سفير إثيوبيا بالقاهرة أثناء حواره مع اليوم السابع
حوار نهى محمود - تصوير ياسر خليل
مثلما أحدثت ثورة 25 يناير تغييرات على الصعيد الداخلى والخارجى لمصر، فكان المقابل أن بعضا من توجهات السياسية الخارجية تجاه مصر قد تغيرت أيضا، وأبرز هذه التغيرات على الإطلاق هى التصريحات والسياسة الناعمة دبلوماسيا التى جاءت عن إثيوبيا، إحدى أكبر دول حوض النيل، وكان ضمن هذه التغيرات تعيينها لسفير جديد فى مصر يدعى، محمود درير جيدى، ذلك السفير الذى بدا معتزا ببلاده إلى الدرجة التى إذا قال فيها جملة توطد من تعزيز الصورة الإيجابية لها يسبقها بـ"طبعا".
جيدى، الذى قال عن نفسه إنه يجلس فى مكتبه كالفلاح حيث يخلع جاكت بذلته و"الكرافت"، أكد فى حواره مع "اليوم السابع" أن مصالح بلاده الاستراتيجية تلتقى والمصالح المصرية و"هذا يفرض علينا التعاون وخلق الثقة المتبادلة ومد جسور التفاهم فلذلك إثيوبيا لا تستقطب دولة لكى تقوم بعمل مسئ إلى مصر"، فى إشارة إلى جنوب السودان.
وتحدث جيدى، الذى استقبل "اليوم السابع" بحفاوة وترحاب، عن الملف الساخن لقضية مياه النيل بعد مراوغات عديدة بينى وبينه، مبررا ذلك بأن إثيوبيا لا تتفاوض فى هذا الملف عبر الإعلام، وبعد إقناعى له بأننا نريد فقط معلومات صحيحة من مصدرها الأصح وافق فى النهاية.
وكشف جيدى، عن حقيقة بعض ما تم ويتم نشره وتداوله من معلومات مغلوطة حول الاتفاقية الإطارية التعاونية التى تعترض عليها مصر والمشاريع المائية التى تعتزم بلاده بناءها، ولكنه فضل عدم نشر بعضها، موضحا أن مصر فى عهد ما قبل الثورة أرادت أن تستخدم ملف مياه النيل بشكل أمنى لـ"لى" ذراع إثيوبيا من خلال تدخلها فى الشأن الإثيوبى.
وأشار السفير الإثيوبى لدى القاهرة إلى علاقة بلاده بقضايا القرن الإفريقى ولا سيما ما يحدث فى الصومال، فيما هاجم إريتريا متهما نظامها الحاكم بدعم جميع المخربين فى إثيوبيا والصومال وجيبوتى وإلى تفاصيل الحوار ..
• ما كواليس نشر إثيوبيا لـ3000 جندى فى منطقة أبيى الحدودية.. ولماذا وافق الاتحاد الإفريقى على نشر قوات إثيوبية تحديدا فى المنطقة؟
- عندما نتعاون مع السودان فى نشر قوات إثيوبية عبر مظلة الاتحاد الإفريقى أو الأمم المتحدة، هذا يعنى أن كلا الطرفين فى النزاع السودانى بما فى ذلك حكومة السودان ونظيرتها الجبهة الشعبية يقبلان بواسطة إثيوبيا ودورها فى فك النزاع، ونحن معروفا عنا فى تعاملنا مع الملف السودانى الثقة من كلا الطرفين فى دعمهما ليتجاوزا هذه المرحلة من مراحل تاريخ السودان الصعبة.
• وهل مسموح بنشر قوات أخرى إلى جانب القوات الإثيوبية؟
- حتى الآن طلب الطرفان اللذان بينهما مشكلة أبيى التى نتمنى أن تحل عن قريب ويخرج السودان بحل مشاكله منها، الوجود الإثيوبى.
• فى وجهة نظرك، ما أسباب انفصال الجنوب؟
- ما نعرفه أنه كانت هناك حرب أهلية دامت لفترة طويلة جدا أعطيت مسميات بأن هناك نزاعا بين المسلمين والمسيحيين، والأمر ليس بذلك، وأحيانا أعطيت مسميات الجهاد من قبل المتطرفين فى السودان وخاصة عندما كان الترابى له دور مخرب فى القرن الأفريقى بشكل عام والسودان بشكل خاص، فالنزاع كان على حقوق الشعوب.
• كيف تنظر إثيوبيا إلى انفصال الجنوب فى السودان؟
- نحن لنا تجربة فى الانفصال حيث انفصلت إريتريا عن إثيوبيا والحكومة القائمة فى إثيوبيا حتى الآن كانت تدعم، عندما كانت مقاتلة وجبهة لنيل حقوق الشعوب والحريات الإثيوبية لحق تقرير مصيرهم، حق تقرير مصير الشعب الإريترى وإقامة دولته المستقلة.. وبالتالى نحن نحترم رأى شعب جنوب السودان فى تقرير مصيرهم.
• هل من الممكن أن يؤثر الانفصال الحاصل فى السودان على إثيوبيا من حيث إنه يوجد لديكم عرقيات متعددة ويمكن أن تكون ذات نزعات انفصالية وتأخذ السودان نموذجا لها؟
- نحن قمنا بحل هذه المشكلة من أساس الدولة الحديثة فى اثيوبيا ومنذ بداية عام 1991 عندما دحرنا النظام الشيوعى الشمولى الذى كان يقف حائلا دون تحقيق لمطالب الشعوب فى الديمقراطية وحقوق الإنسان وحق تقرير المصير. نحن أسسنا دولة فيدرالية ينعم فيها المواطن بنظام يضمن له الحقوق الأساسية، ليس فقط فى الإدارة وتقرير المصير والديمقراطية، بل أيضا فى قضية الاعتزاز بالمواطنة والنقلة الاقتصادية التى تشهدها إثيوبيا فهى أسرع دولة من حيث النمو فى العالم ومن حيث النمو المستدام فى دول ما دون الخط الاستوائى فى أفريقيا.
• ما الدور المتوقع لإثيوبيا فى جنوب السودان؟
- نحن نرى أن السودان دولة مهمة جدا بالنسبة، ونتيجة الاستفتاء تدل على أن الجنوبيين أبدوا رغبتهم كشعب فى الانفصال وإقامة دولة حديثة فى أفريقيا، وتجربة الدولة الحديثة فى أفريقيا بشكل عام يجب أن تواجه تحديات الزمن العصرى ولا يجب أن تكون منافية للجوار والتعاون البينى وتعزيز العلاقات، وفى نهاية المطاف رغبة الشعوب تفرض التعاون بين البلدين.
• هل ستجذب إثيوبيا جنوب السودان للتوقيع على الاتفاقية الإطارية؟
- أنتِ بذلك تودين أن تتحدثى عن قضية تخص المفاوضات حول مياه النيل..
• وهذا جزء أصيل من الحوار..
- نحن لدينا سياسة واضحة تنص على عدم التفاوض مع إخواننا المصريين عبر الإعلام..
• هذا لا علاقة له بالمفاوضات ..
- لدينا أسس وآليات للتحادث المباشر ..
• ولكن من الضرورى الحديث عن قضية مياه النيل ..
- نعم .. ولكن لا نستخدم كل حديثنا بهذا الملف عبر الإعلام..
• نحن نعرف أن علاقة إثيوبيا بمصر أكبر من قضية مياه النيل ولكن جزءا منها خاص بقضية مياه النيل..
- أنا حسمت هذا الموضوع.. وقلت لكِ موقفى تجاهه.
• نحن نريد معلومات.. هناك سوء فهم كبير جدا حادث فى الإعلام المصرى تحديدا ويوجد تخويف من إثيوبيا.. ولذا يتم إجراء هذا الحوار لنشر الصورة الإيجابية لإثيوبيا..
- الصورة الحقيقية هى أن إثيوبيا ليست دولة مكايدة تقوم بالمرصاد للتآمر على مصر.. نحن مصالحنا الاستراتيجية تلتقى والمصالح المصرية وهذا يفرض علينا التعاون وخلق الثقة المتبادلة ومد جسور التفاهم فلذلك إثيوبيا لا تستقطب دولة لكى تقوم بعمل مسئ إلى مصر..
• قاطعته.. وهل تسيئ الاتفاقية الإطارية إلى مصر؟
- نحن ننظر إلى كل دول حوض النيل بأننا نتمنى إلى أسرة واحدة ويجب أن نتجاوز مشاكلنا وهمومنا لكى ننمو ونقوم بواجبنا تجاه مواطنينا.
• مصر تعترض على الاتفاقية الإطارية.. ولكن لو إثيوبيا دعت جنوب السودان إلى الانضمام للتوقيع على الاتفاقية الإطارية.. إلى أى مدى ستتضرر مصر من ذلك؟
- هذا سابق لأوانه.
• وإذا تقدمت جنوب السوادن بطلب للتوقيع على الاتفاقية الإطارية؟
- هذا يخص جنوب السودان أيضا.
• انتشرت معلومات مغلوطة عن اسباب طرح الاتفاقية الإطارية.. فما المعلومات الحقيقية لأسباب طرح الاتفاقية؟
- نحن فى إثيوبيا والدول الأفريقية الأخرى فى حوض النيل نعتبر أن الاتفاقيات التى يتمسك بها البعض فى مصر مثل اتفاقيتى عام 1929 و1959 اتفاقيات استعمارية وليست مصرية، إذ كانت بين استعمار بريطانى يستعمر كل من السودان ومصر وتم توقيع الاتفاقية بين الاستعمار نفسه نيابة عما سماه بمصر والسودان وهذا تشويه لتاريخ الشعوب.
قد يعتبر البعض عندما يسمعوا حديثى عن هاتين الاتفاقيتين، تدخلا فى قضايا سيادية وإلى آخره ولكن كثيرين من الذين لم يقرأوا هاتين الاتفاقيتين يتحمسون لها.. تصورى أن إثيوبيا التى يتدفق منها 85 % من مياه النيل لا يوجد لها حصة فى هاتين الاتفاقيتين التى نسميها اتفاقيات استعمارية.. فنحن نقول إن دول حوض النيل يجب أن تدخل إلى هذا العصر ولا تعيش فى عصر الماضى الذى لم ينظر. وطرح الاتفاقية الإطارية لم يأتِ من إثيوبيا ولكنه جاء نتيحة لتفاوض دام لمدة عشر سنوات وهناك من يقول إن مفاوضات نهر الدانوب بين دول أوربية دام لمدة 20 سنة فهل يجب نحن أيضا أن ننتظر 20 سنة كى نصل إلى اتفاقية.. لا.. نحن لا نتفاوض من أجل التفاوض نحن نتفاوض لنصل إلى نتائج.. وتحديات العصر الراهن من حيث متطلبات الشعوب والفقر المدقع الذى تعيشه دول حوض النيل يتطلب منا أن نرقى إلى مستوى وننظر إلى طريقة تجعل الكل فائز.. ولا يوجد حل اخر لهذا الملف وهذا هو موقفنا الذى لا يسع إلى الإساءة إلى مصر أو السودان، ولكن بشكل عام نحن نتحدث عن حق الشعوب فى التنمية وتحقيق رغباتها فى الخروج من الفقر المدقع الذى فرضته تراسبات وتراكمات لفترات استعمارية فى بعض المناطق ونحن فى إثيوبيا لم نشهد الاستعمار وهى دولة كانت مستقلة بالمناسبة..
• قاطعته، إذن لماذا لم ترفض إثيوبيا اتفاقيتى 1929 و1959 آنذاك، وهى كانت مستقلة دولة، على حد قولك؟
- رفضت بالفعل آنذاك.
• مثلما قلت إن الاتفاقية الإطارية تهدف إلى إعادة تقسيم مياه النيل بحيث أن كل دولة يكون لديها حصة وأن إثيوبيا، وهى أكبر دول المنبع، ليس لها حصة ولكن فى نفس الوقت يأتى الرد المصرى الرافض للاتفاقية ممثل فى عدم قبولها لخفض حصتها وبالتالى عدم تناسب هذه الحصة مع عدد السكان فضلا عن إلغاء حق..
- قاطعنى.. نحن لا نتفاوض عبر الإعلام. هذه الأمور تدخل فى صلب التفاوض ونحن لا نتفاوض مع الجانب المصرى عبر الإعلام. نحترم ما تمر به من مرحلة حساسة وحاسمة فى تاريخها، لذلك أجلنا التصديق على الاتفاقية الإطارية فى البرلمان، اعترافا وفهما منا بأن مصر تمر بمرحلة تستحق أن ننتظرها.
• ولذا يتم إجراء هذا الحوار يا سعادة السفير.. لأنه منذ توقيع بورندى على الاتفاقية الإطارية ظهرت مانشيتات الصحف المصرية تتحدث عن اقتطاع 17 مليار متر مكعب من حصة مصر.. نريد توضيح منك؟
- اتركِ الصحف المصرية التى أقامت الدينا ولم تقعدها كلما بنى سد فى إثيوبيا.. وعندما تحدثنا عن سد الألفية أيضا جن جنوها .. وكل هذه السدود التى بنيت فى إثيوبيا لم تضر مصر ولم تلحق أى ضرر على مصر. نحن لا نسعى لإضرار مصر.
• كثيرون تحدثوا عن عدم وجود أسباب خلافية واضحة فى الاتفاقية الإطارية بين مصر وإثيوبيا وأنها اتفاقية من السهل التفاوض حولها وأن هناك أسبابا أخرى للتوتر بين البلدين.. ما هذه الأسباب؟
- الأسباب الأخرى هى أن مصر فى عهد ما قبل الثورة أرادت أن تستخدم هذا الملف كملف أمنى وتلوى ذراع إثيوبيا من خلال تدخلها فى الشأن الإثيوبى.
• كيف؟
- من خلال زعزعة نظام الحكم..
• عن طريق تمويلها للمعارضين مثلا؟
- يعنى تم استخدام هذا الملف من قبل جهات تعتبر سيادية فى مصر بينما هو ملف لا يخص هذه الجهة ويجب أن تتحدث فيه الدبلوماسية دون الدخول فى متاهات البلطجة السياسية.
• وهل حقيقيا ما قرأته فى الصحف الإثيوبية من أخبار عن تمويل مصر للمتمردين فى إرتيريا بالأسلحة لزعزعة الاستقرار فى إثيوبيا؟
- لا تعليق.
• نحن نتحدث عن نظام سابق.. فلماذا لا ترغب فى التعليق؟
- حتى لو كان نظام سابق فله بقاياه.
• كيف كان يعاملكم النظام السابق؟
- كانت المعاملة سيئة مما أدى إلى تدهور العلاقة بين البلدين، وهذا ما أستطيع فقط أن أقوله، وأعتقد أن ثورة 25 يناير صححت المسار الحقيقى الذى يجب أن تكون عليه العلاقة بين مصر وإثيوبيا.
• يمكنك أن توضح بشكل أكثر معنى سيئة؟
- مسئولو النظام السابق كانوا "بتوع البرج العالى"، وهذا التعالى الذى تفوح منه رائحة استعمارية لا يناسب أفريقيا.
• بالنسبة للسدود.. بماذا تفسر موجة الخوف التى تنتاب المصريين من السدود الإثيوبية؟
- بنى أكثر من سد فى إثيوبيا منهم سد تانا بليز وسدود أخرى تعود بالخير على إثيوبيا وتنظم الفيضانات ومجرى المياه فى السوادن، والسودانيون يعرفون أنها مفيدة لهم من حيث الرى وغيرها.
أعتقد أن بعض الصحف وخاصة مؤسسة كبيرة مثل "......." لم تكن موفقة فى تناولها لهذه القضية. النظام السابق كان يهتم بملفات أخرى دون أفريقيا وخلق العداء لمصر مع دول مثل إثيوبيا التى لها مكانة مرموقة على الصعيد الافريقى بشكل عام.. فأعتقد أن النظام السابق أراد أن يُخرج الهموم المصرية الكثيرة آنذاك بمشاكل أخرى مختلقة، فهذه الطريقة تنعكس سلبا على المواطن المصرى فى خلق خوف ومخاوف ليست لها وجود على أرض الواقع، من حيث إن إثيوبيا ستقطع المياه والمصريون سيشنون غدا حربا على إثيوبيا.. نحن نعتقد أن النيل يربط كل أبناء النيل كشريان للحياة ويجب أن نستفيد منه استفادة لا تضرر بجانب أو بآخر وتحقق النمو للمواطن البسيط الذى يعيش على النيل.. أعتقد أنه بعد ثورة 25 يناير تجاوزنا هذا الملف المخطئ ونحن نتحدث عنه الآن لمجرد أن يعرف المواطن المصرى أن ما حدث سابقا كان خطأ فى خطأ.
• كيف سيتم تمويل بناء سد الألفية العظيم؟
- المواطنون الإثيوبيون هم الذين يمولون سد الألفية الإثيوبية ونحن دعونا مصر والسودان للمشاركة الفعلية الحقيقية فى أن يكون لهما حصة فى بناء هذا الصرح الحضارى العظيم.. لم نتعود خلال العقدين الماضيين على هكذا تعاون.. وأعتقد أن التوجهات المستقبلية تبشر بالخير إذ نسمع أن هناك ثقة وبناء جسور الثقة بين البلدين.
ونحن بنينا السد على قرب من السودان، لأننا لا نعتقد أننا سنستخدمه فى الرى ولكن السودان تلك الدولة المستقلة والمجاورة لنا، ستكون أكثر من يستفيد من حيث عملية الرى، ومن حيث توليد الكهرباء، فإن الفائض سنبيعه للدول المجاورة، فالسودان بالتالى سيستفيد من هذه المشاريع..
• كيف تصدر إثيوبيا الكهرباء إلى جمهورية جيبوتى وهى تعانى أزمة كهرباء؟
- من أجل الحصول على العملة الصعبة والاهتمام باحتياجاتنا الأخرى طبعا.. نحن نريد أن نصل إلى الاكتفاء الذاتى من الكهرباء والطريقة الوحيدة للحصول عليها بشكل أرخص هو توليدها من المياه الفائضة المتواجدة فى إثيوبيا بما فى ذلك نهر النيل، هناك أنهار أخرى طبعا، ولكن نهر النيل يمثل شريانا حيويا فى إثيوبيا، إذ يسمى بـ"اباى" ويعنى العظيم أو المتمرد باللغة الجعزية القديمة.
• هل سيكفى سد الألفية حاجة إثيوبيا من الكهرباء؟
- نحن نسعى إلى أن نحصل على ما يكفينا من الكهرباء.
• إلى أى شىء خلصت اللجنة الاستشارية لدراسة فوائد أو أضرار سد الألفية لكل من مصر والسودان؟
- ما زالت فى قيد الدراسة.. رئيس الوزراء الاثيوبى اتخد قرارين مهمين الأول: تأجيل التصديق على الاتفاقية الإطارية فى البرلمان الإثيوبى ريثما تستعد مصر لإقامة دولتها وتنتخب رئيسها، الثانى: نزع فتيل السياسة والتضخيم الإعلامى الذى حدث حول مياه النيل سابقا من حيث إن هذا الملف تقنى بحت ويجب للتقنيين أن يتباحثوا فيه لذلك سمحنا بأن تقوم لجنة مشتركة من الخبراء الاثيوبيين والمصريين والسودانيين للنظر فيما إذا كان يضر مصر أو السودان. نحن نعتقد اعتقادا راسخا وعميقا أنه لا يضر ولكن لنطمئن إخواننا فى مصر والسودان قررنا ذلك وسيكون باللجنة خبراء أجانب محايدين ومعروفين فى العالم بخبرتهم فى هذه المسائل.
• لماذا لم تطلب إثيوبيا دعما من صندوق النقد الدولى أو الدول المانحة لبناء سد الألفية؟
- صمت قليلا ثم أجاب: نحن قررنا أن نبنى هذا السد عن ذات أنفسنا وأن يدعمه ويموله المواطن الإثيوبى سواء فى الداخل أو فى الخارج..
• قاطعته: لماذا؟
- ليشعر كل مواطن إثيوبى أن هذا يدخل فى صلب ما قام به تجاه تاريخ وتنمية إثيوبيا. ونحن لدينا كذلك مشاريع قمنا بها دون الاستعانة بأطراف أخرى.
• مشاريع أخرى فى السدود؟
- نعم.
• مثل؟
- تانا بليز مثلا.
• ولكننى أسمع أن سد الألفية سيتكلف بناؤه 4 مليارات دولار؟
- تساءل متعجبا: ما هى 4 مليارات تجاه 80 مليون مواطن إثيوبى ومئات آلاف من الإثيوبيين المرموقين الذين يعيشون فى الخارج.
• هل ضغط النظام المصرى السابق على صندوق النقد الدولى والدول المانحة لعدم تمويل سد الألفية؟
- حاول أن يضغط وراوغ.. وهذه السياسة التى تعرف بسياسة إفقار افريقيا كانت من ضمن الملف الذى عُرف عن النظام السابق.
• إذا إثيوبيا حاولت بالفعل الاستعانة بصندوق النقد أو الدول المانحة أو البنك الدولى لتمويل السد؟
- لا.. نحن نعتمد على أنفسنا فى بناء سد الألفية. ولكن هذا لايعنى إننا سنرفض إذا قامت جهات ممولة بالمساهمة فى بناء السد، فنحن نرحب بذلك.
• ولكنكم لن تبادروا بطلب الدعم المادى؟
- سياستنا واضحة جدا.. نحن سنقوم ببناء السد بما لدينا من الخبرة المتوفرة لدى الشعب الاثيوبى وإن استغرق وقتا طويلا ولن يستغرق ذلك فسنقوم بإقامته وهذه حقيقة حتمية.
• أنتم حددتم أربع سنوات لبناء السد؟
- نعم.
• هل هناك دول عرضت عليكم المساعدة المالية فى بناء السد؟
- فى مشاريع أخرى هناك دول نتعامل معها ولكن فى هذا المشروع لم نطلب مساعدات خارجية.
• ما صحة توقيع إثيوبيا عقد إنشاء سد الألفية مع شركة إيطالية؟
- لا يوجد لدى معلومات عن ذلك.. وأنا لا أتحدث بما ليس لدى علم.
• هل من الممكن أن تفكر دول حوض النيل فيما بعد فى إنشاء بنك للمياه لبيعها؟
- رد مبتسما: من يقول إن هناك من يبيع الماء ومثل هذا الكلام يلعب بعقول الناس.
• هل ذلك يرجع إلى عدم سهولة نقل المياه؟
- لن أتحدث عن هذه النقطة.
• قرأنا يوم الثلاثاء الماضى على موقع "نزرت" الإخبارى الإثيوبى ما يفيد بتقدم إثيوبيا بطلب إلى البنك الدولى لتمويل مشروع للرى على حوض النيل.. ما مدى صحة هذا الخبر؟
- ليس لى علم بهذا الموقع ولكن اثيوبيا دولة ذات سيادة وتتعامل مع المؤسسات التى هى عضو فيها بطريقة تفيد مصلحتها.
• ما تعليقك على دور إسرائيل فى النزاع بين دول حوض النيل؟
- فى منطقة الشرق الأوسط بشكل عام التى تنتمى إليها مصر سيكولوجيا، وإن كانت افريقية باحتة، هناك نظرية المؤامرة.. نحشر اسرائيل فى كل القضايا وكأنها "سوبر مان".
علاقتنا مع إسرائيل ليست بمستوى العلاقة بين مصر وإسرائيل من حيث الحجم الدبلوماسى والتعاون البينى وعلاقتنا مع إسرائيل ليست موجهة ضد أى دولة من الدول المجاورة أو العربية.
نحن نعترف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطينى، وللسلطة الفلسطينية سفارة فى إثيوبيا كبقية الدول العربية واعطيناها أرض مجانا لتقيم عليها سفارتهم ولكى نظهر لأخواننا الفلسطينين أن هذا ما نستطيع ان نقوم به تجاههم.
وفيما يتعلق بقرارات الأمم المتحدة فمعروف عنا أننا دائما وأبدا مع الشرعية الدولية فلا أحد يستطيع أن يزاود علينا فيما يتعلق بقضية فلسطين ويخلق صورة لدى إخواننا العرب بأننا أداة تحركها اسرائيل فى خلافها مع مصر أو دول عربية أخرى.
علاقتنا مع العرب تتجاوز الإسلام والمسيحية، علاقتنا مع جنوب الجزيرة العربية معروفة بأنها علاقة تراثية وحضارية وعلاقتنا مع اليمن فى عهد مملكة سبا كانت مملكة مشتركة بين إثيوبيا حاليا وأجزاء من اليمن معروفة لدى الجميع.
وفيما يخص علاقتنا بالإسلام فإن الإسلام جاء إلى إثيوبيا قبل أن يصل المدينة، نحن لسنا جدد فى تراثنا العربى الشرقى الإسلامى، وانبثقت علاقة وطيدة بين الكنيسة القبطية المصرية فى الإسكندرية وفى إثيوبيا فى عصر المسيحية العريق الإثيوبى ومازالت هذه العلاقة قائمة، فإذا كان البعض يريد أن يظهر صورة غير حقيقية بأن اسرئيل تدعم اثيوبيا وتبنى سدود وإلى آخره، فإن اسرئيل ليست لها مليم فى بناء السدود فى اثيوبيا ولا أمريكا أيضا.
• ماذا عن الاستثمارات والتواجد المصرى فى إثيوبيا؟
- نحن نرغب فى أن تكون هناك استثمارات للمصريين فى إثيوبيا، وهناك توجه من قبل مجلس رجال الأعمال المصريين والاثيوبيين، وهو مجلس حديث المنشأ أقيم عام 2009 إلا أنه خلال هذه الفترة الوجيزة وحيث توفرت الإرادة والرغبة السياسية لدى الطرفين نشهد تطورا هاما فى الاستثمارات المصرية، حيث يوجد فرع للبنك الأهلى المصرى فى اثيوبيا وهو البنك الثانى الأجنبى فيوجد أيضا فرع لبنك كوميرز الألمانى، ولا يوجد فروع لبنوك أجنبية اخرى غير هاتين البنكين، ونجد أيضا المقاولين العرب يهتمون بمشروع بناء طريق أديس ابابا-مومباسا الذى يبلغ طوله ألف كيلو متر، والآن نحجت فى إنهاء 100 كيلو متر بما يوازى 450 مليون دولار وهى تقوم ببنائه بعد منافسة قوية مع شركات صينية، والمقاولون العرب معروف عنهم أدائهم التقنى والراقى جدا.
وأيضا هناك زيارات متبادلة على مستوى رفيع، عن قريب زارنا نائب وزير الصناعة والتقى بوزير الصناعة المصرى وتباحثا حول تعزيز العلاقة وتنشيطها وتشجيع المستثمرين من كلا الطرفين فى إثيوبيا ومصر، فالحجم التجارى قليل وهو يساوى 2 % من إجمالى الصادرات والواردات الاثيوبية فنريد أن نرق بهذه الأرقام المخجلة جدا إلى مستو عال حيث مثلا تشهد التجارة البينية بين اثيوبيا والهند بالمليارات فتبلغ فى هذا العام 4 مليار دولار أمريكى، وكذلك التجارة بين الصين واثيوبيا يراد منها ان تصل إلى 3 مليارات فى العامين المقبلين، وهناك استثمارات تركية كبيرة جدا، فنحن نشجع الأخوة المصريين المستثمرين على الاهتمام بالسوق الاثيوبية التى تشكل مدخلا إلى السوق الافريقية بشكل عام.
• إلى أى مدى عدم الاستقرار فى الصومال يؤثر على إثيوبيا؟
- نحن نسعى إلى دعم حكومة انتقالية صومالية تستطيع أن تعيد لملمة ما بعثرته الحرب الداخلية سواء كان الاقتصاد أو المؤسسات وما آخره عبر الاتحاد الإفريقى ومنظمة الايجاد.. ونحن لدينا حدود طويلة وعريضة مع الصومال وطبعا الصومال يتأثر بما يحدث فى إثيوبيا ويؤثر كأى دولة مجاورة لنا ولكن ما نسعى إليه مع دول الايجاد والاتحاد الافريقى أن تقوم دولة قوية فى الصومال وأن يتجاوز الصوماليون محنتهم.
• هل إثيوبيا كانت تؤيد تأجيل الانتخابات الصومالية؟
- الحكومة الانتقالية الصومالية هى التى طلبت إعطاء مهلة لها لمدة سنة من قبل المجتمع الدولى وأوغندا دعمت هذا الاتجاه واثيوبيا أيضا لأنها رغبة وإرادة الحكومة الانتقالية.
• هل لإثيوبيا قوات فى الصومال؟
- لا.. ليست لنا قوات فى الصومال.
• هل يوجد نزاع بينكم وبين دول الجوار على الحدود مثل الصومال أو السودان؟
- لا.. لا يوجد لدينا أية مشاكل مع جميع الدول المجاورة لنا.. والمشكلة الوحيدة فى القرن الافريقى هى ارتريا التى ليس لها مشكلة فقط مع اثيوبيا ولكن أيضا مع جيبوتى والسودان.
• ما هى مشكلة إرتيريا؟
- إرتيريا تلعب دور المخرب فى الصومال وتدعم جميع المخربين فى كل من السودان وإثيوبيا أيضا. وهذا هو اتجاه إرتريا خلق بلبلة فى المنطقة.
• وما هدفها؟
- يجب أن تسألى الرئيس الإرترى.
• يوم 28 مايو الماضى الذى يوافق العيد القومى لإثيوبيا حدثت مظاهرات فى إثيوبيا تحت شعار "الشعب يريد إسقاط النظام"..
- قاطعنى: لا لا
• لا حدثت فعلا..
- كرر: لا لم يحدث لم يحدث هذا لم يحدث.. الشعب يدعم مسيرة التقدم فى إثيوبيا والمشاريع الإنمائية وخاصة سد الألفية الاثيوبى.. وهذا ما حدث.
• ولكن تم إطلاق مجموعات على الفيسبوك لدعم هذه المظاهرات التى خرج إليها عدد قليل وفشلت فى النهاية.. لكنها حدثت..
- لا.. ما حدث فى هذا اليوم هو خروج ملايين من الاثيوبيين للاحتفال بالنهضة التى تحدث فى اثيوبيا ودعم مشروع سد الألفية العظيم.