كيف تعرف أن سعرك مناسبًا
هل يشتري الناس بضاعتك بسبب سعرها، أم بسبب ما سيحصلون عليه نتيجة شرائها؟ من أمثال الصنف الأول اللبن، فكل الناس ستشتري الجيد منه بأرخص سعر يجدونه. على أن الصنف الثاني مختلف تماماً، فإذا كان المستهلك/العميل يريد تأمين صفقة جيدة، فأنت كبائع وقتها لديك مرونة أكثر، وفرصة أكبر لتحقيق ربح ثمين حين تحدد أسعارك. بدون شك، التعامل في الصنف الثاني لهو أفضل بكثير، وربما يجب عليك الانتقال بشكل تدريجي لتتعامل في هذا الصنف.
كيفية الانتقال التدريجي
لنفترض أنك تاجر تتعامل في الصنف الأول من البضاعة، فماذا يجب عليك فعله لتكسب هذه الشريحة من المستهلكين الذين يبحثون عن السعر الأدنى والصفقة الأفضل؟ دعنا نعرض عليك بعض المقترحات:
بداية، إذا كنت مضطراً للسعر المنخفض، فاجعل الصفقة مرتبطة بشراء منتج آخر أو خدمة أخرى، أو مزيج بين الاثنين، بما يسمح في النهاية بتأمين هامش ربح لك، مثلما فعل درو كابلن الذي طرح إعلاناً مطبوعاً يسأل فيه القارئ: هل يمكنني رشوتك؟ كان الإعلان عن ساعة يد سعر بيعها في كل مكان 30 دولار، لكن كابلن عرض بيعها بسعر 6 دولارات، مقابل شراء دستة (دزينة/درزن) شرائط كاسيت خالية بسعر 29 دولار. ربما لن تستسيغ العرض، لكن في حالة كابلن نجح الأمر معه، فهو اشترى الساعة بسعر 7.5 دولار، وخسر في بيعها دولار ونصف، لكنه ربح 16 دولار في دستة الشرائط الواحدة، وحالفه الحظ فكان من الزبائن من طلب أكثر من دستة واحدة من الشرائط.
يمكنك دائماً أن تحذو حذو كابلن، بطريقة تجعل عملائك وزبائنك يحتفلون بالمكسب الثمين الذي حصلوا عليه بالشراء منك، لكن لا تجعل السعر المنخفض منهجك في الحياة، بل استعمله فقط مع البضاعة الحساسة لعامل السعر.
مثال آخر ما فعلته محطات بيع الوقود في أستراليا، حيث سعر البيع حر لا تحدده الحكومات، حين بدأت بعض هذه المحطات في بيع الوقود بسعر أرخص سنتات معدودة عن غيرها، ما ترتب عليه إقبال شديد من السائقين. يبدو الأمر للوهلة الأولى وكأنه خسارة كبيرة، لكن هذه المحطات كان لديها محلات بيع صغيرة (ميني مارت) زاد الإقبال عليها بدورها وحققت أرباحاً غطت خسارة بيع الوقود، بلغت 900 ألف دولار أسترالي خلال ستة شهور. كان السائقون يدخلون المحطة صباحاً، فيشترون القهوة وبعض المأكولات السريعة بينما يتم ملء خزانات سياراتهم، ولربما قبلوا العروض الخاصة التي حدثهم عنها العاملون في المحطة. الوقود سلعة حساسة للسعر، على عكس المأكولات والمشروبات السريعة، خاصة لدى سائق جائع على الطريق.
إذا كنت تبيع سلعة حساسة للسعر، فقّدم عروضاّ خاصة لمن يشتري بكميات كبيرة، وارفض التنافس على مستوى الوحدة الواحدة، وكمثال تخيل محطة وقود تعرض سعر بيع متدن لمن يشتري خمسة جالونات (20 لتر) دفعة واحدة، وبذلك تستطيع أنت كتاجر شراء كميات كبيرة من المورد فتحصل على اقتصاديات/خصومات/حسومات الحجم الكبير، وبذلك تحقق ربحاً مع توفير سعر بيع رائع لا يمكن للمستهلك ألا يتفاعل معه.
لا تنس أيضاً أن تختبر تركيبات سعرية مختلفة، وأن تغير من أسعارك صعوداً وهبوطاً، لأن الكثيرون يقعون في الخطأ ذاته، فيضعون سعراً متدنياً لمنتجاتهم وخدماتهم، لأسباب نفسية كثيرة لا علاقة لها بالسعر العادل لما يقدمونه. دعونا نضرب لكم مثلاً يحتاج لسلسلة طويلة من الكتب والمحاضرات لفهمه، ذلك ما حدث في مدينة سانتا في الأمريكية:
لم تكن مبيعات محل المجوهرات رائجة، ما دفع صاحبة المحل للرغبة في التخلص من البضاعة، وفي قمة يأسها كتبت في قصاصة ورق أمراً للبائع العامل في محلها بأن يخفض أسعار كل شيء إلى النصف، ومضت في رحلة بعيدة كي تريح أعصابها. لسبب لا يعرفه أحد، فهم العامل الأمر الموجه له على أنه زد أسعار كل شيء إلى الضعف وهذا ما فعله. عندما عادت صاحبة المحل من رحلتها وجدت كل شيء وقد تم بيعه، بضعف الثمن.
لماذا حدث هذا الرواج؟ لأن الأسعار الأولى التي وضعتها صاحبتنا من قبل لم تتوافق مع سعر المجوهرات المتعارف عليه والذي استقر في أذهان الناس. الشاهد من هذه القصة وجوب تجربة أكثر من سعر بيع والتجربة صعوداً وهبوطاً، وستعلم من السوق ما إذا كنت اتخذت القرار السليم أم لا. بدون التجربة الفعلية فأنت تفترض بعيداً عن الواقع.
كن دائماً مستعداً لتوسعة نطاق صفقتك، مضيفاً إليها أشياء لم تكن السبب في عقد صفقة البيع والشراء، وستندهش من عدد العملاء العائدين إليك لشراء أشياء غير التي جاءوك من أجلها في بداية الأمر، ولنضرب لك مثالاً على ذلك: هب أنك تعرض خدماتك لدهان مبنى بأكمله، وقتها لا تقدم سعر الدهان وحسب، بل قدم أيضاً سعر صفقة شاملة تتضمن إزالة الدهان القديم، وترميم وتجهيز الحوائط لتلقي طبقة الدهان الجديد، والعزل الحراري، والعزل ضد الرطوبة وتسرب المياه وكل ما يمكنك تقديمه من خدمات. إذا كان سعرك الشامل أقل من مجموع الأسعار المتفرقة التي حصل عليها العميل، فأنت بصدد تحقيق ربح لا بأس به في نهاية الأمر.
إذا لم تكن مستعداً لسعر بيع مبتكر وعملي ومرن، فوقتها ستكون معرضًا لمخاطر بيع بضاعة بأقل مما دفعته فيها، وستكون معرضاً دائماً لأن تفشل في عملك. يخوض الكثيرون من رجال الأعمال حروب سعرية فقط من أجل أن يحققوا إقبالاً جماهيرياً، لكن ما لم يكن لديك خطة استراتيجية تحكم القرارات التي تتخذها، فلن تخرج فائزاً أبداً من حرب أسعار، بل إنه في حقيقة الأمر لا وجود لمنتصر في أي حرب أسعار، فالكل يخرج منها خاسراً.
بدلاً من أن تنزلق إلى حرب أسعار، يجب عليك أن تجعل زبائنك يكررون زياراتهم الشرائية إليك، بمجرد أن يشتروا منك لأول مرة بسعر اقتصادي تنافسي. لكن احرص على أن يكون الأشياء الإضافية التي اشتروها منك فيها ربح لك، ولا تبعها بسعر التكلفة أو بخسارة، فالأغلب أنك لست مضطراً لهذه الدرجة الكبيرة من خفض السعر.
خلاصة القول ألا تخفض أسعارك لأسباب نفسية افتراضية غير واقعية. إذا كنت مخطئاً في سعرك فرفعته كثيراً، فستعرف بعدها بأسبوعين أو بشهر بكل تأكيد، لكنك إن كنت مخطئاً وراجت بضاعتك فأنت ربحت الكثير الذي كنت على وشك حرمان نفسك منه.
لا تفترض – لكن اختبر، وجرب في أوقات مختلفة، فأذواق الناس وطبيعة الأسواق تتغير طوال الوقت.
مترجمة بتصرف من مقالة بقلم جاي إبراهام بعنوان How To Tell If Your Price Is Right
الخلاصة:
- بدون التجربة الفعلية فأنت تفترض بعيداً عن الواقع.
- مرة أخرى: لا تفترض واختبر وجرب في أوقات مختلفة.
- لا وجود لمنتصر في أي حرب أسعار، فالكل يخرج منها خاسراً.