معلمة بالمملكة منذ سنوات، وتزوجت وجاء زوجها معها بدلاً من أخيها الذي كان يرافقها أولاً، ورزقنا الله طفلاً والحمد لله، وبدأ زوجي في البحث عن عمل يناسب مؤهله العلمي ولكن لم يوفق، وأخيراً عمل بإحدى المحلات الموجودة بالمنطقة الشرقية التي نعيش فيها، وبدأ الخلاف على مصاريف البيت، فأسأل سماحة الشيخ أولاً: هل علي أن أتحمل في مصاريف البيت لأن زوجي يقول: إذا لم تدفع في مصاريف البيت فلا عمل لك مطلقاً، هل لزوجي حق في مرتبي الذي أتقاضه مقابل عملي، وإذا كان علي أن أتحمل في مصاريف البيت، فما هي النسبة بيني وبين زوجي؟ أفيدونا في هذه القضايا لو تكرمتم سماحة الشيخ.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فهذه المسألة وهي مصاريف البيت بين الزوج والزوجة الذين تغربا للعمل وطلب الرزق ينبغي فيها المصالحة بينهما وعدم النزاع، أما من حيث الواجب فهذا يختلف، فيه تفصيل: إن كان الزوج قد شرط عليك أن المصاريف بينك وبينه، وإلا لن يسمح لك بالعمل، فالمسلمون على شروطهم، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً)، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: (إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج)، فأنتما على شروطكما، إن كان بينكما شروط، أما إذا لم يكن بينكما شروط فالمصاريف كلها على الزوج، وليس على الزوجة مصاريف البيت، الزوج ينفق، قال الله جل وعلا: (لينفق ذو سعة من سعته)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (وعليكم رزقهن وكسوتهم بالمعروف)، فالنفقة على الزوج، والذي يقوم بحاجات البيت وشؤون البيت له ولزوجته وأولاده، ومعاشها لها، وراتبها لها، لأنه في مقابل عملها وتعبها، وقد دخل على هذا ولم يشرط عليها أن المصاريف عليها أو نصفها أو نحو ذلك، أما إن كان دخل على شيء فمثل ما تقدم، المسلمون على شروطهم، وإن كان قد دخل على أنك مدرسة وعلى أنك تعملين ورضي بذلك، فإنه يلزمه الخضوع لهذا الأمر وأن لا ينازع في شيء من ذلك، وأن يكون راتبك لك إلا إذا سمحت بشيءٍ من الراتب عن طيب نفس، الله جل وعلا يقول: فإن طبن لكم عن شيءٍ منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً، وينبغي لك أن تسمحي ببعض الشيء، وأنا أنصح لك أن تسمحي ببعض الراتب لزوجك تطييباً لنفسه وحلاً للنزاع وإزالةً للإشكال حتى تعيشا في هدوءٍ وراحة وطمأنينة، فاتفقا على شيء بينكما كنصف الراتب أو ثلثه أو ربعه ونحو ذلك، حتى تزول المشاكل وحتى يحل الوئام والراحة والطمأنينة محل النزاع، أما إن لم يتيسر ذلك فلا مانع من التحاكم إلى المحكمة ورفع القضية إلى المحكمة في البلد التي أنتم بها، وبما تراه المحكمة الشرعية الكفاية فيه إن شاء الله، ولكن نصيحتي لكما جميعاً هو الصلح، وعدم النزاع وعدم الترافع إلى المحكمة، وأن ترضي أيها الزوجة بشيءٍ من المال لزوجك حتى يزول الإشكال أو يسمح هو ويرضى بما قسم الله له، ويقوم بالنفقة حسب طاقته، ويسمح عن راتبك كله، ويترفع عن ذلك، هذا هو الذي ينبغي بينكما، ولكني أن أنصح وأكرر أن تسمحي أنت ببعض الراتب حتى تطيب نفسه، وحتى تتعاونا على الخير بينكما، فالبيت بيتكما والأولاد أولادكما والشيء لكما، هذا ينبغي التسامح منك ببعض الشيء حتى يزول الإشكال، وفق الله الجميع. وقت المرأة سماحة الشيخ أهو لها أم لزوجها؟ الوقت لزوجها، إلا إذا سمح أو دخل على ذلك، دخل على أنها مدرسة أو طالبة فعليه أن يمكنها من شرطها، أما إذا كان لم يدخل هذا الشرط ولكنه سمح بأن تدرس، فله أن يرجع عن هذا السماح، له أن يرجع ويمنعها من التدريس إلا أن يصطلحا على شيءٍ بينهما كأن يصطلحا على نصف الراتب للبيت أو ثلث الراتب فلا بأس. إذن ليس للمرأة أن تؤجر نفسها بدون إذن زوجها؟ نعم، نعم، ليس لها ذلك إلا بإذنه، إلا إذا شرط ذلك عليها وقت العقد، أنها تدرس وأنها تعمل كذا وتعمل كذا،والتزم بذلك، فالمسلمون على شروطهم.