يحلم جميع المحرومين من الشعر أن يتوصل العلم يومياً إلى إعادة الحياة في بصيلات شعرهم، وأن يتباهوا يوماً بشعورهم بدلاً من التباهي بـ «شعر بنت العم»!، لكن هذا الحلم لم يتحقق حتى الآن رغم الصور العديدة التي تنشرها هذه الشركة أو الأخرى عن مستحضراتها وعن مستخدميها «قبل الاستعمال وبعد الاستعمال».
ويعرف العلم منذ فترة، أن الصلع لا يعني موت بصيلات الشعر كافة، وأن هناك بصيلات تمر بمرحلة «سبات» أو هدوء، يمكن بهذه الطريقة أو تلك، تحريضها على الاستيقاظ من النوم والتعويض عن البصيلات الميتة. ويقول العلماء الأميركيون، إنهم قد توصلوا إلى تحريض البصيلات «النائمة» على الاستيقاظ في الفئران المختبرية، الأمر الذي يعيد الأمل إلى رؤوس الكثيرين. ويشير العلماء إلى أن إمكانية نمو الشعر واستطالته لعدة سنوات أخرى، تبقى قائمة طالما بقيت البصيلات سليمة بعض الشيء. ويمكن ذلك من خلال تحفيز البشرة على إيصال المواد الضرورية إلى البصيلات باستخدام المواد المحفزة المختلفة، وتعتمد العملية على المرحلة التي تمر بها الشعرة، ولهذا فإن من الممكن إحياء نمو الشعر إذا كانت البصيلة «نائمة» وليست ميتة.
وتوصل الباحثون إلى أن تحفيز البصيلة النائمة لفترة قصيرة يمكن أن يحفز كامل الجذر للنمو مجدداً، وكتب فريق العمل بقيادة الباحث ديفيد فان ماتر من ميشيغان نتائج بحثه في المجلة المختصة «الجينات والتطور».
ويمكن تحفيز جذر الشعرة من خلال بروتين بيتا ــ كاتينين Catenin، الذي يلعب، كما هو معروف علمياً، دوراً أساسياً في تطور بصيلات الشعر الجنينية عند الإنسان، وفي عملية نشوء أورام البشرة المختلفة. وما كشفه علماء ميشيغان هو أن بروتين بيتا ـ كاتينين يلعب دوراً أيضاً في تحفيز بصيلات الشعر النائمة لدى الفئران المختبرية. وقارن العلماء نتائج أبحاثهم على الفئران الطبيعية مع النتائج على الفئران المعدلة وراثياً، بحيث أبرزت إمكانية فرز بروتين بيتا ـ كاتينين الفعال. وحرص العلماء في البحث على أن تكون الفئران المعدلة وراثياً قادرة على استعادة قدرتها على فرز هذا البروتين من خلال زرقها بمادة كيماوية معينة خلال فترة معينة، علماً أن مجموعة الفئران الاعتيادية كانت مؤلفة من فئران تمر بصيلات شعرها بمرحلة سبات أو «نوم».
وللتأكد من النتائج، وبغية المقارنة، عمل ماتر وزملاؤه على حلاقة مناطق معينة في ظهور الفئران تماماً من الشعر، ثم زرق العلماء في جلود الفئران المعدلة، التي لا تفرز بيتا ـ كاتينين الفعال، مادة كيماوية محفزة، وعملوا بالتالي على إعادة تفعيل هذا البروتين. وانتظر الباحثون 15 يوماً قبل أن يرصدوا النتائج على مناطق الشعر المحلوقة في ظهور الفئران.
ويقول ماتر وزملاؤه إن الفئران غير المعدلة وراثياً، أو الاعتيادية، لم ينبت لها أي شعر بالمقارنة مع الفئران المعدلة وراثياً، التي نمت لها «سجادة» جديدة من الشعر في المناطق المحلوقة. وكشفت الفحوصات الهستولوجية المجهرية عدم وجود اختلاف عضوي بين الشعر القديم والشعر النامي الجديد، بفضل المادة المحفزة لبروتين بيتا ـ كاتينين، كما لم يرصد العلماء أي فرق في نسبة النمو بين الشعر القديم والجديد. ومر الشعر الجديد بذات مراحل التطور التي تعيشها الشعرة الاعتيادية منذ نموها وحتى موتها وسقوطها.
وكتب ماتر ان العامل الأساسي في نمو الشعر الجديد هو طول مدة الحافز الذي توفره المادة الكيماوية المحفزة لبروتين بيتا ـ كاتينين. وثبت من خلال التجارب على الفئران أن فترة تحفيز أطول تعني النمو المنفلت وغير المتسق للشعر، واضطراب نشاط بصيلات الشعر. ولهذا فإن التركيز على طول فترة التحفيز سيلعب دوراً أساسياً في تحفيز نمو الشعر الطبيعي مستقبلا.