بتـــــاريخ : 2/3/2013 5:39:20 AM
الفــــــــئة
  • الاقتصـــــــــاد
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1952 0


    اللامعقول فى الاقتصاد المصرى..

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : مجلة اكتوبر | المصدر : www.octobermag.com

    كلمات مفتاحية  :

    قبل أن يغادر منصبه أجاب الدكتور فاروق العقدة رئيس البنك المركزى السابق عن سؤال عن حالة الاقتصاد المصرى فقال: إن كل الإشارات الحمراء أضاءت منذ فترة، وكان يقصد -غالبا-أن يُحذر قبل فوات الأوان من تردى الأوضاع الاقتصادية أكثر مما هى عليه.. والتحذير -بالطبع- موجه إلى الحكومة وإلى المواطنين باعتبارهم أصحاب البلد، ولا تستطيع الحكومة أن تحقق نجاحًا بدون تعاونهم معها.
    وهذه الحقيقة تؤكدها الارقام التى لا تكذب ولا تتجمل.. وبالأرقام فإن عجز الميزانية ارتفع ليصل إلى نقطة الخطر وقد بلغ 170 مليار جنيه، وهذا رقم لم نصل إليه أبدًا وليس من السهل تدبيره خصوصًا وقد ارتفع الدين المحلى ليصل إلى 894 مليار جنيه، بينما بلغ معدل البطالة بين الشباب 30 % فى بعض المناطق، ويضاف إلى كل ذلك مائة مليار جنيه قيمة الخسائر بسبب الإضرابات والاعتصامات والتخريب.. وفوق كل ذلك انخفض الاحتياطى من العملات الحرة إلى 15مليار دولار بعد أن كان 36مليار دولار قبل عامين..أضف إلى ذلك خسائر السياحة والطيران والمصانع التى توقفت.
    وللأزمة الاقتصادية تاريخ يبدأ منذ هزيمة 1967 حيث بدأ تباطؤ النمو الاقتصادى وانخفاض مستوى الدخول، وتباطؤ معدل التصنيع وارتفاع معدلات البطالة والتضخم والعجز فى الميزان التجارى وزيادة الديون الخارجية والداخلية، وأيضًا تدهور مستوى الإنتاجية ومستوى التعليم. وإن كان الاقتصاد المصرى قد شهد تحسنا ملحوظًا لمدة عشر سنوات من 1975 حتى 1985، فقد كان ذلك بسبب ارتفاع أسعار البترول وإعادة فتح قناة السويس وزيادة اعداد العاملين فى دول الخليج وزيادة تحويلاتهم. أى أن التحسن فى هذه الفترة كان بسبب ظروف خارجية لا علاقة لها بقوة أو ضعف بنية الاقتصاد المصرى كما يقول المفكر الاقتصادى والسياسى الكبير الدكتور جلال أمين.
    ***
    وفى رأى الدكتور جلال أمين أن ضعف الاقتصاد المصرى سببه الأساسى هو ضعف الدولة منذ هزيمة 1967، وهذا الضعف أدى بعد ذلك إلى انتشار الفساد وسيطرة المال على الحكم وإطلاق العنان للمغامرين ووكلاء الشركات الكبرى العابرة للقارات التى تتحكم فى اقتصادات الدول، ولحماية المغامرين والفاسدين والناهبين للمال الحرام تحولت الدولة إلى دولة بوليسية وساد الظن أنها بذلك أصبحت دولة قوية، ولكن الدولة البوليسية ليست دولة قوية ولكنها فى حقيقتها دولة فاسدة تكرس سلطات الدولة وأجهزتها لحماية الفساد والفاسدين وقمع المواطنين. لذلك أطلق الدكتور جلال أمين على الدولة المصرية وصف «الدولة الرخوة» التى تخضع للطبقة الجديدة من الذين يسمون أنفسهم مستثمرين ورجال أعمال وليس لطموحاتهم المادية حدود ولو أدى النهم للثورة إلى التضحية بسلامة الاقتصاد المصرى وبمصالح الشعب الذى ازداد فيه الفقر حتى أصبح نصف أعدادالمصريين عند خط الفقر أو تحت خط الفقر وتدهورت أحوال الطبقة المتوسطة.
    ***
    كل هذا التدهور الاقتصادى بسبب ضعف الدولة التى لم تستطع تنفيذ برنامج للإنقاذ ولديها الإمكانات لتحقيق ذلك. فلديها الموقع الاستراتيجى الذى يجعلها مؤهلة لجذب الاستثمارات ويجعلها مركزًا عالميًا لتجارة الترانزيت وللتخزين وصيانة وإصلاح السفن، ولديها إمكانيات للسياحة لا تقل عن إمكانيات بلد مثل تركيا أو أسبانيا، وفيها الموارد البشرية المتعلمة والموارد المعدنية، والأرض القابلة للاستصلاح والاستزراع. وفيها النفط والغاز ولكن ليس لديهامشروع قومى وإدارة سياسية ورغبة حقيقية فى تنفيذ برنامج لإصلاح ملايين الفدادين من الأراضى الصحراوية، وبناء صناعات لسد احتياجات السوق المحلى وللتصدير، وبناء الفنادق والمنتجعات السياحية..
    ولم يكن من الطبيعى أن تقدم الدولة الدعم للأغنياء وللرأسمالية الكبيرة ولصناعات الأسمنت والحديد والأسمدة والسيراميك والألومنيوم لتحصل على الطاقة بسعر أقل من سعر التكلفة وتتحمل الدولة الفرق من الضرائب التى يتحملها أصحاب الدخول المحدودة. وليس من المعقول أن يستمر هذا الوضع حتى الآن- وبعد ثورة العدالة الاجتماعية والعيش والحرية والكرامة الانسانية، وليس معقولًا أن تبقى إلى اليوم رسوم استغلال الثروة المعدنية إلى ما يقرب -من الصفر- كما يقول الخبير الاقتصادى أحمد السيد النجار بينما يحقق رفع الرسوم إلى المستوى المناسب دخلًا للدولة لا يقل عن 25 مليار جنيه سنويًا وفقاً لتقديرات هيئة الثروة المعدنية.. ويبدو أن «اللامعقول» هو العنوان المناسب لحالة الاقتصاد المصرى لأن الولايات المتحدة أكبر قلاع الرأسمالية المتوحشة تفرض ضرائب أكبر على الأغنياء، وبريطانيا التى تدير اقتصادها حكومة يمينية منحازة للرأسمالية والرأسماليين ومع ذلك تفرض ضرائب تصاعدية، ولو أن الحكومة المصرية فرضت نظامًا للضرائب التصاعدية فسوف تحصل على موارد جديدة تسهم فى سد العجز فى الموازنة وتحقق العدالة فى توزيع الأعباء، ولو أنها عملت على تحصيل الضرائب المتأخرة على كبار الممولين فسوف تحصل على 63 مليار جنيه، ولو أنها قامت اليوم بتعديل أسعار تصدير الغاز إلى اسبانيا وتركيا والأردن فإن ذلك يضيف 15 مليار جنيه.
    ***
    اللامعقول فى الاقتصاد المصرى أن يزداد الاعتماد على الاستيراد من الخارج لسلع أساسية وسلع كمالية وسلع استفزازية ويتحمل الاقتصاد الوطنىأعباء الزيادة فى عجز الميزان التجارى. وتشجع على تحويل المنتجين إلى مستوردين يحققون أرباحًا هائلة دون ان يضيفوا إلى الناتج القومى شيئًا. ومن غير المفهوم أن نرى شاشات التليفزيون العديدة فى مصر وكأنها تنفذ خطة موحدة لإثارة المزيد من التطلعات لدى المصريين ونشر ثقافة الاستهلاك وكأن المطلوب هو منع أى زيادة فى الادخار من أجل التنمية
    ***
    واللامعقول أن تكون لدى مصر فرصة ذهبية لتنمية السياحة ومضاعفة أعداد السياح نتيجة الاعجاب الذى ساد شعوب العالم بالثورة السلمية المتحضرة التى أعطت بها مصر درسًا للعالم، ولكن الاضطرابات التى استدرج إليها بعض البسطاء والغوغاء أساءت إلى صورة مصر واستغل الإعلام الخارجى المغرض هذه الاضطرابات ليثير المخاوف حول الأمن والأمان فى مصر، وزاد الطين بلة ما أعلنه وما فعله المتطرفون من التعبير عن الرفض والعداء للسياحة والسياح، ولا يمكن ان يتصور عاقل أن مصر التى تحتاج إلى زيادة أعداد السياح من الخارج أصبحت دولة مصدرة للسياح بحيث تزداد أعداد المصريين الذين يذهبون للسياحة فى الخارج.
    ***
    والحل:استعادة الدولة القوية، وأن تكون حكومة ما بعد الثورة حكومة قوية من أكبر الكفاءات وأهل الخبرة فى كل المجالات بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية، وأن تكون لهذه الحكومة رؤية واضحة ومحددة لإعادة بناء الاقتصاد وإنقاذ البلاد من المصير الذى وصلت إليه دول أخرى.. وفى العالم نماذج لدول كانت على وشك الانهيار ثم أصبحت من النمور الاسيوية وغير الاسيوية وفى إمكاننا أن نكون مثلها.

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()