من الثابت أن اللعب يُكسب أطفال التوحد قيمة بارزة في نموهم الإجتماعي بل يمنحهم بالإضافة إلى ذلك الثقة بالنفس و يمُدهم بعمليات التواصل الإجتماعي social Communication مع الآخرين سواء كان ذلك في محيط الأسرة , أو المدرسة , أو الملعب, فذلك المحيط هو الذي يكتسب الطفل المُصاب بمرض التوحد من خلاله الإستقلال الذاتي.
و تُشكل مجموعة الألعاب و الأنشطة الرياضية الحركية و الجسمية جميعها فائدة كبيرة في إزالة ظاهرة الإنطواء و الإحجام التي تميزه عن الأطفال العاديين فإذا حرصنا على ذلك من خلال ما وفرناه من ألعاب هادفة فنكون قد حققنا له نوعاً من التوافق الإجتماعي مع أسرته و مع أقرانه من أفراد مدرستة.
و حرص الأسرة على مشاركة طفلهم المُصاب بالتوحد , و إختلاطه مع الأخوة الآخرين في نفس المنزل و مشاركتهم اللعب أمر جيد يُماثل تماماً حرص الأسرة المدرسية على مشاركة التوحدي مع أقرانه الطبيعيين في الألعاب التي يُمارسونها و مُجمل هذه النشاطات الرياضية و الألعاب المُستهدفة تُساعد هؤلاء الأطفال على التفاعل مع الآخرين و تعكس النتائج المُستهدفة من علاجهم مستقبلاً.
و هناك مجموعة من النقاط الرئيسية من الأفضل للأسرة التعرف عليها قبل البدء في عمليات اللعب هي:
أولاً: التعرف على قدرات و ميول الطفل التوحدي حتى نستطيع أن نهيأ له اللعبة الهادفة التي يستطيع من خلالها أن يمارس نشاطه الإجتماعي باللعب بعيداً عن التوتر و العقد و الصعوبات التي تعرقل عملية العلاج باللعب.
و أفضل مثال على ذلك الأسرة التي تعرف طبيعة شخصية طفلهم المصاب بالتوحد و مدى تأثره ببعض المثيرات التي تُثيره فتراعي فيه هذه الأمور عند إختيار اللعبة الهادفة و توازن بيئة اللعب في العلاج.
ثانياً: عدم إغفال الإعاقة الجسدية إذ أن هناك بعض الأسر التي تغفل الإعاقة الجسدية و الضعف أثناء التعامل مع اللعبة و لا تنتبه لأثرها في نفسه و تفكير الطفل التوحدي , و هذه كلها أمور مهمة لا بد من مراعاتها لأن هناك من لديه إعاقات سمعية أو بصرية أو لمسية و لهذا يجب مراعاة هذه الظواهر المُعيقة و خاصة لدى التوحديين لأن جميع هذه الملاحظات الدقيقة التي يغفل عنها بعض أولياء أمور الأطفال التوحديين يجب أن تؤخذ جيداً بعين الإعتبار , لأن ظروفهم الصحية لا تساعدهم على التواصل و التفاعل اللعبي مع الآخرين بحكم الإضطراب العصبي الموجود في كيانهم فيؤدي إلى إنعكاسات سلبية و حركات عشوائية غير مفهومة الدلالة أو المغزى.
ثالثاًُ: ضرورة إستقرار العوامل الإيجابية , حيث يجب أن تستقر العوامل الإيجابية و المُعززات المساعدة أثناء اللعب لصالح التوحديين, لأن هذا الأمر سوف يجنبهم الدوافع السلبية في الألعاب , و خاصة أثناء غضبهم و توترهم و قلقهم من الألعاب التي قد تكون محط تقييم و علاج جسمي و إجتماعي و نفسي لهم, فمثلاُ هناك ألعاب ذات آثار خاصة , مثل تمارين رياضية خاصة للعضلات الرخوة في الأصابع أو في اليدين أو الرجلين و هذه الألعاب خاصة بتلك العضلات مثل عملية قذف الكرة أو الضغط على المُعجنات الطينية أو لعبة شد الحبل أو الفك و التركيب و هذه الألعاب لها تمارين رياضية ذات أثر محدود, يستهدف من ورائها تقويم عيب بدني أو الحد من إعاقة جسدية معينة للطفل المصاب بالتوحد, أو تخفيف قصور نمائي يعاني منه.
و تُصنف الإصابة بالتوحد إلى عدة أنواع حسب ما جاء في دراسة أعدتها جمعية الأطباء الأمريكية النفسية:
1) إضطراب الرت (Rett):
تعتبر من أنواع التوحد التي يظهر بها تلف شديد في تطور اللغة و صعوبة التعبير في الحديث مع الآخرين إلى جانب تأخر حركي نفسي و عدم القدرة على الإنخراط الإجتماعي مبكراُ, و عدم إمتلاك المهارات اليدوية المكتسبة مسبقاً بشكل فعال خصوصاً بين 5 شهور و 30 شهراً.
2) الإسبرجر (Asperger):
نوع آخر من إعاقة التوحد , يُصيب 20 - 25 طفل من كل 10 آلاف طفل , و عُرف على يد العالم النمساوي هانز إسبرجر و يظهر على شكل إنحرافات و شذوذ في الأمور التالية:
3) إضطراب التوحد (Autistic Disorder):
هي من ضمن المعايير التشخيصية المستخدمة للتمييز بين الشذوذ العصبي و فيها الخلل النوعي في التفاعل الإجتماعي مثل الفشل في تنمية العلاقات مع الأقران حسب المستوى النمائي, و خلل نوعي في التواصل مثل الإفتقار للعب المتنوع و اللعب التخيلي التلقائي أو اللعب التظاهري الإجتماعي و يكون لدى الطفل مظاهر سلوكية نمطية مثل حركات جسدية ذات اسلوب نمطي, و لديه تأخر في اللعب الرمزي أو التخيلي.
4) إضطراب الطفولة الإنحلالي (Childhood Disintegrative Disorder):
و تتسم بالشذوذ الوظيفي في مهارات التفاعل الإجتماعي مثل الفشل في مهارة تفاعلات العواطف , و تلف في مهارات مكتسبة مثل اللعب , علماً بأن لديهم لعب طبيعي خلال العامين الأولين و لديهم شذوذ وظيفي في الأنماط السلوكية, و تلف اكلينيكي في المهارات الحركية و يجب أن تراعي هذه الأمور أثناء العلاج باللعب.
5) الإضطراب النمائية الشاملة الغير محدودة (Atypical Pervasive Developmental Disorder):
تشمل هذه النوعية التوحد الشاذ غير النمطي , و تستخدم مع الإضطراب الشامل في نمو التفاعل الإجتماعي المتبادل و تظهر أثناء اللعب.
و من الأهمية بمكان أن تُراعي الأسرة و المدرسة من خلال اللعب و العمل الجماعي الأهداف و البرامج العلاجية للطفل التوحدي مع ملاحظة تسجيل عدد المرات التي تتكرر فيها الإستجابات و مدتها و ثباتها.
و جميع هذه الملاحظات العلمية تحتاج من أسرة الطفل التوحدي و الأسرة التعليمية , التدريب و الممارسة في مجال العمل و كذلك تحتاج إلى إطلاع واسع على إضطراب التوحد (تثقيف الأهل) بالقراءة و المحاضرات و الندوات و المؤتمرات و الكتابة في الصحف و المجلات بشكل دوري للمجتمع.
و هكذا نستطيع أن نبرز جوانب القصور و أن نركز على الجوانب السلبية لدى الأطفال و أن نعمل مرة أخرى على تطوير و تصحيح الجوانب السلبية في اللعب و الإنتقال إلى التمارين الرياضية الهادفة و الإستفادة من الإغراءات الرياضية عن طريق المرح و الألعاب المُشوقة التي تدفعهم للجد و الإهتمام , و هذه جميعها مسائل هامة تتطلب:
1) مُعززات و تدعيمات إجتماعية ( Social Reinforcers ) و تنقسم هذه المُعززات إلى قسمسن:
-
خلل كيفي في التفاعل الإجتماعي مثل الفشل و النقص في التبادل الإجتماعي مع الأقران.
-
مظاهر سلوكية نمطية مثل إنهماك مستمر بالأدوات.
-
خلل في مجال التوظيف المهني علماً بأنه لا يوجد تأخر جوهري في اللغة أو النمو المعرفي.
-
عيوب لغوية من تشبيه و إيجاز و نقد و بلاغة.