بتـــــاريخ : 11/18/2008 4:54:22 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1514 0


    موت الحجاج!

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : فخري قعوار | المصدر : www.awu-dam.org

    كلمات مفتاحية  :

     

    فتح الحجاج بن يوسف الثقفي الباب الإيسر الخلفي لسيارة السرفيس، وما كادت إحدى رجليه تلامس الأرض، حتى صاح به السائق قائلاً:‏

    -متى نفهم ان هذا الباب ليس مخصصاً للاستعمال!‏

    فلملم الحجاج رجليه وأطراف قمبازه وعباءته، وعاد إلى مقعده من جديد، وزحف نحو الباب الآخر.‏

    وحينما اختلط بالكتل البشرية المتزاحمة على الرصيف، رأى على الطريق الأسود من العربات ذوات الأربع، ما أدهشه وأثار في نفسه الرغبة الجامحة، لاقتناء واحدة منها، إلا أنه عدل عن رغبته حينما تذكر أنها آلة حرون، من الصعب ، بل من المستحيل عليه ترويضها وقيادتها!‏

    واصطدم بأكثر من متسول، يطلب منه ما تيسر ، فكان يعتذر له بحماسة لا نظير لها، ويحثه على العمل لكسب قوته، وكان يقترح عليهم ان يبيعوا علكة بالنعناع ، أو أن يبيعوا أوراقاً لليانصيب الخيري.‏

    وظل الحجاج بن يوسف الثقفي يمشي فوق الرصيف، وهو يشعر بالذعر من العمارات العالية، ويعتقد أن واحدة منها على الأقل، قد تنقلب عليه وتسحقه، وزادت من ذعره فرامل السيارات وأبواقها ، وزعيقها ، وخيل إليه أن إحدى هذه السيارات قد تتجه نحوه وتضغطه على أحد الجدران، حتى يتحول إلى مساحة رقيقة تشبه جلد الربابة أو تشبه رقاقة الخبز المشروح!‏

    وعندما رأى الناس يعبرون الطريق الأسود إلى الرصيف الآخر، من مكان محدد معلوم، قبض بيده على أطراف قمبازه وعباءته، ووضع يده الأخرى على حطته وعقاله، وركض بخفة إلى الجهة الأخرى ، حيث وجد طابوراً طويلاً جداً، فوقف في نهايته، وهو يتلفت حوله خوفاً من خطر مجهول يتهدده.‏

    لم يكن الحجاج يعرف بالضبط ، إلى أين يؤدي هذا الطابور، ومع ذلك فقد ظل يمشي خطوة خطوة ، والناس يصطفون من ورائه، وكان يبلع ريقه كلما تذكر الخبز الطازج الذي سيشتريه، فيما إذا كانت نهاية الطابور تؤدي إلى فرن.‏

    وكاد الحجاج يصاب بنوبة إغماء ، عندما وجد نفسه يدخل في حافلة لمؤسسة النقل العام، وان الطابور لم يكن أمام أحد الأفران!‏

    ورغم ذلك ، فقد تمالك نفسه، وظل راكباً الحافلة ، مؤكداً أن رباطة الجأش في مثل هذه المواقف لا غنى عنها، وان الصبر مفتاح الفرج. واكتفى بان بصق من بين أسنانه.‏

    وفي المحطة الأخيرة، نزل الحجاج من الحافلة، وما كاد يسير قليلاً، حتى وجد لافتة تشير إلى وجود مسرحية يجري عرضها ، فثار في نفسه فضول طاغ لمشاهدتها، خاصة أن اسمها "عالم وطاغية"، والحجاج يسمع أن بعض المؤرخين وصفوه بأنه طاغية!‏

    وما ان شاهد المشهد الأول، حتى وضع طرف قمبازه بين أسنانه وولى هاربا ساخطا، وظل يركض، ويركض ، حتى وصل إلى المقبرة، فتمدد هناك في نومة أخيرة!‏

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()