عندما غربت الشمس وحل الليل محل النهار ؛ جاء إلى إحدى القرى رجل غريب عن أهلها ؛ طويل القامة ، غريب الشكل والملبس ، يضع على راسه قبعة طويله سوداء،يتدلى أسفل منها شعر رأسه وغزارة دون انتظام ، ولحية طويلة غير منسقة ، وحواجب كثيفة الشعر ، وله صوت ضخم غليظ يبث الخوف فى كل من يسمعه .
وهو يحمل كتاباً قديماً أورقه صفراء مكتوباً بلغه غريبة غير مفهومة ، ويمسك بعصى قصيرة .
وما إن دخل هذا الرجل الغريب القرية حتى اتجه نحو بيت من بيوتها صاحبه مزارع يدعى مدحت ، طرق بابه فأجابه صاحب البيت :
من بالباب ؟ فأجابه الرجل الغريب ذو الصوت الغليظ قائلاً : أفتح يامدحت لقد جاء السعد إلى بابك .
ودهش مدحت من هذا الكلام العجيب ، وذاك الصوت الغريب ، وأسرع وفتح الباب فوجد هذا الرجل الغامض أمامه ، فشعر بخوف ، وقال له : تفضل بالدخول وأكمل مدحت كلامه بعد دخول الرجل بيته قائلاً – هذه هى المرة الاولى التى اراك فيها، ومع ذلك تنادينى باسمى وانا لاأعرفك، فما سر ذلك ؟ أجاب الرجل -: أما انا فاعرفك منذزمن طويل ،فاسمك مدحت محمود منصور مدون فى هذا الكتاب القديم، وهاهى الفقرة التى كتب فيها أسمك .
وظل الرجل يقرأ فى الكتاب بكلمات غير مفهومة ، ومدحت يسمع ولايفهم وأخيراً قال الغريب : اسمع يامدحت أنت تمتلك أرضاً زراعيه فى الجانب الشمالى من القرية .
رد مدحت نعم هذه الارض ملكى قال الغريب انا فى هذه الاض كنزاً من ذهب لايقدر بثمن ، هذا ماكتب فى كتابى هذا ، فإذا وافقت أخرجت لك هذا الكنز من ارضك الزراعية على شرط ان تعطينى عشره وتأخذ انت تسعة أعشاره وتصير من أصحاب الملايين .
فقال مدحت والسعادة تملا وجهه وهو غير مصدق لما سمعه : موافق موافق هيابنا فقال الرجل لاليس الان حيث لايتم استخراج هذا الكنز إلا فى منتصف الليل تماماً .
وبالفعل عند حلول الليل ذهب مدحت والرجل الغريب إلى حقله ومعهما حصان قوى ، وهناك أخذ الرجل يقرأ فى كتابه ويهمهم بكلمات عجيبة وهو يشير فى أثناء القراءة بعصا إلى بعض أماكن الحقل ، حتى استقرت إشارته عند منطقه محددة، فأخذ وبمساعدة صاحب الأرض فى الحفر وماهى سوى دقائق حتى ظهر صنوق خشبى كبير ، فصاح مدحت من الفرحة وقال الكنز هاهو الكنز.
وبسرعة أخرجا معاً الصندوق الكبير وحملاه معاً ووضعاه على ظهر الحصان القوى ، وذهبا وذهب إلى بيت مدحت دون أن يراهم أحد.
وفى البيت وضع الصندوق على الارض، ولاحظ مدحت وجود قفل كبير فسأل الرجل هل معك مفتاح هذا القفل فرد الرجل إن هذا الصندوق بقفله عليه سحر ، فإن حاولنا فتحه دون فك هذا السحر سيتحول الذهب والفضة بداخله إلى حجر وطوب وطين .
قال مدحت فى حيرة وكيف سنفك هذا السحر؟ رد الرجل إن هناك بعض الاعشاب التى يمكن شراؤها ، ومن ثم إذ أحرقناها سنفك هذا السحر ، ولكن تللك الاعشاب غالية الثمن .
وأستفسر مدحت عن ثمن تلك الاعشاب فأفهمه الرجل أنها مائتا جنيه .
قال مسعود فى لهفه هذا المبلغ معى ، وهو ماأملك ، خذه وأذهب بسرعة وأحضر تلك الاعشاب .
وبالفعل أخذ الرجل الغريب المائتى جنيه من مدحت ،وأخذ كذلك الحصان لكى يسرع فى إحضار الأعشاب المطلوبة.
ومضت عدة ساعات وطلع النهار اليوم التالى ولم يعد الرجل بالأعشاب .وانتظر مدحت وهو فى غاية القلق الرجل يوم ويومين وثلاثة، دون عودة هذا الغريب .ونفذ صبره، فكسر القفل الكبير، وكانت المفاجأ الصندوق الخشبى ملىء بالحجارة من الانواع نفسها التى توجد على أطراف الحقل .
فأيقن مدحت أنه راح ضحية محتال كبير أخذ مائتى جنيه وحصان فى مقابل صندوق ملىء بالحجارة.
علينا دائماً أنتحقق من أقوال وسلوكيات الغرباء ولا نصدقهم للوهلة الأولى.