السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد .
فمنذ سنوات والصحف المحلية تثير بين حين وآخر موضوع بطاقة المرأة. وفي هذه الأيام طفحت كثير من الصحف بمقالات ومقابلات عن هذا الموضوع، والملاحظ أنها تطرح من طرف واحد ، طرف المؤيد بل المتحمس لها. وهذا له خطورته من جهتين:
احداهما : ما فيه من التلبيس على الناس أن هذا هو الصواب الذي لا مرية فيه ولا مجال للنقاش فيه.
والأخرى: كونه يلقي في روع القارئ أن هذا هو رأي جميع الناس وأنه لايمكن لأحد أن يواجهه أو يخالفه.
لهذا نرجو من فضيلتكم أن تبينوا لنا ولعامة المسلمين الحكم الشرعي فيما يخص بطاقة المرأة .
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله .
ان منح المرأة بطاقة تحمل صورتها منكر لايجيزه الشرع يترتب على ذلك مفاسد عظيمة دينية وخلقية واجتماعية وفيما يلي أبين بعض هذه المفاسد:
أولا: التصوير والكلام فيه معلوم ومشهور وهو محرم باتفاق العلماء ، فقد جاءت الأحاديث الكثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحاح والمسانيد والسنن دالة على تحريم تصوير كل ذي روح آدميا كان أوغيره وقد جاء الوعيد للمصورين بأنهم أشد الناس عذابا يوم القيامة ، ومن الأحاديث الصحيحة الواردة في حق المصورين: ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( قال الله تعالى : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة أوليخلقوا حبة أوليخلقوا شعيرة) لفظ مسلم. ولهما أيضا عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( ان أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون ( ولهما عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( ان الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم) . لفظ البخاري.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:( من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ) متفق عليه0
ثانيا: كشف المرأة وجهها عند ارادة تحقق شخصيتها اذا لا يتسنى في كل حال أن يتم ذلك من قبل نساء وفي هذا من الفتنة ما لا يخفى.
ثالثا: يتأكد المحذور المتقدم في الطرق الطويلة فهل يتولى الأمر رجال؟ أم يوظف نساء شرطيات؟ واذا وظفن فهل سيعملن جنبا الى جنب الرجال في تلك المواقع النائية؟ أم سيكون محارمهن معهن؟
ان الخيار الأخير يظهر أنه على ضوء الظروف الراهنة بعيد جدا، وعلى أي حال أفلا نأخذ عبرة مما هو حاصل في بعض القطاعات التي يعمل فيها نساء بجنب الرجال، وكيف يحصل فيها أمور يندى لها الجبين
رابعا: مما يلفت النظر ويقوي التخوفات أن المتحمسين لهذا الطلب والمتصدين للكتابة عنه في الصحف
أكثرهم أناس مشبوهون قد ارتبطت أسماؤهم بالمطالبة بأمور منكرة كالدعوى أن يتولى النساء تدريس البنين وكالمطالبة بانشاء نوادي رياضية للبنات والدعوى الى مشاركة المرأة للرجل في عمله والدعوى الى قيادة النساء للسيارات والاعتراض على كون القوامة للرجل.
ومع أن هذه المفاسد التي تترتب على حمل المرأة البطاقة الشخصية التي تعتمد على صورة في الاثبات فان هناك أمور سلبية كثيرة تضعف من دلالة هذه البطاقة على شخصية حاملها منها:
أولا : سهولة التغيير واحلال صورة مكان أخرى أو جواز مكان آخرأو وثيقة مكان أخرى .
ثانيا: تقادم الصورة فلا تصبح دقيقة تبين ملامح الوجه اذا كبر الانسان وتغيرت ملامح وجهه .
ثالثا: تغير السمات الشخصية مثل اعفاء اللحية أوحلقها ونحوه .
رابعا: تغير الصفات الخلقية عبر الجراحة العارضة أو الجراحة التجميلية .
وبعد أن ثبت فشل وسائل الاثبات الدارجة وتراجع فعاليتها وخصوصا أمام التطور السريع والمتلاحق في صناعة الجريمة ، كان لابد من بروز وسيلة أخرى تضيق الفرصة أمام العابثين وتحد من انتشار الجريمة والتسارع الهائل في انتهاك الحدود وتجاوز العابثين بالأنظمة فكانت بطاقة البصمة هي البديل للبطاقة التقليدية التي تعتمد في الدلالة الثبوتية على هوية الشخص بواسطة الصور الفوتوغرافية التي يحملها صاحب البطاقة.
ولبطاقة البصمة مميزات تنفرد عن البطاقة التقليدية التي تعتمد على الصورة الفوتوغرافية في اثبات الهوية منها :
أولا: أن تقليد البصمة أوتزويرها أمر مستحيل لأن الله سبحانه وتعالى خلق البشر مختلفي البصمات فكل فرد من أفراد البشر بصمته تختص به لا يشبهها شيء من بصمات الآخرين .
ثانيا : دقة المعلومات وقوة الدلالة الثبوتية واستحالة التزوير والتقليد كما سبق .
ثالثا : تمتاز بالدقة في التنظيم وتخزين المعلومات المهمة عن الأفراد وهذه ميزة لاتتوفر في البيانات الشخصية التي تعتمد على الأوراق .
رابعا : الحد من التزوير واذا كان التزوير أحد أسباب فشل وسائل التعرف على الشخصية التقليدية فان التزوير لايمكن البتة مع البصمة كما تقدم .
كيفية استعمال البصمة :
ان استعمال بطاقة البصمة سهل ميسر لا يستغرق أكثر من عدة ثواني . وذلك بأن تخزن بصمة ابهام الشخص الذي يحمل البطاقة في بطاقته .
فاذا أريد كشف هويته فما على المسؤول الا أن يأمره بوضع بصمة ابهامه على جهاز مخصص لذلك ثم يقارن بين البصمة المخزنة في البطاقة والبصمة التي توضع على الجهاز فاذا تطابقتا ثبتت هوية حامل البطاقة ، وهذه الطريقة مستعملة في كثير من دول العالم عند مداخل المطارات ومنافذ الحدود وبوابات مراكز السجون وغيرها .
وبعد فقد أوضحت في هذه الفتوى الأضرار والمفاسد الدينية والخلقية والاجتماعية وذكرت الأمورالسلبية التي تقدح في دلالة البطاقة التي تعتمد على الصورة وتضعفها كما ذكرت بديلا للبطاقة التقليدية يتم به المقصود من غير أن تحقق فيه الأضرار والمفاسد التي تعرض للبطاقة التقليدية كما لا تتطرق اليه الأمور السلبية التي تضعف دلالته على الهوية ألا وهو بطاقة البصمة .
هذا وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أملاه
أ. حمود بن عقلاء الشعيبي
25/3/1421هـ