هل تضاعف السيئة في مكة مثلما تضاعف الحسنة، ولماذا تضاعف في مكة دون غيرها،
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.. أما بعد.. فقد أجمع المسلمون على أن الحسنات تضاعف في مكة وغيرها كقول الله جل وعلا: مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا.. (160) سورة الأنعام، ولقوله سبحانه: مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) سورة البقرة، وفي أحاديث وآيات أخرى. أما السيئات فإن السيئة بواحدة ولا تضاعف من جهة العدد لا في مكة ولا في غيرها، لقوله عز وجل: .. وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا.. (160) سورة الأنعام، وعمم سبحانه وتعالى ولم يستثن مكة ولا غيرها.. ولكن دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على أن السيئة تختلف بحسب الكيفية، لا بحسب الكمية، ولكن بحسب الكيفية، فإن السيئة في مكة أعظم وأكبر إثماً من السيئة في غيرها، وهكذا السيئة في المدينة أكبر وأعظم من السيئة في غيرها، وهكذا السيئة في الزمان الفاضل كرمضان وعشر ذي الحجة تكون أعظم وأشد إثماً من السيئة في غير ذلك الزمان، هذا مما جاءت به الأدلة الشرعية ودل عليه كلام أهل العلم؛ ولهذا قال -سبحانه- في مكة: ..وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) سورة الحـج، فجعل مجرد الإرادة والهم بالظلم في مكة من أسباب العذاب الأليم، ومعلوم أن الهم في غير مكة لا يؤاخذ عليه الإنسان إلا أن يفعله كما في الحديث الصحيح: (من هم بسيئة فلم يفعلها لم تكتب عليه) فإن تركها من أجل إرضاء الله كتبت له حسنة، لكن في مكة قال الرب عز وجل: (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) .. فدل ذلك على أن السيئة في مكة لها خطر عظيم وإثم كبير، وهكذا السيئات في الأماكن الفاضلة كالمدينة المنورة، وهكذا في الزمان الفاضل كما تقدم، في رمضان وفي عشر ذي الحجة، تكون عقوبتها أشد، ويكون إثمها أكبر، فالواجب على المسلم أن يحذر السيئات كلها في كل زمان ومكان، وأن يكون حذره من السيئات في مكة والمدينة والأزمان الفاضلة يكون أشد وأعظم حتى يسلم من ذلك الإثم العظيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.