بتـــــاريخ : 11/23/2008 4:30:37 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1312 1


    الإسلام ومكارم الأخــلاق

    الناقل : heba | العمر :43 | الكاتب الأصلى : آمنة ناطور | المصدر : www.muslema.com

    كلمات مفتاحية  :
    بقلم: آمنة ناطور

    الأَنَاة والعقل، سعة الصدر، التثبيت في الأمر، ضبط النفس عند الغضب، كظم الغيظ، دفع السيئة بالحسنة، العفو والصفح والتسامح، الإعراض عن الجاهلين...كلها معانٍ تصب في مدلول الحِلم. وكلها ينتج عنها تصرف سليم يدل على الحكمة وحسن التدبير وطِيب السجايا وجمال الأخلاق. فلا عجلة ولا تسرع ولا طيش ولا انتقام ولا اندفاع ولا ثوران لأقل استفزاز أو أذى أو جهالة.

    وعلى ذلك فيمكننا أن نقول: إن الحلم هو فرع من فروع الصبر الذي هو نصف الإيمان وهذا الفرع يتعلق بالتعامل مع الناس فهو صبر على أذى بعض الناس وجهالتهم مما يُحوج إلى شجاعة وقوة في جهاد النفس ومقاومة هواها والإنتصار عليها. فالنفس فيها حب الإنتقام غريزة والرغبة في الإنتقام شهوة ولا يردع هذه الغريزة وهذه الشهوة إلا قوة الإيمان وثبات العقيدة والإستكانة إلى أمر الله.

    ولقد كان للحلم بمعانيه المتعددة نصيب وافر وحظ جزيل من التوجيهات تعلم الحلم وترشد إليه وتحث عليه وتبين آثاره الطيبة ومردوده الحسن على الفرد المسلم نفسه وعلى المجتمع الذي يحيا فيه.

    فالله تعالى أعد الجنة بسعتها وعرضها ونعيمها مفتحة الأبواب لمن يسارع ويعمل لها ولمن يبادر للحاق بركب المتقين ومنهم الذين يكظمون غيظهم ويعفون عن الناس ويحلمون ولا ينتقمون ممن أغاظهم واستفزهم. فقال تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أُعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}.[ آل عمران: 133-134]

    كما أمر الله تعالى رسوله & ومعه المؤمنين بأن يأخذ بالسهل اليسير اللين في معاملة الناس وأن يأمرهم بالمعروف والجميل والحسن من الأقوال والأفعال وأن لا يقابل السفهاء الجهلة بمثل سفههم وجهالتهم بل بالحلم عليهم وأن لا يقابل الإعتداء باعتداء أشد منه والسيئة بسيئة أكبر منها، بل إن العفو والصفح أجره أعظم عند الله. فقال تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} [الأعراف: 199]

    وقال تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله أنه لا يحب الظالمين}[ الشورى:40]وقال تعالى: {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}[ الشورى:43] وقال تعالى: {وإن تبدوا خيرًا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوًا قديرا}. [النساء:140] بل إن الله تعالى بين أن عباد الرحمن الذين شرفهم الله تعالى بالإنتساب إليه وهم الذين يحبهم من صفاتهم التي أهلتهم لهذا المقام عند الله تعالى أنهم يمشون على الأرض في لين ووقار وإذا تعرضوا لجهالة الجاهلين من قول غليظ فإنهم يحلمون ولا يجهلون طالبين السلامة من الإثم فقال تعالى: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا}[الفرقان: 63] وجاء من الحث الرباني على الحلم بدفع الحسنة بالسيئة والإعراض عن مقاتلة الجهل بالجهل وبيان جزاء ذلك قوله تعالى: {إدفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون}[ النور:96] وقوله تعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا ، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم}[ فصلت:34-35]

    وقوله تعالى: {والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما زرقناهم سرًا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة اولئك لهم عقبى الدار}[ الرعد: 22] ولمحبة كل واحد منا لأن يغفر الله له ويعفو عنه ويصفح فإنه لا بد أن يبادر هو إلى الصفح والعفو عمن يظلمه ويؤذيه من حيث أن الإيمان يقتضي ذلك لقوله &: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. قال تعالى: {ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم}[النور:22]

    والحلم كخلق سامٍ قد أشغل حيّزًا واسعًا من سنة رسول الله & قولًا وفعلًا. ولا عجب في ذلك فرسول الله & سيد أهل الأَحلام والنهى وهادي ذوي الألباب والحجج ومعلم الأخلاق الفضلى. امتدحه ربه جل وعلا فقال: {وإنك لعلى خلق عظيم} فما كان رسول الله & يغضب لنفسه أبدًا وما كانت تستفزه إساءة أو جهالة توجه إليه فيسارع إلى الإنتقام. بل غضبه كان شديدًا إذا انتهكت حرمات الله. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ضرب رسول الله & شيئًا قط بيده ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن يُنتهك شيءٌ من محارم الله تعالى فينتقم لله تعالى. (رواه مسلم) ومن ذلك روي عن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي & فقال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا. فما رأيت النبي & غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ.فقال: يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم أم الناس فليوجز فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة. (متفق عليه).

    ومما يروى من غضبه & لانتهاك حدود الإسلام ما روي عن عائشة رضي الله عنها أن قريشًا أهمَّهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا من يكلم فيها رسول الله & ؟ فقالوا: من يجترىء على ذلك إلا أسامة بن زيد حِبُّ رسول الله & ؟ فكلمه أسامة، فقال رسول الله & : أتشفعُ في حدَّ من حدود الله تعالى؟ ثم قام فاختطب ثم قال: إنما أهلك من قبلكم أنهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد! وأيُّم والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها؟. (متفق عليه)
    ومما يروى عن حلمه أن أعرابيًا جاء إليه يطلب منه عطاءً فأعطاه الرسول ثم قال له: أحسنت إليك؟.

    قال الأعرابي: لا ولا أجملت. فغضب المسلمون وقاموا إليه وقد همُّوا أن يؤدبوه بالعنف فأشار إليهم الرسول أن كفوا ثم قام ودخل منزله فأرسل إليه وزاده شيئًا ثم قال له: أحسنتُ إليك؟. قال نعم، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرًا. فقال النبي : إنك قلت ما قلت آنفًا وفي نفس أصحابي من ذلك شيء فإن أحببت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي حتى يذهب ما في صدورهم عليك» قال نعم. فلما كان الغداء جاء . فقال النبي: إن هذا الأعرابي قال ما قال فزدناه فزعم أنه رضيَ أكذلك؟ . قال: نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرًا .

    فقال الرسول : مثلي ومثل هذا كمثل رجل له ناقة شردت عليه فاتبعها الناس فلم يزيدوها إلا نفورًا فناداهم صاحبها فقال لهم خلوا بيني وبين ناقتي فإني أرفق بها منكم وأعلم. فتوجه لها بين يديها فأخذ من قمام الأرض فردها حتى جاءت واستناخت وشد عليها رحلها واستوى عليها وإني لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار .

    المصدر موقع إشراقة
    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()