سمعت حديثاً نسب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو: قال - صلى الله عليه وسلم- : ثلاث من الكفر بالله: شق الجيوب، وحلق الشعور، ولطم الخدود، وضحوا لي هذا الحديث وصحته، أو ما في معناه؟ جزاكم الله خيراً
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فهذا اللفظ الذي ذكره السائل لا نعلم صحته عن النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما المحفوظ عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ليس منا من ضرب الخدود أو شق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية)، أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين، فهو حديث صحيح، لكن هذا لفظه: (ليس منا من ضرب الخدود أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية)، وهذا وعيد (ليس منا) هذا من باب الوعيد الشديد، والتحذير، ومعنى لطم الخدود عند المصيبة إذا مات قريبه مات أبوه أو أخوه أو زوجته أو نحو ذلك، لا يجوز له لطم الخدود ولا شق الجيوب بل يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، قدر الله وما شاء الله فعل، والحمد لله، يرضى ويسلم ويحتسب ويصبر، ولا يجوز له الجزع فيشق الجيب أو يضرب الخد أو ينتف الشعر، كل هذا لا يجوز، هذا من الجزع ومن النياحة المحرمة، (ليس منا من ضرب الخدود أو شق الجيوب أو دعوى بدعوى الجاهلية) هذا من عادة الجاهلية ولو ضرب رأسه أو صدره فكذلك محرم، لكن من عادتهم ضرب الخدود وشق الجيوب فلو شق غير الجيب أو ضرب غير الخد فهو داخل في التحريم، وهكذا دعا بدعوى الجاهلية وهو الصياح والنياحة أو يقول ما يقوله الجاهليون وا عضداه وا ناصراه، وانكسار ظهراه، وما أشبه ذلك مما يقول الجاهلية، وفي الصحيحين أيضاً عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة)، يعني عند المصيبة، أنا بريء، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة)، ففسر العلماء الصالقة بأنها التي ترفع صوتها عند المصيبة، تنوح، ترفع صوتها، والحالقة: التي تحلق شعرها، أو تنتفه، أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة، الشاقة تشق ثوبها من الجيب أو من غير الجيب، هذا يدل على تحريم هذه الأعمال وأنها من الجزع الذي حرمه الله، وإنما المشروع لمن أصيب أن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، قدر الله وما شاء فعل، كما قال الله عز وجل: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ، يعني إنا ملك لله، عبيده، وإنا إليه راجعون يعني المصير إليه، مرجع العباد إليه جل وعلا، فيجازيهم بأعمالهم سبحانه وتعالى يوم القيامة، ثم وعدهم بخير كثير، فقال: أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ، هذا جزاؤهم لما صبروا، وفي الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل)، فإن لو تفتح عمل الشيطان، فالمؤمن يأخذ بالأسباب، يطلب الرزق يعالج على المرض، يتجنب أسباب الخطر، فإذا وقعت المصيبة يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، قدر الله وما شاء الله فعل، ولا يقول: لو فعلت لكان كذا وكذا، لا، إنا لله وإنا إليه راجعون، قدر الله وما شاء الله فعل، يحمد ربه ويثني عليه، يسأله حسن الخلف ويأخذ بالأسباب التي تجنبه المصيبة.