إذا كان إنسان ارتكب ما حرم الله عنه كالزنا والسرقة وغير ذلك فتاب، ثم رجع فتاب إلى ثلاث مرات، فهل تقبل توبته توبة نصوحاً وهو عاجز لا يملك مالاً ليؤدي ما سرق، ويخاف أن يفتضح أمره إن طلب تطهيره بالزنا فيقام عليه الحد، فماذا يفعل؟
التوبة يمحو الله بها الذنب قال -تعالى-: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[النور: 31]، وجعل التوبة سبباً للفلاح، فمن تاب توبة صادقة فقد أفلح، والله -سبحانه- يمحو بها الذنوب، فإذا كان سرق أو شرب أو مسكر أو ما أشبه ذلك ثم تاب إلى الله توبة نصوحاً أقلع عن الذنب، وندم على ما مضى منه، وعزم أن لا يعود عزماً صادقاً، فإن الله يمحو عنه الذنب، فإن عاد لزمه توبة أخرى، وهكذا إن عاد ثالثة عليه توبة أخرى، وهكذا، فالتوبة تجب ما قبلها، وإذا تاب توبة صادقة بريء من الذنب الصادق، وغفر بالذنب الجديد، فإذا تاب منه محاه الله عنه، فإذا أتاه مرة ثانية أخذ به، أما الماضي فلا يؤخذ به لأن التوبة محته، إذا كان صادقاً في التوبة، أما إذا كان غير صادق بل في قلبه الإصرار على الذنب متى قدر عليه فإن هذه التوبة لا تصح، لأن شرط التوبة أن يعزم أن لا يعود، فإذا كان في قلبه وفي نيته أنه يعود فتوبته الأولى والثانية غير صحيحة، فيؤخذ بالأول ويؤخذ بالثاني ويؤخذ بما بعده، حتى يتوب توبة صادقة، تشتمل على أمور ثلاثة: الأمر الأول: الإقلاع من الذنب وتركه، تعظيماً لله -سبحانه وتعالى- وخوفاً منه. الأمر الثاني: الندم على الماضي من ذنوبه، والأمر الثالث: العزم الصادق أن لا يعود، وإذا كان عاجزاً عن المال الله يتحمل عنه يوم القيامة، إذا كان سرق ثم تاب وليس عنده شيء من المال فإن الله يتحملها عنه -سبحانه وتعالى- إذا صحت توبته، قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى[طه: 82]، ويشرع له الدعاء لأهل السرقة، الدعاء لهم بالخلف والعفو والمغفرة، يسأل ربه العفو والمغفرة، ومتى قدر على ذلك أعطاهم بالطريقة التي يتمكن من إيصال المال إليهم من دون أن يعلموا أنه سرق ذلك. بارك الله فيكم