محطة جديدة فى الابحاث التي لا تنتهي.. نقف فيها على أحدث تقليعة في عالم العقاقير، ألا وهو عقار النشوة والسعادة المعروف بـ Ecastasy . بدأ انتشار هذا العقار بصورة كبيرة بين شباب أوروبا وأمريكا، كما أظهرت استطلاعات الرأي.. ظنًّا منهم أن هذا العقار يشعرهم بالسرور والمتعة ونسيان الهموم وزيادة القدرة على التفاعل الاجتماعي والعاطفة الجارفة. بدأ ظهوره في السبعينيات على يد الكيميائـي Alexander Shulgin والذي قدَّمه كعلاج للطب النفسـي.. لوحظ في البداية أنه يساعد على قوة البصيرة والتفاعل الاجتماعي عند المرضى.. إلا أنه في الثمانينيات فقط سجَّل جورج ديكاورتـي لأول مرة التأثير السلبي لعقار السعادة على خلايا المخ، حتى كان عام 1990م حينما لوحظ ارتباطه بأعراض فسيولوجية ونفسية سيئة.
"شعرت حينما أخذته لثانـي مرة بإحساس عالٍ من السعادة والحرية والابتهاج.. أحسست أنني أصبحت شفافة.. صافية الفكر.. رأيت العالم من حولي مليء بالحب، وشعرت بأن جميع من حولي طيبون وحكماء، وأن زوجي أقرب الناس إليَّ"، هكذا تصف هذه الفتاة حالتها إثر تناول هذا العقار.. ولكنها بعد عام من تناوله بدأت تلاحظ وجهًا أزرق وحساسية.. وشعورًا غريبًا بـ.. الاكتئاب.
الآثار السلبية لعقار السعادة ....
ولكن الآثار الضارة لهذا العقار قد تصل إلى حد الموت.. عند المواظبة عليه لبعض الوقت.. قد يلاحظ على متعاطيه الاضطراب والقلق.. نوبات فزع، قلة نوم مرضية.. فقده لشعوره بالخصوصية والواقعية. تشعر عامة أنه إنسان مريض نفسيًّا.. قد تصل درجة مرضه إلى جنون العظمة، الهلوسة واضطراب فى النمو العقلي والحكم على الأشياء. ويضاعف هذا العقار الإحساس بالسعادة ما يقرب من أربعين مرة، ومن هنا تكمن خطورته، حيث يحدث في الواقع تشوّه لواقعه والذي سرعان ما سيعود إليه بعد زوال مفعول العقار,
ومع وجود العقار.. قد تصل درجة حرارته إلى 43 درجة مئوية، فحينما يكسر الإكستاسي يقرر مادة كيميائية تبعث بهرمون يزيد من الإحساس بالعطش.. لذلك يشرب المتعاطي كميات كبيرة من الماء.. هذا اللاتوازن في كميات الصوديوم في الجسم قد يؤدي إلى الوفاة ، إذا لم يستطع الجسم أخذ كفايته من الماء، فقد يحدث تجلط دموي مفاجئ بسبب هذه الحرارة المرتفعة، مما يتسبب في الوفاة.
عقار السعادة.. والاكتئاب ,,,
ومن أخطر ما قد يسببه هذا العقار هو الاكتئاب.. حيث يؤثر تناوله على الخلايا العصبية بالمخ، المسئولة عن إنتاج مادة السيرتونين Serotonin ، إحدى المواد الكيميائية التي تنقل الإشارات من عصب إلى آخر Chemical Messenger ، وهي المسئولة عن الشعور بالسعادة عند الإنسان.
حينما تنتقل إشارة كهربائية ينساب السيرتونين حتى يتجمع عند أطراف الخلايا العصبية، وعند تناول العقار.. يحث الخلايا العصبية على إفراز كل السيروتنين دفعة واحدة حتى دون تلقِّي إشارة كهربائية.. وزيادة تركيزه بهذه الصورة يؤدي إلى تلف الخلايا.. هذا العقار يستهدف بدقة خلايا المخ التي تفرز السيروتنين.. ومن هنا تتغير الحالة المزاجية من السعادة إلى الاكتئاب.. وهذا يفسِّر أيضًا ارتفاع درجة حرارة الجسم، حيث إن السيروتنين مسئول أيضًا عن تنظيمها.
يعتمد تأثير العقار اعتمادًا كبيرًا على تاريخ المتعاطي الصحي سواء كان البدنـي أو النفسي وطبيعة شخصيته.. وبيئته المحيطة.
أكثر الناس تأثيرًا
النساء الصغيرات أكثر عرضة للموت طبقًا لدراسة قامت بها جامعة الملك بلندن ونشرتها وكالة رويتر منذ عدة أسابيع؛ لأن هرمون الإستروجين Estrogen المرتفع في هذه السن يمنع تعويض قلة الماء.
وطبقاً لإحصائية دولية في لندن، فإن 11 شخصًا يموتون سنويًّا في بريطانيا بعد تعاطـي عقار السعادة.
وقد تمت دراسات على 500 شخص استخدموا العقار لمدة شهور ولمدة سنين، فأظهرت الدراسة في من استخدموه لمدة شهور أن 20% من الأشخاص عانوا من مرض جنون العظمة.. قلق 20%، والاكتئاب 12%..
أما من استخدمه لمدة سنين، فظهر 54% منهم بدون شعور بالخصوصية.. قلة نوم 38%, الاكتئاب 38%، وتقمص الزمن الماضـي 27%.
وتكمن خطورة هذا الدواء من الناحية التجارية أن 40% من عقاقير السعادة مزيفة طبقًا لمنظمة أمريكية متخصصة..
وهكذا.. فإن الإنسان سيظل دائمًا يلهث عمره وراء السعادة، إلا لمن اقتبس من نور الله عز وجل ونور رسوله .. وتعلَّم منه كيف يكون موصولاً بالله تعالى, في كنفه وأمنه: "فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى"