الماكروبيوتيك للأطفال
أما تغذية الأطفال الرضع في الماكروبيوتيك ، فتعتمد على حليب الأم الذي ينقل الذكاء والإحساس ويقوي الصلة بين الطفل وأمه ، ويضمن نموه نموا قويا وصحيا ، بينما يكون الأطفال الذين يتناولون حليب البودرة ميالون أكثر عرضة للإصابة بالإسهال ومشكلات هضمية ، وتكون مناعتهم للأمراض والالتهابات أضعف ، كما أن فرصهم للحياة حتى ما بعد السنين الأولى أقل .
ويعتبر حليب الأم غذاء للأطفال الرضع من الولادة إلى 6 شهور ، لحمايتهم من الفيروسات والجراثيم ، لأنه يعطيهم مناعة جيدة ضد الالتهابات بسبب احتوائه على مضادات معينة تكافح نمو الجراثيم غير المرغوب فيها التي تسبب أمراض ريكيتسيا والحمى التيفية وشلل الأطفال وفيروس الأنفلونزا والسالمونيلا وجراثيم الالتهابات المعوية والتهابات البلعوم وغيرها من الالتهابات .
وقد أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يعطون حليب البقر هم الأكثر عرضة لأمراض الجهاز الهضمي وتكون المناعة لديهم أقل من الأطفال الذين يرضعون من أمهاتهم وبذلك يكونون عرضة للأمراض المعدية أكثر ، لذا يجب أن لايأخذ الطفل حليب البقر على الأقل في السنتين الأوليين من عمره .
وأوضح الأخصائيون أن الفروقات الكثيرة بين حليب الأم وحليب البقر تدعو الى عدم تغذية أطفالنا منه ، فعلى سبيل المثال ، يحتوي حليب البقر على ثلاثة أضعاف ما يحتويه حليب الأم من البروتين وأربعة أمثال ما يحتويه حليب الأم من الكالسيوم ، بينما يحتوي حليب الأم ضعف ما يحتويه حليب البقر من الكربوهيدرات وهو ما يفيد ويغذي المخ والأعصاب ، ومن هنا يتضح ان تركيبة حليب البقر تعمل على النمو البدني السريع للعجل على حساب النمو العقلي ، أي المخ والأعصاب ، وهو ما لا يحتاجه العجل ، بعكس الإنسان ، لذا نلاحظ أن الأطفال الذين يتغذون على حليب الأم هم اكثر ذكاء .
وبما أن صحة الطفل تعتمد على حليب الأم ، لذا يجب أن تكون الأم في صحة ممتازة ، فأي تغيير في غذائها ينعكس على حليبها الذي ينعكس بدوره على صحة الطفل ، فالحساسية والإحمرار عند الطفل في منطقة الحفاض مثلا تنتج عن تناول الأم لأطعمة الين مثل الإفراط في تناول السكريات والفواكه والبهارات ، وبالتالي فإن تلك الأعراض ستختفي إذا تجنبت الأم هذه الأطعمة .
أما إذا أكثرت الأم من تناول اطعمة اليانغ كاللحوم والبيض والأسماك ، فسيصبح الطفل ذو سلوك يانغ أكثر ، أي شديد الحركة ، قليل النوم ، شره في الأكل ، وبالعكس عندما تفرط الأم في تناول اطعمة الين ، كالعصائر والحلويات سيكون الطفل ذا سلوك ين أكثر . هادئاً أكثر من اللزوم ، قليل النشاط ، كثير النوم والصراخ ، لذا فإن تغيير الأم لنوعية غذائها يؤدي إلى تغير ملحوظ في صحة طفلها .
وينصح نظام ماكروبيوتيك بإعطاء الطفل في 6 شهور إلى 8 شهور ، حين تبدأ أسنانه بالظهور ويصبح لديه رغبة في تناول الطعام ويبدأ وضع ما تصل إليه يده في فمه ، الطعام الصلب الذي يجب تحضيره خصيصاً للطفل دون ملح ، ويعطي رز لين مع مائه الذي أشبه ما يكون بحليب الأم ، وكذلك حساء الخضار المصنوع من الخضار الحلوة واللينة كالجزر والبروكلي وعصير التفاح في بعض الأحيان ، بحيث تتحقق الموازنة بين هذه الأغذية بأن تشكل الحبوب حوالي 50 في المائة ، والخضار والحساء الـ 50 في المائة الأخرى .
أما في فترة 8 أشهر إلى سنة من عمر الطفل ، فينصح أن تبدأ الأم يتقليل عدد رضعات الطفل من ثديها وتعوضه بالطعام الصلب ، فإلى جانب حبوب الأرز ، يمكن إعطاؤه التوفو المطبوخ جيداً وقليلاً من أعشاب البحر التي يتم طبخها جيداً ، وبعض البقوليات الخضراء المطبوخة جيداً والمهروسة ، والفواكه كالتفاح والكثمري والزبيب بعد طهيها قليلاً .
وبعد تجاوز الطفل السنة الأولى من عمره ، ليس هناك حاجة لفصل طعام الطفل عن طعام الكبار ، على أن يعطى في البداية بعض اطعمة الكبار التي لا تحتوي على البهارات والأملاح تدريجياً .
ملاحظات ومحاذير
يعتبر نظام الماكروبيوتيك العام ونظاما واسعا ومتنوعا ، يحتوي بشكل رئيسي على الحبوب الكاملة والخضار ، وهذا مناسب في حال كون الشخص الذي يرغب باتباعه لا يعاني من الأمراض ، أما في حال وجود مرض ما ، فلا بد من تعديله ليلائم الحالة المرضية الموجودة فمثلاً ، لا يستطيع مريض مصاب بحساسية أو بالتهاب أمعاء ، مثل التيفوئيد من تناول القمح الكامل أو أغلب أنواع الخضار مثل البقدونس وغيره ، لذا لا بد له أن يتبع نظاما غذائيا ضيقاً ودقيقاً حتى تتحسن حالته ، ويتخلص من المرض ، وعندئذ يتم تعديل النظام مرة أخرى وتوسعه حسب تطور الحالة الصحية ، وكذلك الحال لمرضى السرطان أو تشمع الكبد وغيرهم ، فكل مريض يحتاج إلى نظام غذائي يناسب حالته الصحية .
كما أن هناك بعض الأغذية التي تشكل جزءا من نظام الماكروبيوتيك مثل الميسو والأميبوشي والجوماشيو غير المتوفرة في منطقة الشرق الأوسط ، أو متوفر بسعر باهظ ، لذا يمكن استخدام بدائل هذه الأغذية اليابانية مثل المخللات التي تكافىء الميسو ، والزيتون الأخضر الذي يكافىء الأوميبوشي ، والزعتر المطحون الغني بالسمسم الذي يكافىء الجوماشيو .
ولا يعتمد هذا النظام على المحتويات من العناصر الغذائية المتوفرة في الأطعمة بل يعتمد على اللون والشكل والوزن والحجم والطعم والقوام ودرجة الحرارة والحموضة ومحتوى الأطعمة من الماء وطريقة الطهي وطريقة الإطعام .
ويرى بعض الأطباء أن نظام الماكروبيوتيك يفتقر إلى عنصرين مهمين في الأغذية الصحية المتوازنة ، هما ، عدم التنوع لأنه يمنع تناول الحليب واللحوم الحمراء وبعض الخضروات ، وعدم التوازن حيث يفرط في تناول الألياف ويقلل جداً من نسبة تناول البروتينات والدهون والسوائل ، المر الذي قد يؤدي إلى الجفاف ، وهذا يمثل خطورة على صحة وحياة الفرد .
وتحذر الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال ، من إعطائه للصغار ، لنقص عنصر الكالسيوم فيه ، وكذلك فيتامين (d) ، حيث تفيد الأبحاث العلمية إلى ظهور حالات لين العظام والكساح لدى الأطفال عند اتباع هذا النظام الغذائي ، ونظراً لانخفاض نسبة البروتينات والسعرات الحرارية فإنه يؤدي إلى سوء التغذية ، ولا ينصح بالاستمرار في تناوله للبالغين ، كونه يفتقر إلى العديد من العناصر الغذائية الهامة مثل فيتامينات (c) و (d) و ( B12 ) والكالسيوم .
ومن هنا ، قد تتفوق أضرار الماكروبيوتيك على فائدته ، وقد ينتهي إذا مورس لفترات طويلة بكثير من الأمراض كفقر الدم والتقزم وعدم كسب الوزن والطول الطبيعيين في مرحلة النمو ، بالإضافة إلى نقص الفيتامينات ، وبالتالي فهو لا يصلح كنظام حمية مدى الحياة .
دمتم بصحة وعافية