][الفشل متعة الفشل متعة الفشل متعة الفشل متعة][
المقدمـــة
الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظمته ، والصلاة والسلام على خير رسله ،
محمد المصطفى الأمين ، الذي قال : لو تعلقت همة أحدكم بالثريا لنالها .أما بعد :
فقال الله تعالى : " إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم "
جوانب التغيير متعددة بتعدد جوانب الحياة ، تغيير في الخلق ، تغيير في الدين من حيث
صلاحه ، تغيير في طريقة الحياة نفسها ، تغيير في التعليم من حيث القصد والطريق
إلى ما إلى ذلك من تغييرات من شأنها أن ترتقي بالمرء ديناً وخلقاً وتميرزاً وقيادةً وريادة ً .
من تطلعاته إذا ما أتت على غير ما توقعه وأراده الانسان ، فتظهر بوادر الفشل
مما يجعل النفس محاطة بهالة من الأوهام ، فيتملكه الإحباط ، وتطبق عليه
قبضة التشاؤم ، فيكون عبداً تحكمه ربقة الفشل ، ويجره الهوان إلى ما لا يليق
بالانسان المتطلع إلى حياة أفضل . ولم يسبقنا الغرب إلا أنهم لم يجعلوا للفشل
بينهم سبيلاً ، على العكس من ذلك ؛ فإنهم استغلوا الفشل في تحقيق نجاحاتهم
التي يغمرونا بفضلها ، وما الفضل إلا من الله ، ولنا في ديننا الأسوة الحسنة
في النجاح والتفوق والتمييز ، غير أن هذه إلا أخذ اتجاهاً آخر ، محاولاً قلب
الفشل نجاحاً ، ليولِّد النجاح من رحم الفشل ، فهذه دعوة للفشل ، ومرحباً به إذا
كان سيقودنا إلى النجاح وأفضل المراتب ويحقق لنا التغيير الذي نطمح إليه .
.
][الفشل متعة الفشل متعة الفشل متعة الفشل متعة][
1- دعوة للفشل
دعوة إلى الفشل ...
يتساءل بعض القراء ـ ربما ـ عن ما إذا كان للفشل متعة ما ، يمكن أن نتلمسها ،
ونطلبها حيث كانت ، والرائي المتمحص ، يرى في الفشل متعة ليست بأقل قدراً
من متعة النجاح ، إذ إن الفشل ما هو إلا خطوة في درب النجاح ، ومن لا يعرف
الفشل لن يتعرف على النجاح ،لك أن تجعل الفشل سلماً ، ولك أن تجعل منه قمقماً
تلجه ولن يكون لك منه مخرج ، ثم ما هو الفشل ؟ ما هو إلا عثرة ، ولا يستطيع
الطفل النهوض والمشي دون سيلٍ من العثرات ، ولم نسمع أن أحداً لم يمشِ بسبب
تعثره طفلاً ، ولنا أن نتخذ من أنفسنا مثالاً حياً ، الطفل يمتلك بالفطرة قوةً هائلةً
من العزم والهمة العالية أكبر من كثيرٍ من الرجال ، فإذا كنا نتمتع بهذه القوة
وهذا التحدي وهذه الهمة ونحن أطفال فلما نتخلى عنها حينما تكبر في أعيننا
الأمنيات ، يأسرنا الفشل ، نغرق في بحره ، لا نستطيع فكاكاً من ربقته .
مرحباً بالخطب يبلوني إذا .................. كانت العلياء فــيه السببا
فأهلاً بهذا الفشل اللذيذ ، هل تعلم أنه " بتقبلك الفشل " تستطيع أن تتمتع بكل لحظة
فشلت بها ؟ ،لم نقل " بقبولك الفشل " لا فنحن لا نقبل الفشل ، بل نتقبله خطوةً على
سبيل تجاوزه ، الفشل فاكهة النجاح .
هل بالتعثر تقفل الدنيا شوارعها ..؟
هل تغلق الأبواب ..؟
هل تمنع الفجر البلوج ..؟
هل تقطع الأسباب ..؟
هل إن فشلتم مرةً ..؟
هل حل الظلام أمامكم ..؟ واظلمت الدنيا ..؟
وصار نهاركم ليلاً ..؟ وغم على العقول حجاب ..؟
* وقفة قصيرة ..!!
أخذ أحمد بالبكاء ، أحاطت به سلاسل من القنوط ، وغمت عليه غشاوات الهموم
عندما لم يستطع أن يتحصل على ما تحصل عليه زملاءه من ظفر بتخرجهم من
إحدى الكليات ، تخلف عنهم وهم الذين رافقوه طيلة مسيرة العلم والتحصيل ،
فأمام أحمد طريقان :
الأول أن يستسلم لحالة الوهن النفسي ، ويتملكه الشعور بالذنب والإخفاق ،
فلا يستطيع إلى تجاوز محنته سبيلاً .
الثاني أن ينفض عن نفسه ما اعتراه ، ويتطلع إلى الآتي .
الزمن الذي على أحمد أن يعوضه ليس بالقليل ، فهو ثلاثة سنوات دراسية ، في
بادئ الأمر اختار الطريق الأول ، وتعامل مع فشله كأنه القدر الذي لا انفكاك منه ،
تفاقم الأمر ، زاد البون بينه وبين زملائه ، غير توجهه ، استفاد من فشله ، ابتسم
وعالج المشكلة بتروٍ وهدوءٍ ، وضع جدولاً لحل مشكلته بعد تجزئتها ، حقق أول نجاحٍ ،
عوض بعض الوقت ، ازداد حماساً ، فلون هذا النجاح وجعله أكثر رونقاً ، أصبح يتلذذ
بحل مشاكله ، ويتمتع بقلب الفشل نجاحاً ، زاد تفوقه في المواد الدراسية ، إذ زاد معدل
نجاحه إلى أن تعدى معدل نجاح زملائه في نفس المواد ،تخرج أحمد بمعدلٍ عالٍ ، فكان
من هيئة أعضاء التدريس أن يرشحوه ليكون معيداً بالكلية ، فكانت هذه أكبر قفزة له ؛
إذ بها عوض الفاقد من الزمن ، واجتاز زملاءه بسنة دراسية ، فأكمل دراساته العليا
وهاهو يحاضر في نفس الكلية بعد أن شكر الفشل
بين النجاح والفشل في الموروث الشعبي .
الخطأ يدل على أن المرء خطا خطوة إلى الصواب ، والفشل يدل على أن المرء خطا
خطوة نحو النجاح ، والذي لم يخطئ فإنه لم يخط بخطوات نحو الصواب ، والأمر نفسه ،
فالذي لم يفشل فإنه لم يقم بأي خطوة إلى النجاح ، وثمة مثل من الأمثال الشعبية يجلي
الفكرة وهو :
....................................." أم الدلال لا تفرح ولا تحزن "
والدلال هو الجبان الذي لا يمتلك روح الاقدام على أي أمر ، خوفاً وجزعاً ، ونقصاً للثقة
والارادة القوية التي لا يصل المرء إلى لذة النجاح بدونها . فهذا الدلال لن يُدخِل على قلب
أمه الفرح بدخوله معترك الحياة والنضال ومحك التفوق والتميز والقيادة ، وبتبوئه المكانة
العالية المرموقة ، وبجنيه ثمار النجاح والتألق ، فهي لن ترى منه هذا ، وكذلك لن يدخل
على قلب أمه الفزع والخوف من جراء مخاطرته في شتى مناحي التفوق ، والتألق والنجاح ،
فلكل شيء ثمن . يقول الشاعر :
إذا ما كنت في شرفٍ مروم
....................فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمرٍ حقيرٍ
....................كطعم الموت في أمرٍ عظيمِ
للحديث بقية ..!!