الوصية بكتاب الله وسنة رسوله
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فإن من خير ما بذلت فيه الأعمار والأوقات والأموال ، هو العلم بكتاب الله وسنة رسوله؛ إذ عليهما مدار السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة ، وإن ما يؤلف من كتب في الأصول والفروع والتفسير والحديث ، وما يصدر من مجلات وصحف إسلامية ، إنما هو بيان وشرح لكتاب الله وسنة رسوله حسب اجتهاد المؤلفين والمصدرين ، وحسب ما منحهم الله من العلم .
وحينما قامت ( الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد) بإصدار ( مجلة البحوث الإسلامية ) ، إنما كانت تهدف من وراء ذلك إلى بيان حكم الله في كثير من القضايا التي لا غنى للمسلمين عنها ، والتي لم يغفلها الشرع المطهر ؛ وذلك في صورة بحوث تصدر عن هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية ، مدعمة بالأدلة من الكتاب والسنةوالإجماع ، مع ما يضاف إلى ذلك من المقالات المفيدة والبحوث النافعة التي ترد إلى المجلة من أهل العلم .
وإن هذه المجلة بجانب زميلاتها - المجلات الإسلامية في الدول الإسلامية ؛ كالمجتمع ، والبلاغ ، والدعوة ، والاعتصام ، ورابطة العالم الإسلامي ، والبعث الإسلامي ، والوعي الإسلامي ، ومنبر الإسلام ، والإرشاد ، والتضامن الإسلامي ، وغيرها - كلها تمثل منهجاً ملتزماً في مجال الفكر الإسلامي ، وتعبر عن يقظة ووعي الإسلاميين في زمن اضطربت فيه الموازين ، واختلت فيه المقاييس والمعايير ، وبدا الباطل وكأنه هو الواقع الذي لا مفر منه ، وجندت قوى الباطل كل ما تملك من وسائل اقتصادية وإعلامية وثقافية لتكون لها الهيمنة والنفوذ ، ولكن قوة الله أعظم : لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ[1] .
إن ( مجلة البحوث الإسلامية ) - وهي تصدر عن رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد من هذا البلد ، الذي شرفه الله بالإسلام ، ووجود الحرمين الشريفين ، ومنه انطلقت دعوة الإسلام إلى أرجاء الدنيا - لَتدعو كل فكر إسلامي نيِّر أن يساهم بالكتابة في هذه المجلة وفي المجلات الإسلامية الأخرى ، وأن يرد على الأقلام المأجورة ؛ التي تحاول النيل من الإسلام والإساءة إلى المسلمين - سواء من الأعداء ، أو السائرين في ركابهم - .
وأن يوضح ما للشريعة الإسلامية من مزايا وحسنات ، وما لعلماء الإسلام ؛ أولئك الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم ومؤلفاتهم ، وخدموا الشريعة خدمة جليلة ، وأثروا المكتبة الإسلامية بروائع إنتاجهم في : التوحيد ، والحديث ، والتفسير ، والفقه ، والأصول ، والتاريخ ، واللغة العربية ، والعلوم الأخرى التي اضطر الغرب للاستفادة منها ، وتدريسها في معاهده وجامعاته .
إن ( مجلة البحوث الإسلامية ) وهي تلتقي مع قرائها في عددها الخامس ، لَتأمل أن تكون على المستوى المأمول فيها ، وأن يستمر صدورها دون عائق - مع علمنا بأن القراء الكرام سيقبلون العذر في تأخر أعدادها إذا ما رأوا الجهد المبذول في إخراجها - وإن كنا نود أن تخرج في موعدها المقرر لها ، بل ونسعى جادين بأن تخرج كما أريد لها كل ثلاثة أشهر ، مستلهمين العون من الله - تعالى - .
إنني أطالب العلماء والمفكرين أن يمدوا أيديهم بالكتابة في ( مجلة البحوث الإسلامية ) ؛ إذ ما يكتبونه من جملة زاد المجلة الذي يجعلها تقف على قدميها ، وتخطو الخطوات المرسومة لها .
وفي الختام ، أشكر كل من ساهم بقلمه وجهده ووقته في إخراج هذه المجلة الفتية ، وغيرها من المجلات والصحف الإسلامية المفيدة ، وأرجو لها ولزميلاتها التوفيق والنجاح ، وأن يستمر عطاؤها الخير لعموم المسلمين .
والله ولي التوفيق ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .