بتـــــاريخ : 3/30/2014 1:23:13 PM
الفــــــــئة
  • الاقتصـــــــــاد
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1730 0


    من أكثر الجرائم قدماً الاحتكار في مفهومه وآثاره وعقوبته

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : د. نادر عبد العزيز شافي | المصدر : www.lebarmy.gov.lb

    كلمات مفتاحية  :
    متفرقات اقتصادية الإحتكار جريمة عقوبة


    http://www.yemeneconomist.com/images/stories/trade_monopoly.jpg

    يقصد بالاحتكار كل عمل من شأنه سوء استغلال المركز الاقتصادي للحد من المنافسة المشروعة، بهدف جني أرباح خيالية، وبصورة مخالفة للمبادئ الأساسية التي يقوم عليها السوق بالاستناد إلى قاعدة العرض والطلب. ويمكن تعريفه بأنه حبس الشيء والامتناع عن بيعه، رغم شدة حاجة الناس إليه، حتى يرتفع سعره أو ينقطع عن السوق، وذلك لغرض اقتصادي أو سياسي أو غيرهما.
    ويمـكن القول ان جريمة الاحتكار هـي من أكـثر الجرائم قدمـاً وأبـعدها ايغالاً في تاريـخ التبادل التجاري البشري، نظراً لارتباطها بالمعاملات اليومية لكافة الناس المتعلقة بالبيع والشراء للسلع الضرورية والكمالية.

    المفهوم القانوني للاحتكار

    رغم أن أغلبية التشريعات الداخلية والدولية حظّرت وجود أي نوع من أنواع الاحتكار بصورة مخالفة للقوانين المرعية الاجراء، فقد اختلف المفهوم القانوني للاحتكار في تلك التشريعات، ومنها:
    * الولايات المتحدة الأميركية: نصّت المادة الثانية من قانون شيرمان على حظر احتكار أو محاولة احتكار أي عمل من الأعمال التجارية بين الولايات المتحدة أو مع الدول الأجنبية، واعتبرت أن القيام بذلك يعتبر جناية يعاقب عليها بالغرامة التي قد تصل إلى مليون دولار للشخص المعنوي و100 الف دولار للشخص الطبيعي، أو بالسجن مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، أو بكلا هاتين العقوبتين على حسب تقدير المحكمة.
    * القانون الأوروبي: حظرت المادة 86 من اتفاقية السوق الأوروبية إساءة استغلال المركز المسيطر للملتزم أو للمشروع في السوق المشتركة للتأثير على التجارة بين الدول الأعضاء، بقصد بيع أو شراء المنتوجات بأسعار أو بشروط غير عادلة، أو خفض كمية الانتاج إضراراً بالعملاء، أو فرض مراكز تنافسية سيئة على العملاء، أو فرض شروط لا تتفق مع العادات التجارية.
    واعتبرت محكمة العدل الأوروبية أن المركز المسيطر هو الذي يؤدي إلى امتلاك مقدرة اقتصادية تمكّن التاجر من تحديد الأسعار أو السيطرة على الإنتاج أو على توزيع جزء كبير من السلع، وإعاقة دخول منافسين إلى السوق نتيجة التأثير البالغ الذي يمارسه التاجر المحتكر.
    * اتفاقية الشراكة الأوروبية: وهي الاتفاقية الموقعة في اللوكسمبورغ بتاريخ 17/6/2002، والمتعلقة بالتجارة بين المجموعة الأوروبية والدول الأخرى، والتي وافق عليها لبنان بموجب القانون رقم 594 تاريخ 12/12/2002، وقد حظّرت في المادة 63 من وجود أي احتكار ذي طابع تجاري، أو وجود تمييز بين رعايا الدول الأعضاء، وفرضت على أعضائها أن يعدّلوا تدريجياً أية احتكارات موجودة في ما خصّ شروط شراء السلع وتسويقها.
    * القانون اللبناني: حدّد المشترع اللبناني الاحتكار في المادة 14 من المرسوم الاشتراعي رقم 73 تاريخ 9/9/1983 (المتعلق بحيازة السلع والمواد والحاصلات والاتجار بها)، فنصت على أنه يعتبر احتكاراً:
    1- كل اتفاق أو تكتل يرمي للحد من المنافسة في انتاج السلع والمواد والحاصلات أو مشتراها أو استيرادها أو تصريفها، ويكون من شأنه تسهيل ارتفاع أسعارها ارتفاعاً مصطنعاً أو الحيلولة دون خفض هذه الأسعار.
    2- كل اتفاق أو تكتل يتناول الخدمات بغية الحد من المنافسة في تأديتها ويكون من شأنه تسهيل ارتفاع بدلاتها بصورة مصطنعة أو الحيلولة دون خفض هذه البدلات.
    3- كل عمل يرمي إلى تجميع المواد أو السلع أو الحاصلات أو اخفائها بقصد رفع قيمتها، أو غلق مكاتب أو مستودعات لأسباب غير مشروعة بغية اجتناء ربح، لا يكون نتيجة طبيعية لقاعدة العرض والطلب.
    وبذلك، يتبين أن المشترع اللبناني منع كل عمل من شأنه الحد من المنافسة بهدف رفع الأسعار أو البدلات أو منع خفضها بغية اجتناء أرباح بصورة غير طبيعية وغير مشروعة.

    الاستثناءات على قاعدة حظر الاحتكار

    قاعدة حظر الاحتكار لم تأت مطلقة، بل ان المشترع اللبناني اجاز في حالات معينة احتكار بعض السلع والمواد لأسباب لها علاقة بالمصلحة العامة، إلا أنه منع منح أي احتكار إلا بموجب قانون يصدر عن مجلس النواب، فنصت المادة 98 من الدستور اللبناني على أنه «لا يجوز منح أي التزام أو امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو أي احتكار إلا بموجب قانون وإلى زمن محدود».
    ويعرف هذا النوع بـ«الاحتكار القانوني»، لأنه يستند في وجوده إلى نصوص قانونية تمنح المحتكر حق الانفراد في شراء بضاعة معينة أو إنتاج سلعة محددة أو تقديم خدمة، ويحظر على أي شخص منافسة الممنوح حق الاحتكار القانوني في الموضوع الذي يتناوله ذلك الاحتكار.
    وخير مثال على ذلك، احتكار إدارة الريجي في لبنان شراء وصناعة وبيع التبغ بموجب القرار رقم 16 ل.ر. تاريخ 30/1/1935. وكذلك انفراد مؤسسة كهرباء لبنان بإنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية في جميع الأراضي اللبنانية بموجب المرسوم رقم 16878 تاريخ 10/7/1964. وتجدر الإشارة إلى إلغاء احتكار الملح في جميع الأراضي اللبنانية واطلاق حرية استخراجه واستيراده من الخارج ونقله وبيعه بموجب قانون موازنة العام 1952 تاريخ 5/2/1952.

    آثار الاحتكار

    تتعدد الآثار السلبية للاحتكار، وأهمها الحد من المنافسة المشروعة، والسيطرة على النشاطات التجارية، والتحكم بالأسعار عبر رفعها أو منع خفضها، والحيلولة دون الإفادة من مزايا الاختراعات والاكتشافات الحديثة، إلا إذا كانت تصب في مصلحة المحتكر، وعدم استغلال كافة الموارد الطبيعية والإنتاجية بقصد التحكم بقاعدة العرض والطلب، وسوء توزيع الثروة والدخل، فمن الممكن أن نجد فقراً مدقعاً مقابل ثراء فاحش. كما قد يؤدي الاحتكار إلى الحؤول دون تبوء أصحاب الكفاءات مجالات العمل نتيجة سيطرة المحتكرين على هذه الأسواق، وقد يصل الأمر إلى درجة التحكم بالشؤون الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الدول وفي العالم بأسره.
    مكافحة الاحتكار

    كان المشترع اللبناني قد أنشأ دائرة مختصة بمكافحة الغلاء والاحتكار بموجب المرسوم رقم 1523 تاريخ 18/11/1942، وكانت مرتبطة في ذلك الوقت بوزارة التموين، وعهد إلى رئيسها بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 37/1943 مهمات البحث والتحرّي والتحقيق في جرائم الاحتكار، مع اعطائه حق الأمر بإقفال المحل الذي وقعت فيه الجريمة.
    إلا أنه بعد صدور المرسوم الاشتراعي رقم 73 تاريخ 9/9/1983، أعطت المادة 71 وما يليها منه مهمة ضبط جرائم الاحتكار وتنظيم محاضر الضبط إلى موظفي مصلحة حماية المستهلك وأفراد الضابطة العدلية المكلفين رسمياً القيام بهذا النوع من العمل.
    ويمارس هؤلاء الموظفون الصلاحيات المعطاة لهم في جميع المؤسسات والمحلات التجارية والمستودعات التي تخزن فيها مواد وحاصلات وسلع وفي مؤسسات الخدمات المسعرة. ويشترط لممارسة الوظيفة في الأماكن الأخرى التي يشتبه بوجود بضائع وحاصلات وسلع فيها، الحصول على موافقة خطية مسبقة من النيابة العامة المختصة. وفي مطلق الأحوال يحق لهؤلاء الموظفين الاستعانة بقوى الأمن الداخلي كلما دعت الضرورة.
    ويحق لموظفي مصلحة حماية المستهلك، المكلفين رسمياً، مطالبة أصحاب العلاقة بتقديم جميع الوثائق والمستندات التي تثبت صحة المعلومات المدلى بها. وتضبط المخالفة بموجب محاضر ضبط وفقاً لنموذج معين يحدد بقرار من وزارة الاقتصاد والتجارة في ما يعود لمراقبي مصلحة حماية المستهلك. وتُحال محاضر الضبط إلى النيابة العامة الاستئنافية ذات الصلاحية، من قبل رئيس المصلحة بواسطة رئيس مصلحة الاقتصاد والتجارة في المحافظات بعد التأكد من استيفائها الشروط القانونية مع كافة المستندات والإفادات والمعلومات الضرورية المتعلقة بها، أو ترفع للمدير في ضوء التدقيق والتحقيق الإضافي عندما ترتئي رئاسة المصلحة حفظ المحضر لتقترن بقرار المدير العام.
    وتنظر في الجرائم المحاكم الاستئنافية المختصة في المحافظة التي وقعت فيها الجريمة، وتطبق بشأنها أصول المحاكمات الموجزة المتعلقة بالجرائم المشهودة، وتكون أحكامها غير قابلة للمراجعة إلا لتصحيح الخطأ المادي، وفي مطلق الأحوال لا يجوز الحكم بأقل من الحد الأدنى للغرامة. ويمكن اثبات الجريمة بجميع الطرق القانونية.

    عقوبة جرائم الاحتكار

    حددت المادة 34 من المرسوم الاشتراعي رقم 73/83 عقوبة جرائم الاحتكار بالغرامة من عشرة ملايين إلى مئة مليون ليرة، وبالسجن من عشرة أيام إلى ثلاثة أشهر، أو بإحـدى هاتين العقوبتـين، وعنـد التكرار تضاعف العقوبة.
    وكل ممانعة للموظفين المكلفين بتنفيذ أحكام هذا المرسوم الاشتراعي أثناء قيامهم بوظائفهم، يعاقب عليها بغرامة من مليونين إلى عشرين مليون ليرة، وبالسجن من سبعة أيام إلى ثلاثة أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين، وإذا رافق الممانعة الإهانة أو التهديد أو الاعتداء، تضاعف العقوبة (م35).
    وكـل من يخفي الوثائق والمسـتندات التي يحـق لموظـفي مصلحـة حمـاية المستهلك الاطلاع عليها، أو يرفض تقديمها، يعاقب بغرامة من مليونين إلى عشرين مليون ليرة، وبالسجن من ثلاثة أيام إلى شهر، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وكل تذرع بعدم وجود الدفاتر التجـارية الإلزاميـة أو الفواتيـر يشكل سبباً لتشديد العقوبة (م36).
    وكل إخلال بتعهد يعطى لوزارة الاقتصاد والتجارة، في مجال تسهيل الأعمال التجارية، يعاقب عليه بغرامة من مليون إلى عشرة ملايين ليرة، وبالسجن من ثلاثة أيام إلى شهر، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وعند التكرار تضاعف العقوبة (م37).
    وتحجز المواد والسلع والحاصلات التي هي من نوع وصنف البضاعة التي ارتكبت بها المخالفة في أي مكان وجدت، ويمكن الحكم بمصادرة الكمية المحجوزة كلياً أو جزئياً حسب الحالة (م40). ويوضع على المحجوزات خاتم رسمي، وتودع أمانة لدى المخالف أو لدى شخص ثالث على ذمة بت المخالفة. إلا أنه إذا كانت الكمية المحجوزة ضرورية للتموين أو قابلة للتلف السريع، فيقتضي بيعها بمعرفة مصلحة حماية المستهلك، التي تحفظ الثمن حسب الأصول القانونية على ذمة بت المخالفة (م41).
    وإذا تكررت المخالفة خلال السنة الواحدة يمكن، بالإضافة إلى العقوبات المنصوص عليها في هذا المرسوم الاشتراعي، الحكم بإغلاق المركز التجاري الذي ارتكبت فيه المخالفة، ويمنع مزاولة المهنة خلال مدة تتراوح بين ثلاثة أيام وشهر (م42). ويعتبر بمثابة المخالف الأصلي كل من تدخل أو اشترك في ارتكاب الجريمة، أو حرض عليها، أو أخفى المعلومات المتعلقة بها (م43).
    ويؤخذ من قيمة الغرامات التي استوفيت فعلاً ومن محصول الصادرات المحكوم بها، مبلغ لا يتجاوز 25% من مجموعها، ويرصد لمكافأة الموظفين الذين ينظمون محاضر الضبط والذين يتولون إكمالها ومتابعتها حتى صدور الأحكام. ويحدد وزير الاقتصاد والتجارة، بناء على اقتراح المدير العام للوزارة، نسبة المبلغ الذي يقتـضي اقتطاعه وطريقة توزيعه (م44).
    وتجدر الإشارة إلى أن كل عمل من أعمال الاحتكار المبينة في المادة 14 المذكورة سابقاً، يعتبر باطلاً حكماً، بالنسبة إلى المتعاقدين أوالمتكتلين، سواء أكان هذا العمل ظاهراً أم مستتراً، ولا يجوز لهم التذرع بهذا البطلان تجاه الغير للتنصل من مسؤولياتهم (م15).

    تداخل في المصالح

    تعتبر جرائم الاحتكار من الجرائم الاقتصادية التي يعاقب عليها القانون وتخالف السياسة الاقتصادية للدول، وهناك محاولات حثيثة من المجتمع الدولي للتغلب عليها والحد من سيطرة المحتكرين على مقدرات الدول والشعوب، تبعاً لما للمال من سلطان.
    ويلعب النظام الاقتصادي دوراً كبيراً في تضييق أو توسيع نطاق الاحتكار، إذ في الدول التي تعتمد النظام الاشتراكي تكون مجالات الاحتكار ضيقة جداً، لأن الدولة الاشتراكية تضع يدها على أغلبية الأنشطة والمشاريع الحيوية، كما تضع سياسة صارمة للأسعار ولمنع التحكم بها، إلى حد يمكن القول إن الدولة الاشتراكية هي المحتكر الأول لتلك المشاريع.
    أما في الـدول التي تعتمد النظام الرأسمالي، القائم على الحرية الفـردية، فيكون للتجار الحرية المطلقة في تحديد أسعار بضائعهم، وحرية المنافسة المبنية على المبادرة الفردية، ضمن بعض الحدود القلـيلة التي تفرضـها القوانين، مما يسمح بتوسيع مجالات الاحتكار.
    ولئن كان الاحتكار في السابق يقوم به فرد أو أفراد محددون بقصد تحقيق أعلى قدر من الربح، فقد أصبح اليوم على شكل اتفاقيات بين شركات كبرى وأقطاب التجارة في العالم، مع دخول أهداف أخرى للاحتكار غير تحقيق أرباح طائلة، تتعلق بالسيطرة على الشؤون الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ولعلّ أبرز الاحتكارات التي شهدها العالم تتعلق بالمجالات البترولية والتكنولوجية.
    فقد مارست الاحتكارات البترولية شركات كبرى تابعة للدول العظمى للاستيلاء على بترول الشرق الأوسط، مثل شركة نيوجرسي الأميركية وشركة موبيل اويل الأميركية، وشركة بريتش بتروليوم البريطانية، وشركة شل الهولندية - البريطانية، وغيرها. وكانت سيطرة هذه الشركات على بترول الشرق الأوسط واحتكارها له قد دفع وزير الخزانة الأميركية (وليم سايمون) في عهد الرئيس نكسون إلى القول بأن العرب لا يملكون النفط بل يجلسون عليه، إلى أن تم إنشاء منظمة «اوبيك» بين الدول المنتجة للنفط عام 1960، لمواجهة تلك الاحتكارات.
    كمـا تتحكم بعض الشركات القلـيلة اليوم بمجال المعلوماتية وتمارس احتكاراً تكنولوجياً على برامج المعـلومات. وأهم هذه الشركات شركة مايكروسوفت (Microsoft) التي تتحكم بنظـام التشغيل (Windows). واحتكار هذه الشركة وتحكّمها بالأسعار دفع حكومة الولايات المتحدة الأميركية إلى رفع دعوى قضائية ضد الشركة لاحتكارها التجوّل عبر الانترنت في برنامج خاص بها يستخـدم في تشغيل أكثر من 60% من أجهـزة الكمبـيوتر، وكانـت الدعوى بسبب خـنق المنافسة في الأسـواق واحتـكارها، بهدف جـني أربـاح بملـيارات الدولارات.

    كلمات مفتاحية  :
    متفرقات اقتصادية الإحتكار جريمة عقوبة

    تعليقات الزوار ()