بتـــــاريخ : 11/15/2008 8:11:00 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 935 2


    الحفر(3)

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : محمد أبو خضور | المصدر : www.awu-dam.org

    كلمات مفتاحية  :

    سيىء الطالع يا فائز! يجيئك الذهب مع الموت البنفسجي على ظهر صندوق معدني، أحمر الصدأ، ويصبح موتك حكاية في مآتم التعازي وسهرات الندب، وجلسات المسامرة، وقفلة الحكواتي في ليل الساهرين.‏

    قم من موتك لنحفر من جديد، نحفر تراتيل العشرات من أحلامك، واأسفاه! لا أحسيىء الطالع يا فائز! يجيئك الذهب مع الموت البنفسجي على ظهر صندوق معدني، أحمر الصدأ، ويصبح موتك حكاية في مآتم التعازي وسهرات الندب، وجلسات المسامرة، وقفلة الحكواتي في ليل الساهرين.‏د يجرح ذاكرة الأموات بحد الكلمات، بل بحد الدمع يتساقط ابعاداً محرقة للقلب.‏

    سيىء الطالع يافائز! لطالما حلمت بأعياد تذبح فيها زوجاً من جيد البقر لتطعم الفقراء على تقاطع الطرقات. ولكن قلبك خانك في اللحظة التي انتظرتها طوال شراسة الزمن وقحط العمر!‏

    عم صباحاً أيها المقهور! عم مساء أيها المتعب الذي خلد إلى استراحة اللحد وملء حفنتك الذهب، العملة الملقية في جحيم الخيبة التي أطفأت كل نيران توقعاتك.‏

    وهو منكب على الحفر وحيداً، كانت درعا تبدو له من بعيد نائمة تتكوم تحت لحافها الرمادي تحت فضاء يعج بالمصادفات والأحلام والموت.‏

    أحس بالعرق ينضح من جسده، وأطرافه ترتعش، وعندما اصطدم رأس الفأس بغطاء الصندوق التاث فائز كمجنون وبدأ يهذي، يحدث نفسه وهو يهوي بالفأس مرة ومرتين وعاشراً، ثم رمى الفأس وجثا يحثو التراب بحفنتي يديه، وعندما حمل الصندوق بين ذراعيه أدرك أنه يلج عملية إسراء غريبة، شعر بنفسه يطير عالياً كالطير، سعيداً كالأطفال.‏

    وهو يفض غطاء الصندوق الحديدي، وحيداً لا رفيق له إلا صورة الأكياس الصغيرة والذهب فيها.. وداخل بحر الليل الذي له طعم الظلام، رأى الأكياس الممددة والمتكومة جانب بعضها بعضاً، تحسسها بأصابعه، برفق وعناية شديدة، ثم شق أحدها فتوهج أمام نظره اللمعان البرّاق.. ووميض يزداد كلما عبثت أصابعه بالليرات الذهبية.‏

    أسند ظهره إلى تراب الحفرة بجسد منهوك وذاكرة متوجعة.. ظهيرة يوم ظهرت له مدججة بفتنتها كان عليه لكي يصلها أن يحمل الذهب، ليرة فوق ليرة ضحكت رفيقاتها، وكانت أصداء الضحك تتشرب روحه كهديل حمام: "لابد أن يختار منا واحدة"، كان مزاحاً له رائحة الياسمين وطعم الرضاب.‏

    يذكر أنه أجاب وهو يتردى في هوة الشجاعة:‏

    "أريدكن معاً"!‏

    وترك الأمر ملتبسا بينهن يبحث عن الذهب..‏

    أطبق فائز غطاء الصندوق، وعندما حاول أن يقوم، أحس في صدره طعنة مؤلمة وحادة كسيخ من نار تخترق أضلاعه، توقفت أنفاسه، حاول أن يعب الهواء، ولكن من دون جدوى، غامت الملامح أمام عينيه، انتفض جسده مرات عديدة، أرخى الصندوق من حضنه، تشبثت قبضتاه بالتراب والحصى، وارتمى رأسه كعصفور جريح دون أن يفتح عينيه، انخفض صدره بوهن.. واحتضن روحه وهي ترتجف بين يديه من برد الفجر وخيبة الحلم

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()