دخل عليهم رجل مفتول العضلات, طويل القامة, مهيب الوجه, قوي البنية, محذراً باخلاص: انتبهوا ايها الاصدقاء... فان هناك رجلا من القرية البعيدة مفتول العضلات ويملك من العدة والعتاد ما لا تملكون, ويطمع في مكانكم...
فاستغرب الجميع من هذا الزائر الغريب, ومن طريقته في النصح, قائلين: ومن انت؟!..
-انا صديق... ولست لكم الا ناصحاً اميناً...
-ولماذا اتيت من مكانك البعيد لتحذرنا من رجل اخر في مكان بعيد ايضاً...
فاستنكر ردهم, ولم يشأ ان يحاورهم كثيراً, خاصة وان هؤلاء القوم بعيدون كل البعد عنه, سواء في المكان, او في الخلفية الثقافية, او الاجتماعية, ومن الصعوبة ان يصدقوه, ومن الصعوبة اكثر ان يقتنعوا انه ناصح, وهكذا لوجه الله... فاخذ احدهم على الطرف وهمس فيه, قائلاً: اقنعتهم... بان ذلك البعبع طامع في مكانكم... (وتابع مبتسماً)... وتذكر... انه لا يخدم بخيل!!...
ففهم الرجل مغزي الزائر, فقام خاطباً في قومه عن خطر ذلك البعبع وعن قربه من قريتهم, حتى وان كان بعيداً فما يمتلكه من قوة وعدة وعتاد تقرب الزمن وتقصر المسافات وهي كفيلة بان يستطيع اخذ مكانهم عنوة ان لم يأخذه برضاهم...
واقتنع اهل مكانه, وهبوا هبة رجل واحد, وانطلقوا ناحية ذلك البعبع لمهاجمته على طريقة "نتغدى به قبل ان يتعشى بنا" ولم يال الزائر عن دعمهم مالياً وامكانيات بكافة انواعها, وفي الوقت نفسه لم ينس ذلك الرجل الذي تكفل باقناعهم...
وانتهى ذلك البعبع ذالك العبع الذي يشكل خطراً على الزائر اكثر من خطره على اهل المكان عن طريق اهل ذلك المكان...
رجل اخر في قرية اخرى كان يشكل خطراً على الزائر... فاعاد الموال نفسه عن طريق الرجل نفسه الذي خطب فيهم بالكلام نفسه... "انتبهوا من ذلك البعبع"!!... واستخف قومه وعادوا الى التصرف نفسه مقتنعين ان كل من حولهم "بعابع"!! تطمع فيهم الا ذاك الزائر وصديقه القابع في جزء قصي من ذاك المكان...
وبعد ان انتهوا من "البعبع" الثاني, سأل احد اهل القرية الزائر, قائلاً: حسناً يا صديقي... ماذا عنك... الم تنته مهمتك؟!
فاكتفى بأن ابتسم اليه بادب, واتجه الى من خدمهفي بدايات مهمته قائلاً: يبدوا ان هذا سيسبب لي ازعاجاً...
-(فابتسم قائلاً): ولكن هذه المرة صعبة... فكيف تريد مني ان اقنعهم, وهو من اهل المكان؟!...
-(فهمس فيه قائلاً): هذه مهمتك... (ثم غمز له بعينه وتابع)... ولاتنس... لا يخدم بخيل...
وأومأ الرجل برأسه بعد ان فهم المغزى, وقام خاطباً في اهل مكانه محذراً لهم من هذا "البعبع" الجديد!!!...