الرجفان الأذيني ATRIAL FIBRILLATION يعد الرجفان الأذيني "AF" أشيع اضطراب نظم قلبي غير عابر (ثابت)، يحدث بنسبة 0.5% بين البالغين في المملكة المتحدة. يصنف على أنه انتيابي (نوب متفرقة تزول عفوياً) أو مستمر (نوب متطاولة يمكن إنهاؤها بقلب النظم كيماوياً أو كهربياً) أو دائم. على كل حال قد يصعب تحديد أي شكل منه موجود عند المريض اللاعرضي أو المصاب به حديثاً. ولحد أبعد من ذلك نجد أن المريض نفسه قد يصاب بأكثر من شكل من هذه الأشكال في أوقات مختلفة، فعلى سبيل المثال قد يسبق الرجفان الأذيني الدائم غالباً بنوب من الرجفان الأذيني الانتيابي أو بنوبة أو أكثر من الرجفان الأذيني المستمر. خلال نوب الرجفان الأذيني نجد أن الأذينات تضرب بشكل سريع وغير منتظم وغير فعال بينما تستجيب البطينات بفواصل غير منتظمة تؤدي لنبض مميز غير منتظم بشكل غير منتظم. يظهر تخطيط القلب الكهربي (انظر الشكل 33) مركبات QRS طبيعية ولكنها غير منتظمة. لا تظهر موجات P ولكن خط السواء قد يظهر موجات رجفانية غير منتظمة. الشكل 33: مثالين عن الرجفان الأذيني. مركبات QRS غير منتظمة ولا توجد موجات P. A يوجد عادة معدل استجابة بطينية سريع وغالباً بين 120-160 مرة /دقيقة عند بداية الرجفان الأذيني. B على كل حال في الرجفان الأذيني المزمن قد يكون معدل الاستجابة البطينية أكثر بطءاً نتيجة تأثيرات الأدوية وتعب العقدة الأذينية البطينية. قد يكون الرجفان الأذيني المظهر الأول للعديد من الأمراض القلبية (انظر الجدول 32) ولا سيما تلك التي تترافق مع ضخامة أو توسع الأذينات. كذلك يعد الكحول وفرط نشاط الدرق والأمراض الصدرية أسباب شائعة للرجفان الأذيني. الجدول 32: الأسباب الشائعة للرجفان الأذيني. · الداء الإكليلي (بما في ذلك احتشاء العضلة القلبية الحاد). · الداء الدسامي ولاسيما داء الدسام التاجي الرثوي. · ارتفاع التوتر الشرياني · فرط نشاط الدرق. · اعتلال العضلة القلبية. · إنتانات الصدر. · الأمراض التامورية. · داء العقدة الجيبية الأذينية. · الكحول. · مرض القلب الخلقي. · الصمة الرئوية. · غامض المنشأ (الرجفان الأذيني المعزول). غالباً ما تتشارك العديد من العوامل الإمراضية "مثل الكحول وارتفاع التوتر الشرياني والداء الاكليلي" ولكن مع ذلك وجد أن 50% من المصابين بالرجفان الأذيني الانتيابي و20% من المصابين بالرجفان الأذيني المستمر أو الدائم لديهم قلوب طبيعية من نواحي أخرى (تعرف هذه الحالة أحياناً بالرجفان الأذيني المعزول). يمكن لبدء الرجفان الأذيني أن يسبب الخفقان وقد يحرض أو يفاقم قصور القلب عند المرضى القلبيين ولاسيما أولئك المصابين بالتضيق التاجي أو بسوء وظيفة البطين الأيسر. وقد يسبب انخفاض التوتر الشرياني خفة الرأس، وقد يحدث الألم الصدري عند المرضى الذين لديهم سوابق الداء الإكليلي. تكون الأعراض أكثر إزعاجاً عند بداية تطور الرجفان الأذيني وقد تتحسن مع استمراره. غالباً ما يكون الرجفان الأذيني لا عرضي بشكل كامل حيث يكتشف عادة نتيجة فحص روتيني أو تخطيط قلب كهربائي. يترافق الرجفان الأذيني مع زيادة بمقدار الضعفين في المواتة والمراضة المهمة والتي تنسب بشكل كبير إلى تأثيرات الداء القلبي المستبطن وخطورة الصمة الدماغية. يمكن للتقييم الدقيق وكشف عوامل الخطورة والعلاج، يمكن لكل ذلك أن يحسن الإنذار بشكل معتبر. A. التدبير Management: يشمل التقييم المثالي للرجفان الأذيني المشخص حديثاً كلاً من القصة المرضية الكاملة والفحص السريري وتخطيط القلب الكهربي بالاتجاه الإثني عشر وتصوير القلب بالصدى واختبارات وظائف الدرق. قد يكون مطلوباً استقصاءات إضافية مثل اختبارات الجهد لكشف طبيعة وشدة أي مرض قلبي مستبطن. تظهر دلائل مخبرية على فرط نشاط الدرق عند حوالي 10% من المرضى المصابين برجفان أذيني غير مفسر من نواحي أخرى. عندما يكون الرجفان الأذيني اختلاطاً لمرض حاد (الإنتان الصدري، الصمة الرئوية) فإن العلاج الفعال للاضطراب البدئي سوف يعيد النظم الجيبي عادة. في بقية الحالات نجد أن الأهداف الرئيسية للمعالجة هي استعادة النظم الجيبي بأسرع ما يمكن ومنع تكرر نوب الرجفان الأذيني وإبطاء النبض القلبي لمعدل مقبول خلال فترات الرجفان الأذيني وتقليل خطورة حدوث انصمام خثاري و علاج المرض القلبي المستبطن. 1. الرجفان الأذيني الانتيابي Paroxysmal atrial fibrillation: عادة لا تحتاج الهجمات العارضة المتحملة جيداً لأي علاج ، ولكن تعد حاصرات بيتا ومضادات اللانظميات من الزمرة 1C (مثل الفليكائيند والبروبافينون) الخيار الأول في حال كانت الأعراض مزعجة. قد تكون حاصرات بيتا مفضلة عند المرضى المصابين بمرض قلبي بنيوي أو بارتفاع التوتر الشرياني أو عند الأشخاص المؤهبين لتطور الرجفان الأذيني خلال الجهد أو في فترات الشدة. إن الديجوكسين غير فعال ولكن الأميودارون مفيد كخط علاجي ثاني. يمكن للإنظام الأذيني الدائم أن يساعد في الحفاظ على النظم الجيبي عند المرضى المصابين ببطء القلب المرتبط بالرجفان الأذيني الذي يكون غالباً مظهراً لداء العقدة الجيبية الأذينية. يمكن علاج بعض أشكال الرجفان الأذيني الانتيابي بواسطة الاجتثاث بالتردد الراديوي Radiofrequency Ablation. 2. الرجفان الأذيني المستمر Persistent atrial fibrillation: يتألف الخياران العلاجيان المقبولان من ضبط معدل النبض وقلب النظم. إن محاولة استرجاع النظم الجيبي مناسبة بشكل خاص عندما يكون لاضطراب النظم أعراض مزعجة مفاقمة وعندما يكون ناجماً عن سبب مستبطن قابل للتعديل أو العلاج. إن قلب النظم كهربائياً ناجح بشكل مبدئي عند ثلاثة أرباع المرضى ولكن النكس شائع ويحدث بنسبة 20-50% خلال شهر وبنسبة 70-90% خلال سنة. إن محاولات استرجاع النظم الجيبي والحفاظ عليه تكون ناجحة بنسبة عظمى في حال لم يمضِ أكثر من 3 أشهر على بدء حدوث الرجفان الأذيني وكان المريض شاباً ولم يكن مصاباً بمرض قلبي بنيوي مهم. إن قلب النظم القلبي الفوري بنازع الرجفان بعد إعطاء الهيبارين الوريدي مناسب في حال لم تمضِ أكثر من 48 ساعة على حدوث الرجفان الأذيني. إن محاولة استعادة النظم الجيبي بتسريب محضر الفليكائنيد وريدياً هو بديل آمن وساحر لقلب النظم الكهربائي في حال عدم وجود مرض قلبي مستبطن. في الظروف الأخرى يجب تأجيل إجراء صدمة قلب النظم إلى أن يوضع المريض على الوارفرين ومع INR بين 2-3: 1 لمدة 3 أسابيع كحد أدنى ويعالج أي سبب مستبطن آخر مثل فرط نشاط الدرق. يجب الحفاظ على التمييع لمدة شهر واحد على الأقل (ولمدة 6 أشهر كحالة مثالية) بعد نجاح صدمة قلب النظم، وإذا حدث نكس قد يكون من المناسب إجراء الصدمة مرة ثانية (أو ثالثة). إن اشراك الصدمة مع العلاج المضاد لاضطرابات النظم المكون من الأميودارون أو حاصرات بيتا قد ينقص خطورة النكس. 3. الرجفان الأذيني الدائم Permanent atrial fibrillation: إذا لم نستطع استرجاع النظم الجيبي عندها يجب توجيه العلاج نحو الحفاظ على سرعة قلب مناسبة. يمكن للديجوكسين أو حاصرات بيتا أو ضادات الكلس المبطئة للنبض مثل فيراباميل أو ديلتيازم أن تنقص السرعة البطينية بزيادتها لدرجة الحصار الأذيني البطيني، وإن هذا الأمر لوحده قد يحدث تحسناً ملحوظاً في الوظيفة القلبية الكلية ولاسيما عند مرضى التضيق التاجي. تبقى حاصرات بيتا وضادات الكلس المبطئة للنبض (غالباً) أكثر فعالية من الديجوكسين في ضبط سرعة القلب خلال الجهد وقد تبدي فوائد إضافية عند المرضى المصابين بارتفاع التوتر الشرياني و/أو بمرض قلبي بنيوي. ينصح غالباً بالمشاركة الدوائية (مثل ديجوكسين و أتينولول). في بعض الحالات الاستثنائية يمكن علاج الرجفان الأذيني العرضي وسيئ الضبط بترو بإحداث حصار القلب التام بواسطة الاجتثاث بالتردد الراديوي بالقثطار عبر الوريد وعندها يجب زرع ناظم خطا دائم بنفس الوقت. 4. الوقاية من الانصمام الخثاري Prevention of thromboembolism: قد يؤهب التقلص الأذيني غير المجدي وتوسع الأذينة اليسرى لحدوث الركودة الدموية التي قد تسبب الخثار وبالتالي الانصمام الجهازي ولاسيما النشبة. تبلغ الخطورة السنوية للنشبة أو الانصمام الجهازي في كل أشكال الرجفان الأذيني حوالي 5%، ولكن هذه النسبة تتأثر بالعديد من العوامل (انظر الجدول 33) وقد تتراوح بين 0 إلى 15% (انظر الجدول 34). الجدول 33: عوامل الخطورة المؤهبة للانصمام الخثاري في الرجفان الأذيني. · سوابق الإصابة بنشبة إقفارية أو بنوبة نقص تروية عابرة. · أمراض الدسام التاجي. · العمر يزيد عن 65 سنة. · ارتفاع التوتر الشرياني. · سوء وظيفة بطينية يسرى و/أو تكلس حلقة الدسام التاجي (يظهران بتصوير القلب بالصدى(. · الداء السكري. · قصور القلب. أظهرت العديد من التجارب الكبيرة العشوائية أن العلاج بالوارفرين مع ضبط الجرعة (بحيث يصل INR إلى 2-3: 1) ينقص خطورة حدوث النشبة بنسبة حوالي الثلثين على حساب خطورة تطور النزف تقريباً بنسبة 1-1.5% سنوياً، بينما نجد أن العلاج بالأسبيرين ينقص خطورة النشبة فقط بنسبة الخمس (انظر EBM Panel). بالرغم من ذلك فإن المرضى في هذه التجارب كانوا غالباً منتقين بدقة وقد لا يكونون مماثلين للمرضى الذين يمكن مقابلتهم في الممارسة السريرية الروتينية حيث قد تكون مخاطر العلاج المميع أكبر مما هي عليه الحال في التجارب السريرية المضبوطة بشكل صارم. EBM الرجفان الأذيني ـ استخدام الوارفرين لإنقاص خطورة النشبة الإقفارية. أظهرت مراجعات منهجية أن التمييع بالوارفرين ينقص خطورة النشبة الإقفارية عند مرضى الرجفان الأذيني اللارثوي بنسبة 62% (تخفيض الخطورة المطلقة بنسبة 2.7% للوقاية الأولية و 8.4 % للوقاية الثانوية)، بينما الأسبرين ينقص هذه الخطورة فقط بنسبة 22% (تخفيض الخطورة المطلقة بنسبة 1.5% للوقاية الأولية و2.5 % للوقاية الثانوية). إن NNT لمدة سنة واحدة (وارفرين مقابل الدواء الغفل) = 18. إن التقييم الدقيق لخطورة حدوث الانصمام سيساعد في تحديد الفوائد المحتملة من المعالجة المميعة ( انظر الجدول 34) التي يجب موازنتها مع مخاطرها المحتملة. ويعد تصوير القلب بالصدى وسيلة قيمة لتحديد نسبة الخطورة هذه. يستطب إعطاء الوارفرين للمرضى ذوي الخطورة العالية أو العالية جداً لحدوث النشبة بشرط ألا يعرضهم التمييع لمخاطر غير مقبولة. إن الحالات المرضية المرافقة التي قد تختلط بالنزف مثل القرحة الهضمية أو ارتفاع التوتر الشرياني غير المضبوط أو عدم المطاوعة مع الدواء أو التداخلات الدوائية المحتملة، إن كل هذه الحالات هي مضادات استطباب نسبية للوارفرين. يمكن علاج مرضى الخطورة المتوسطة (بالنسبة لإصابتهم بالسكتة) بالوارفرين أو بالأسبرين بعد مناقشة المخاطر والفوائد لكل حالة على حدة. لا يحتاج المرضى الذين تقل أعمارهم عن 65 سنة والذين ليس لديهم دلائل على مرض قلبي بنيوي ونسبة خطورة النشبة لديهم منخفضة جداً، لا يحتاجون للوارفرين ولكن قد يستفيدون من المعالجة بالأسبرين. قضايا عند المسنين: الرجفان الأذيني: · ترتفع نسبة الإصابة بالرجفان الأذيني مع تقدم العمر لتصل لأكثر من 10% عند الذين تجاوزوا الخامسة والسبعين. · رغم أن الرجفان الأذيني يكون لا عرضياً أحياناً، لكنه يترافق غالباً مع قصور قلب انبساطي. · قد يكون الرجفان الأذيني المظهر المسيطر لحالة فرط نشاط درق صامت أو خفي. · ينكس الرجفان الأذيني بنسبة عالية (لا تصل حتى 70 % على مدى سنة واحدة) بعد قلبه بواسطة الصدمة الكهربائية. · يعد الرجفان الأذيني سبباً هاماً من أسباب النشبة (الصمة الدماغية) يمكن الوقاية منه. وقد لوحظ توارده عند 15% من كل مرضى النشبة وعند 2-8% من مرضى نوب نقص التروية الدماغية العابر TIA. · رغم أن خطورة الانصمام الخثاري تزداد مع التقدم بالعمر، فإن خطورة التمييع ترتفع أيضاً بسبب زيادة نسبة الإصابة بأمراض مرافقة ولاسيما السقوط وضعف الوظيفة المعرفية. · إذ استطب اللجوء للعلاج المميع فإن الوصول بالـ INR للمجال 1.6-2.5 قد يؤمن أفضل توازن بين المنافع والمخاطر عند المرضى الذين تزيد أعمارهم عن 75 سنة.