاعلوه بالمرسلين عقلت أم موسى ما أراد الله عز وجل بخطابها .
    وبعد هذه الجولة العلمية نقول أن (جعل) في الآية  )ثم جعلناه نطفة في قرار مكين (    بمعنى صيرناه أي تحول من صلب الذكر إلى رحم المرأة ، وهذا ما قاله الطبري ، وجاء في تفسير روح المعاني للألوسي : فهنا (جعل) بمعنى تحول أو نقل من مكان إلى مكان إنها عملية نقل أو تحويل فحسب ، أما الفعل (خلق) فهو يدل على الإيجاد بعد العدم والتقدير والإبداع على غير مثال مسبوق .
    ولأن الآية تصف مراحل جنين الإنسان بالذات فإن استخدام (جعل) مع النطفة (وخلق) بعد مرحلة النطفة يعني أنه في مرحلة النطفة تبقى الخلايا بلا تمايز حتى إذا انتهت مرحلة النطفة لتبدأ مرحلة العلقة خلق الله أحداثاً لم تكن موجودة داخل الخلايا تدفعها للتمايز إلى علقة فمضغة وهكذا مرحلة بعد مرحلة وخلقاً من بعد خلق  .
     وهذا ما تأكد تماماً كما بينا في قضية التمايز الجنيني فالتمايز يبدأ مع العلقة وقدمنا الأدلة على ذلك . بل إن الفعل (جعل) المصاحب للنطفة يعطي الضوء الأخضر للعقل في بحوثه في مجالات شتى ومنها التلقيح الصناعي ، وطفل الأنابيب .
    فالتلقيح الصناعي مشابه للتلقيح العادي ، فكما أن التلقيح العادي عبارة عن حقن السائل المنوي بواسطة آلة الذكر ، فإن التلقيح الصناعي يتم فيه حقن سائل الأب بواسطة محقن خاص في رحم الزوجة ليلتقي بالبويضة مكوناً نطفة أمشاج ، فكلا العمليتين استخدم فيها طريقة الحقن ، فليس في العملية تحدي لقدرة الله أو إرادته ، فلا يكون إلا ما أراد الله وهو سبحانه خالق كل شيء ، خالق العالم والعلم والمعلوم  بل وخالق أدوات العلم .
    )والله خلقكم وما تعملون ( )خالق كل شيء ( )أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون (.
    والفعل (جعل) في الآية يسمح بذلك ، فجعل بالنسبة للنطفة المذكرة هو فقط عملية نقل لها إلى الرحم ، نقل مخلوق لله إلى مكان مخلوق لله معد لذلك . وسواء تم النقل بآلة الذكر أو بآلة مصنوعة فهي داخلة تحت الفعل (جعل) لا تتعداه.
    أما طفل الأنابيب فهو عبارة عن عملية جمع تتم خارج الرحم في أنبوب مجهز بسائل مناسب للحياة يتم فيه الجمع بين النطفة المذكرة المخلوقة لله مع النطفة المؤنثة المخلوقة لله ، وحتى إذا التقى الحيوان المنوي بالبويضة تكونت منهما النطفة الأمشاج التي تبدأ في الانقسام حتى مرحلة العلقة وكل خلية تنشأ عن الانقسام هي تكرار للنطفة الأمشاج ، فهي نطفة أمشاج من البداية وكل خلية تالية بعد ذلك هي أيضاً نطفة أمشاج ، وبعد تكون النطفة الأمشاج داخل الأنبوب يقوم العلماء بحقن النطفة الأمشاج داخل الرحم ولا بد أن تصل إلى الرحم مبكراً في مرحلة النطفة وإلا هلكت وفنيت .
    والآية )ثم جعلناه نطفة في قرار مكين (تسمح بذلك ، فالفعل (جعل) بمعنى صير أو نقل (ونطفة) تشمل النطفة المذكرة، والمؤنثة، والنطفة الأمشاج، ولأن النطفة الأمشاج هي الأصل لتكوين الجنين من البداية، فالنطفة بجميع أشكالها ومراحلها تخضع للفعل (جعل) ولا مكان لتلبيس إبليس هنا، وقد قلنا أن الحق قد أعطى الضوء الأخضر بالفعل (جعل) بالنسبة للنطفة عموماً من النطفة المذكرة إلى النطفة الأمشاج .
    وتدخل قضية الاستنساخ تحت مظلة الفعل (جعل) مرتبطاً بالنطفة (الأمشاج) … كيف  ؟  هذا ما سنعرفه بعد قليل .
    قضية الاستنساخ
    إن قضية الاستنساخ من القضايا الخطرة وخصوصاً في ميدان العقائد عندما يدخل فيها تلبيس إبليس ، فهي قضية يطل منها وجه الشيطان القبيح ، وهذه القضية تحتاج إلى إمعان فكر ، فهيا بنا نتابع أسرار هذه القضية وتلبيس إبليس فيها .
    1- عندما لاحظ العلماء أن خلايا الجنين بعد عدة انقسامات تبدأ في التمايز ، فهذه تعطي جلد وتلك تعطي عظم … وهكذا ، وكان العلماء يعلمون أن الخلايا الأولى تحتوي في أنويتها على كل صفات الكائن (كل الجينوم) .
    وهنا سأل العلماء ماذا يحدث لبقية الصفات داخل النواة عندما تتمايز الخلايا ؟
    2- للإجابة عن هذا السؤال قام العلماء بنزع نواة خلية متمايزة (جلد مثلاً) من حيوان أبوزنيبه ووضعوها بدلاً عن نواة بويضة ضفدع بالغة غير مخصبة وتركوها تنمو فماذا وجدوا ؟ 
    لقد وجدوا أمراً عجباً وجدوا أن هذه الخلطة أعطت أبوزنيبة كامل وكان ذلك سنة 1952 ، وعندها عرف العلماء أن نواة الخلية المتميزة (جلد أو عظم أو غير ذلك) تحوي في نواتها كل الصفات التي توجد في نواة النطفة الأمشاج دون نقص أو خلل ، ولكن بعضها يكمن والبعض الآخر ينشط . ومن هذا الوقت وجهد العلماء لم يتوقف في هذا المجال الذي انتهى بمولد النعجة دللي .
    فنواة أي خلية في الجسم (ما عدا الجنسية) تحتوي على كل الصفات (الجينات) فهي نسخة مكررة للنطفة الأمشاج ، ولكن خلق أحداث في الخلية في نهاية النطفة يجعل بعض الصفات تكمن وبعضها ينشط أو يستمر نشيطاً .
    فإذا أخذنا نواة أي خلية متميزة ووضعناها في وسط سيتوبلازمي لنطفة مؤنثة (أي بويضة غير ملقحة ومنزوعة النواة ) فإن المجموع سيشكل نطفة أمشاج كالتي بدأ منها الجنين ، وتعود كل الصفات للنشاط والعمل كما لو كانت (الزيجوت) الأول أو النطفة الأمشاج الأولى ، وبعدها تخلق أحداث تميزها إلى علقة فمضغة    فعظام… ألخ .
    وباختصار العملية ما هي إلا وضع نطفة أمشاج مخلوقة لله وجاهزة مسبقاً في رحم مجهز لذلك ليتم بعدها تخليق الجنين بإذن الله خلقاً من بعد خلق ، وكل أفعال العلماء -وهم عباد الله - تدور حول منطقة النطفة لا تتعداها وكل أفعالهم ما هي إلا عملية تؤدي إلى تصيير نطفة أمشاج في رحم مجهز لاستقبالها فهي عملية نقل أو تحويل لا خلق فيها وتدخل تحت مسمى (الجعل) .
    وهذه التجارب قد تمت في الحيوانات الدنيا وأخيراً في الثدييات ، وقد لا تنجح في الإنسان لخصوصيته ولكن لو فرضنا جدلاً أنها ستنجح في الإنسان ، فهل سيعتبر ذلك تدخلاً في الخلق؟ 
    أقول :  لا  ، بل تدخل أيضاً تحت مسمى الجعل الذي ذكره الله في الآية مرتبطاً بمرحلة النطفة الأمشاج في الآية التي بدأت كما يأتي :
    )ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين (والسلالة من طين هنا مقصود بها سلالة من آدم كما جاء في الطبري وغيره ، وبعدها قال الحق : )ثم جعلناه نطفة في قرار مكين  (فبملاحظة (ثم) هنا وبملاحظة الفعل (جعل) وربط ذلك بالنطفة الأمشاج يمكن أن نستنتج أن المقصود هنا هو أحوال تخليق الجنين بعد آدم وأنه يبدأ بتصيير النطفة الأمشاج لتستقر في الرحم المقدر لها مجرد نقل وتصيير وبعدها تُخلق أحداث لم تكن موجودة تحول الخلية الواحدة أو الخلايا المتعددة المتشابهة تماماً إلى خلايا متباينة في أنسجة مختلفة ومتداخلة في كائن غاية في الإبداع )ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين (.
    ومن الإعجاز الباهر أن تأتي الآية في هذا التركيب :
    )ثم جعلناه نطفة في قرار مكين  ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما …  (  وفيها ارتبط طور النطفة بالجعل وباقي الأطوار بالخلق ، حتى إذا جاء العلماء في آخر الزمان وجهزوا في المعامل نطفة أمشاج من أجزاء حية مخلوقة لله ثم نقلوها إلى رحم قابل لها فإن ذلك لا يعتبر تدخل في الخلق بل هي خطوة يسمح بها الفعل (جعل.
    وفي الحقيقة فإن الله خالق الصانع والصنعة والمصنوع )خالق كل شيء ( )والله خلقكم وما تعملون (  .
    ولكن أليس في هذه التجربة فتنة للعامة ؟
    أقول :  نعم  ،  ولا  ،    كيف  ؟ 
    نعم: لأن إبليس وأعوانه من الملاحدة سيصيحون ها هو الإنسان قد بدأ الخطوات الأولى لخلق الجنين ، أو يقولون : أن الإنسان تدخل في شأن من شئون الله أو ملائكة الله كما تقول الأديان ، وهم بذلك يريدون أن يلبسون الحق بالباطل لتهتز عقائد المؤمنين  .
    ولا: لأن المؤمن المتمسك بكتاب الله الحق وبمعجزته الخالدة المحفوظة القرآن وبسنة المصطفى سيجد فيهما ما يحصنه ضد الشكوك ويقيه من الزيغ أعاذنا الله منه  .
    وكما بينا بطريقة علمية أن الأبحاث كانت في حدود لا يمكن أن تسمى (خلق) بل هي عملية (جعل) وأن العلماء لم يخلقوا شيئاً بل استخدموا مخلوقات لله جاهزة )أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون (وتحت كل الظروف فالكتاب والسنة قد حسما هذه القضايا وما يجد فيها بأن الله سبحانه خالق الصانع والصنعة والمصنوع ، وأن كل أفعال العباد مخلوقة له سبحانه وتعالى . )خالق كل شيء (ومع أن التزاوج بين الذكر والأنثى مقدمة لتخليق الجنين بإذن الله فإن قضية التزاوج قضية لها شخصيتها المستقلة ، فقد يحدث تزاوج لا يؤدي إلى تخليق جنين وقد يحدث تكوين جنين بلا تزاوج (وهو شيء معروف في علم الحيوان ويسمى بالتكاثر العزري )  .
    فقضية التزاوج أو الزوجية تشير إلى آية تجعل العقل المؤمن يتسائل :
    من الذي قدر للزوج زوج يسكن إليه لتكون بينهما مودة ورحمة ؟  ومن الذي قدر في أحدهما نطفة مذكرة فيها نصف عدد الصفات وفي الآخرى المؤنثة النصف الآخر  ؟  ومن الذي جمع بينهما في لقاء فيه مودة وعلاقة ممتدة فيها رحمة ؟  .
    فالزوجية آية ، وتخليق الجنين آية أخرى والربط بين الآيتين آية ثالثة ، لأن فيهم معنى الامتداد (الأبناء من الأصلاب ) وبأمشاجها تقوى وتتباين الصفات (صفات الأم وصفات الأب)  .
    وما يسمح الله من بحوث علمية يترتب عليها أحداث من خلق الله أو ظواهر في الخلق تخرق العادة إلا لحكمة ، كما أشار القرآن إلى خلق آدم بلا أم ولا أب  وخلق حواء من آدم بلا أم ، وخلق عيسى بلا أب ، وكما أظهر سبحانه لصاحب الحمار العظام المبعثرة وهي تنشز ثم يكسوها اللحم من العدم لتدب الحياة في الحمار بلا مقدمات بلا تزاوج أو أجنة ، وكما شهد إبراهيم عليه السلام الطير المقطع وقد اتصلت أجزائه ودبت فيه الحياة بإذن ربه  .
    وكذلك لا يحدث شيء بمشيئة الله إلا ويحمل آية ، فهل في الاستنساخ آية ودلالة تعود إلى العقل بمعاني إيمانية ؟     أقول :  نعم  ،  كيف ؟    .
    1- أظهر الاستنساخ أن كل خلية متمايزة فيها كل صفات الكائن ، فمثلاً خلية الجلد فيها صفات الجلد واللحم والعظم والعصب والدم وغير ذلك ، فمن خلق فيها التخصص ، ومن رجح صفة بعينها من بين إمكان كل الصفات بنفس الدرجة ؟
    2-  أظهر الاستنساخ معجزة الذكر والأنثى ، فإذا كانت الخلية الأولى كما يقول رجال التطور فيها صفات الذكورة أو الأنوثة مثلاً فكان من المنطق أن تستمر هذه الصفة الواحدة إلى ما لا نهاية    فمن الذي خلق الجنس الآخر ؟ وإذا كانت الخلية الأولى لا تحمل أي جنس فمن الذي خلق الذكر والأنثى من لا شيء ؟
    3-  بين الاستنساخ أنه يمكن أن يخرج من جلد الإنسان مثلاً (برعم) ينمو منه نسخة مثله تماماً فيها كل صفاته (وهناك بعض الكائنات تتكاثر بهذه الطريقة) ، فماذا سيحدث لو كان التكاثر في الإنسان بهذه الطريقة من البداية ؟  .
    حتماً كان ذلك سيؤدي إلى خروج نماذج متشابهة تماماً لنسخة واحدة لجنس واحد ولأدى ذلك إلى خلق بلا معنى بلا هدف بل وبلا وعي في ذلك الكائن المكلف ولكن خلق الزوج المقابل في الإنسان وجعلهما يتزاوجان نتج عنه نماذج مختلفة وألوان شتى شعوباً وقبائل ، فظهر الوعي والمعاني والأهداف وأصبح لذلك المخلوق المكلف قيمة راقية ، فمن الذي قدر كل ذلك ؟  ومن الذي خلق ؟ 
    4- النسخ بين إمكان خروج إنسان من غير أب بمعنى أن ذلك من الممكنات العقلية ، فأبطل بذلك إدعاء من قال بتأليه عيسى لأنه خلق من غير أب   .
    5-  النسخ قدم دعماً عقلياً للحديث الصحيح الذي أشار إلى أن كل إنسان سيبلى بعد تحلله إلا جزء صغير من عظامه يسمى ( عجب الذنب ) وهو يشبه ذرة من خردل (حجم خلية واحدة) سيخرج منها نسخة طبق الأصل من الإنسان ولأن الخلية المذكورة في الحديث الصحيح خلية عظم متمايزة ، بمعنى أنها تحمل صفة جزء من كل ، فكيف يمكن أن يخرج منها كل الإنسان ؟  وعندما أثبتت أبحاث الاستنساخ أن كل خلية في الجسم حتى خلية العظام تحمل في نواتها كل الصفات اللازمة لإنشاء إنسان كامل قدمت بذلك دلالة علمية ودعماً يدل على صدق الرسول  .
    وأخيراً فإن ما تناولت في هذا البحث هو القسم الخاص بالعقيدة في قضية الاستنساخ ، أما القسم المتعلق بالشريعة (الحلال والحرام) فهو مجال علماء الشرع وهو الجانب الآخر من جوانب القضية .
    ولا حول ولا قوة إلا بالله  والحمد لله رب العالمين .
    كلمات مفتاحية  :
    تاْملات اسلاميه مشاكل بيلوجيه

    تعليقات الزوار ()