الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فالعُـجب والنظر إلى النفس بعين الكمال والاستحسان ورمٌ خبيث، وداءٌ دفين، وسمٌ يتحساه المرء فيسوقه إلى حتفه، ووباءٌ قد عمت به البلوى، فهذا معجب بماله، وذاك بمنصبه، وثالثة منبهرة بجمالها، والبعض لربما تفاقم عنده وتطور الورم لديه، وأصبحت حالته حرجة للغاية حتى إنه ليعجب بنفسه جدا، ولا يكاد يعجبه أحد، ومن ثم يرى نفسه الأظرف والأذكى، بل والأتقى والأولى بكل خير وفضيلة.
ويزيد الطين بلة ثناء الجهال عليه، فعندها يظن المسكين أنه وحيد عصره وفريد دهره، وأنه فلتة من فلتات الزمن، كهذا المتغطرس الذي خطب في الناس يوماً فلما انتهى من خطبته المشؤمة قيل له: "كثر الله من أمثالك. فقال المغرور: لقد كلفتم الله إذن شططا".
ونعوذ بالله من الكفر، وصدق رسول الله -- إذ يقول: (ثلاث مهلكات وثلاث منجيات.... فأما المهلكات فشح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه) رواه الطبراني، وحسنه الألباني. وقال --: (لو لم تكونوا تذنبون لخفت عليكم ما هو أكبر من ذلك العجب العجب) رواه البيهقي، وحسنه الألباني.
وببن -تعالى- مغبة العجب قائلا: (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ)(التوبة:25).
وقديما قالوا: "المعجب باع كل شيء بلا شيء، واشترى لا شيء بكل شيء".
وقالوا: "من رأى لنفسه قيمة لم يذق حلاوة الطاعة".
وقالوا: "الهلاك في اثنتين القنوط والعجب".
وقالوا: "الإعجاب ضد الصواب وآفة الألباب... ولذلك سيرى المعجب الأمور على غير ما هي عليه".
مثل المعـجـب في إعجابه كمثل الواقف في رأس جبل