القاهرة - مصطفى سليمان
أثارت النتائج الأولية للتصويت على استفتاء الدستور المصري جدلاً سياسياً في مصر تزامناً مع حالة الاحتجاجات والانقسام التي تسود الشارع المصري بين تيارين: أحدهما يمثل التيار الإسلامي، والآخر هو تيار المعارضة الذي يضم ليبراليين ويساريين اجتمعوا تحت مسمى "جبهة الإنقاذ الوطني".
ووسط هذه الحالة من الانقسامات ظهرت نتائج متضاربة من جانب غرف عمليات كلا الفريقين، حيث توقع عصام سلطان - وهو من معسكر الداعمين للدستور وعضو الجمعية التأسيسية للدستور، أن تتجاوز نسبة المصوتين بنعم للدستور الجديد 70% من إجمالي عدد المصوتين في المرحلة الأولى، فيما أعلن التيار الشعبي المعارض من خلال رصده أن نسبة التصويت بلا بلغت 65%.
وفي هذا الصدد يقول د. جهاد عودة لـ"العربية.نت": "إنه دائماً ما نربط الظروف والمعطيات السابقة التي تمر بها البلاد قبل إجراء أي عملية انتخابية، ووفقاً للمشاهدات فإن هبات الاحتجاج التي شهدتها مصر في الآونة الأخيرة من المنطقي أن تفرز نتيجة الرفض لأن الاثنين يسيران في خط واحد".
وأضاف "أما إذا جاءت النتيجة غير متفقة مع نمط الاحتجاجات فإنني أتوقع أن تسود الفوضى وشبح الاضطرابات الداخلية قد يهدد استقرار البلاد، من الطبيعي أن نجد نتائج متضاربة وسط هذه الاضطرابات وحالة الانقسام في الشارع المصري".
وتابع: "أمام هذه الحشود من النقيضين لا نستطيع التوقع أو التنبؤ بأي نتيجة حتى يتم فرز آخر صندوق".
ولفت إلى أن هناك فرقاً بين الانتخابات والاستفتاءات، فالطبيعي أن الاستفتاءات ليس لها صاحب، ولكن الآن الاستفتاء على الدستور أصبح له صاحب وهو الرئيس والتيارات الإسلامية، فبما للرئيس من سلطات تساندها التيارات المؤيدة له والداعمة له فبالتالي سيكون هذا الجانب حريصاً على إجراء الاستفتاء واستمراره وأن تكون الغلبة له".
واستدرك د. جهاد عودة: "لكن من خلال المعارك والاحتجاجات التي شهدتها مصر طوال الشهرين الماضيين اللذين سبقا عملية الاستفتاء شاهدنا نمطاً احتجاجياً كبيراً من المعسكر المناهض للرئيس والإخوان والسلفيين، والمعسكر الرافض للسلطة المتمثلة في الرئيس المنتمي لتيار الإخوان المسلمين حتى إن بعض المحافظات مثل الإسكندرية والغربية والسويس شهدت اقتحاماً لديواناتها الرئيسة ومديريات الأمن بها، وهناك محافظات أعلنت استقلالها، فإذا سار نمط التصويت في هذه المحافظات في نفس مسار الاحتجاجات يمكن أن نتوقع التصويت بـ"لا" في هذه المحافظات، وهي تمثل نسبة عددية كبيرة قد تؤثر بنتيجة غير مرضية على أصحاب الاستفتاء في النهاية، وهنا أتوقع أن تشهد البلاد استقراراً سياسياً إلى حد كبير".
وتابع: "أما إذا انعكست وسار النمط الاحتجاجي الذي شهدناه في الشارع المصري معاكساً للنمط التصويتي فإنني أعتقد أن البلاد ستشهد شبح اضطراب داخلي وستبدأ المعركة الحقيقية بين المعسكرين، وربما تدخل البلاد في دوامة من الفوضى، وهنا تأتي مسؤولية التيار الإسلامي والرئيس الذي يتبعه في استيعاب هذه التيارات المناهضة له فقد يكسب ساعتها التيار الإسلامي الاستفتاء لكنه سيخسر الشارع".
التيار الديني تاجر بحالة البلاد الاقتصادية
ومن جهته، صرّح د. عمرو هاشم ربيع، الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية بأنه "حتى الآن تشير النتائج الأولية إلى القول بنعم على الدستور، وللأسف الشديد لعب التيار المؤيد للدستور على وتر الاستقرار وبناء المؤسسات والحالة الاقتصادية للبلاد، وتاجر التيار الإسلامي بهذه الإضرابات والحالة الاحتجاجية التي شهدتها مصر مؤخراً واستثمروها جيداً للحشد بنعم على الدستور".
ويضيف د. ربيع في تصريحاته لـ"العربية نت": "إذا كانت النتيجة بنعم وفق المؤشرات الأولية أتوقع أنها لن تكون نتيجة مرضية للتيار المعارض، ولن تصل إلى نسبة كبيرة تشير إلى توافق حقيقي وفعلي على مشروع الدستور، كأن تأتي نسبة "نعم" مثلاً 80%، وإذا جاءت هكذا فأعتقد أنه لن يكون للتيار المعارض أي حجة وعليه أن يرضى بهذه النتيجة".
ولفت النظر إلى أن "النتيجة وفق المؤشرات لن تزيد على 57%، وهي نتيجة غير توافقية ولن يحدث استقرار أو يهدأ الشارع المصري، وهنا يجب على الرئيس مرسي أن يكون رمانة الميزان بين قوى الشارع المعارضة وتيار الإسلام السياسي الذي ينتمي إليه".
واستطرد: "حتى نصل إلى توافق في حال ما إذا كانت النتيجة بنسبة لا تزيد على 57% على الرئيس أن يتخذ خطوات هامة لإحداث التوافق والتوزان بين التيارات المتعارضة مثل اختيارات تعيينات الشورى، فعليه أن يعين عدداً لا بأس به من المعارضين له خاصة أن الشورى سيكون له دور تشريعي، وأن يقوم الرئيس بتشكيل حكومة ائتلافية تمثل جميع التيارات السياسية، وأن يمنع مجلس الشورى أن يستبد برأيه تحت زعم أن غالبيته من التيار الإسلامي".
ويؤكد د. عمرو هاشم ربيع أن أهم خطوة على الرئيس أن يتخذها لتحقيق توافق يؤدي إلى هدوء في الشارع المصري أن يلتزم بعرض المواد المختلف عليها في الدستور على مجلس الشعب وأن يعيد دولة القانون إلى نصابها ويتدخل لمنع حصار المؤسسات القانونية والإعلامية فوراً.