يقترن الرمان بالوقاية من الأمراض المتعلقة بالأوعية الدموية ومنها أمراض القلب والشرايين، وأمراض الجهاز الهضمي ومنها قرحة المعدة
كلما كانت التغذية طبيعية كلما استفاد الإنسان، وهو سيد الطبيعة من المكونات الغذائية والطبية الموجودة فيها، وهذا الطرح يعني أن التغذية الطبيعية تكون متوازنة تركيبا وطبيعة، من حيث لا يمكن للجسم أن يصيبه الخلل. وهذا هو الأساس المهم للطب الوقائي. فالمكونات الغذائية الموجود في الأغذية الطبيعية تصحبها مكونات طبية واقية للجسم، وحافظة له من كثير من الخلل. وإذا كان الطب الحديث يحتسب الكالوريات الموجودة في الأغذية، فإن الطب الوقائي يحتسب المكونات الطبية الموجودة في الأغذية، ولهذا عجز الطب الحديث، الذي ينقصه علم التغذية، عن تحديد حمية دقيقة لكل مريض أتناء العلاج.
ولما نتكلم عن المواد الطبيعية، وهي ما أصبح يصطلح عليه في الدول الغربية ب organic food نتكلم عن المنتوجات كما هي موجودة في الطبيعة، من حيث لا يصيبها أي أسلوب من شأنه أن يغير من طبيعتها كما وكيفا. وفي هذا الصدد نقدم بعض المعطيات العلمية حول الرمان بما أننا في بلد الرمان ومن أمة الرمان. وفاكهة الرمان التي لا ينصح بها العلم كثيرا لأنها ليست شجرة غربية وإنما شجرة عربية. وسننفرد بنشر المعلومات الصحية والغذائية والوقائية لهذه الشجرة. كما سنعتبرها من مكونات الطب الغذائي القوية. وإذ نتكلم عن هذه الشجرة يخطر ببالنا ذكرها في القرآن الكريم في آيات متعددة. ونجد في سورة الأنعام قوله تعالى: "وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا الى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يومنون". وفي سورة الرحمن قوله تعالى: "فيهما فاكهة ونخل ورمان". وشجرة محبوبة لدى الناس لأنها من أشجار الجنة، وشجرة الرمان كل شيء فيها صالح لصحة الإنسان، ومن يرمي بأي جزء منها يرتكب خطأ علميا فادحا، لأن الفاكهة ليست هي المهمة، وإنما الأوراق والقشور والخشب والأزهار وكل شيء فيها نافع.
تعتبر فاكهة الرمان من الفواكه الجميلة باللون الأحمر المميز الذي يفتح الشهية، وبالشكل المميز الذي لا يتركك تأكل دون أن تتمعن، وأنت تعزل الحبوب الداخلية عن القشرة، والمذاق الحلو والحامض الذي لا تبلغه الفواكه الأخرى، ولو أن الفرولة لها نفس اللون، فالرمان يعجب أكثر من الفرولة، ولو أن المذاق الحلو موجود في العنب، فمذاق الرمان أحسن من مذاق العنب، ولو أن التقشير يكون كذلك بالنسبة لليمون، فتقشير الرمان يكون أحسن.
فاكهة الرمان تعتبر من الفواكه الأكثر ماءا على الإطلاق، وأكثر انتعاشا على الإطلاق، وهي مرطبة ومسخنة للجسم. تحتوي فاكهة الرمان على مواد دابغة ممتازة تصنف مع الفلافونويدات، وهي المواد الواقية للجسم وأشهر المواد الدابغة في الرمان حمض الطانيك، إلى جانب الكرستين والبوليفينولات والكاروتينات والفايتمينات ومنها فاتمين س وفايتمين ب وفايتمين أ وفايتمين ب ب والأملاح المعدنية ومنها المانغنيز والحديد والماكنيزيوم والزنك والفوسفور والكالسيوم مع ارتفاع في البوتاسيوم وانخفاظ في الصوديوم.
وبالنسبة لمن لا يعلم في علم التغذية إلا الكالوريات والسعر الحراري، فالرمان لا يحتوي على كالوريات مرتفعة، فالسعر الحراري هو سعر السكريات البسيطة الموجودة فيه كباقي الفواكه، ولايحتوي الرمان طبعا على دهون كما يحتوي على قدر ضئيل من البروتينات، وهو حلو المذاق وككل الفواكه فهو يحتوي على السكريات البسيطة. والرمان يحتوي على حمض الإلجيك Ellagic acid وهو مكون من صنف المكونات التي تتحلل تحت الضوء والتي تحد من أثر الكيماويات المسببة للسرطان الموجودة في النباتات. وحمض الإلجيك يصنف مع المبيدات الطبيعية التي تقي النبات من الأمراض وتركيبه الكيماوي يجعله مع الكومارين coumarin . وهناك أنواع كثيرة من النبات الذي ينتج حمض الإلجيك والكلوكوز وقد يتحد الإتنان ليعطيا الإلجيطانين ellagitannin وهو مكون ذائب يوجد في كثير من النباتات وهو نافع وأحسن من حمض الإلجيك الموجود في الأسواق.
والرمان كما ذكرنا ليس منعشا كالفواكه الأخرى، لأنه فاكهة الخريف، وهو الفصل الذي يجب أن يكون الجسم على تأهب من الأمراض، لأن فصل الصيف يرهق الجسم بضياع الماء بكثرة، وربما إرهاق الجهاز الهضمي بكثرة تناول الفواكه المنعشة والماء. ولذلك جعله الله سبحانه وتعالى في فصل الخريف ليعيد الجهاز الهضمي إلى حالته الطبيعية، وكذلك ليزيل ما تراكم من المواد الدسمة بالدم، وكل التصلبات التي تكونت بالأوعية الدمية.
ولنقترب أكثر من هذه الفاكهة العجيبة لنعرف بالمزايا والخصائص الصحية والغذائية. ويجب أن نخجل من أنفسنا لأننا لا نتكلم كثيرا عن المنتجات الزراعية المحلية، ولا نستفيد من المنتوج الوطني. وماذا لو قلنا أن الرمان لا يضر المصابين بالسكري، لأن القشرة أو الغلاف الداخلي يحتوي على أنزيمات تشبه مادة الأنسولين من حيث إذا استهلك الشخص الرمان، يجب أن يستهلكه بالقشور الداخلية، وهي مرة المذاق لكي تعمل المادة الموجودة فيها على ضبط تركيز السكر بالدم، وطبعا هذا بالنسبة للمصابين بالسكري بنوعيه الأول والثاني. والمواد الدابغة الموجودة في الرمان وعلى رأسها حمض الطنيك يكبح جرثوم قرحة المعدة أو Helicobacter pylori ولا تطيق هذه البكتيريا تركيز حمض الطنيك الموجود في قشور الرمان، وقد استعمل الإنسان قشور الرمان مند زمن بعيد ضد القرحة المعدية.
والسائد عند عامة الناس أن قشور الرمان تفيد في أمراض الجهاز الهضمي خصوصا المعدة. وفي هذا تهمة من الحقيقة لأن البوليفينولات الموجودة في قشور الرمان تقضي على باكتيريا القرحة المعدية، وعلى باكتيريا القولون بالنسبة لأصحاب الإسهالات الحادة. وأحسن من ذلك فأوراق الرمان تحتوي على تركيز أعلى من البوليفينولات أو المواد الدابغة، وهي كذلك ذات أهمية وقائية للجسم وهو الشيء الذي لا يزال مجهولا لعامة الناس، وأوراق الرمان تستعمل للحد من انسداد الشرايين، وتعمل على الحد من ارتفاع الكوليستيرول بالدم، وتقي الجسم من التضخمات والتقرحات الداخلية، وتزيد في مناعة الجسم وهي من بين النباتات التي تحسن الأبوبتوز بمعنى أنها تحسن الجهاز المناعي للجسم.
والطب الغذائي لا يتطرق إلى العلاج أكثر ما يتطرق إلى الوقاية، واستهلاك الرمان يكون نافعا للوقاية والعلاج معا خصوصا للمصابين بتصلبات وانسداد الأوعية الدموية، ويخفض الكوليستيرول في الدم، ويزيل الشحوم من الدم، ويعمل الرمان على تضميد قرحة المعدة، كما يسكن آلامها. وبما أن الرمان يقي من الانسدادات بالأوعية الدموية فإنه مخفض للضغط. والمزايا الصحية للرمان ليست مزايا الأعشاب التي لا يقبل الناس على استعمالها إلا في حالة المرض، وإنما هي مزايا غذائية تسهل الاستفادة منها باستهلاك الرمان كغذاء وبالكمية الكافية، ويجب أن يستهلك الرمان بنسبة عالية لأنه لا يضر ولا يتسبب في أي خلل ولو أكثر الناس من استهلاكه.
ونحن في موسم الرمان نكون في وفرة منه، فعلى المصابين بأمراض القلب والشرايين والمصابين بالقرحة المعدية، والمصابين بارتفاع الضغط وأصحاب السمنة والكوليستيرول والشحوم بالدم أن يكثروا من استهلاك الرمان. وأن يستهلكوا القشور كذلك أو أن يجمعوها وأن لا يرموها، لأنها لا تفسد ولو بقيت لمدة قرون عديدة. لقد آن الأوان أن نستعيد الثقة في أنفسنا، بعدما فقدناها من جراء الانبهارأمام التقدم العلمي الذي طبع الفترة ما بعد الاستعمار. لقد آن الأوان أن نعتمد على خبرتنا وأن نستفيد من رصيدنا المعرفي، وأن نتخلص من عقدتنا الاستعمارية. وقد أصبح ملحا الآن أن نستغل كل ما لدينا من مؤهلات وثروة طبيعية لسد الحاجة، وتجنب كل سبل الضياع التي تنعكس على المواطن. وكلما تخلصنا من النهج التقليدي، الذي يدعو إلى إنتاج المواد القابلة للتصدير الرخيصة الثمن، كلما كان خيرا لنا، وقد نسترجع أموالا طائلة بالرجوع إلى الاستفادة من المنتوجات الوطنية، لنجد فيها البديل الذي يغنينا عن المواد المستوردة، والبديل الذي يجعل صحة المواطن في أحسن حال.
وقد بدأت هناك نهضة قوية وكبيرة في أوروبا وأمريكا، وتتبعها الآن الدول الشرقية للعودة إلى الطب العضوي أو الطبيعي، وهناك تقدم هائل في هذا الميدان. وعملت وسائل الإعلام بالدول العربية على نشر الطب الطبيعي، وقد ساعد على ذلك عدة عوامل نذكر منها:
[LIST]
<LI dir=rtl>
اهتمام القنوات الشرقية بالموضوع، وإظهار عدم التنكر للحقيقة العربية والحضارة العربية، وكذلك البث باللغة بالعربية
<LI dir=rtl>
الحنين إلى الطب العربي والتطلع إلى العودة الجديدة لقوتنا الفكرية والثقافية والعلمية
<LI dir=rtl>
الكراهية لكل ما يذكرنا بالاستعمار والخيبة
[*]
انكشاف الحقيقة حول طبيعة الأغذية وإصرار المستهلك على معرفة ما يأكل [/LIST]