عالم فلكرو
كانت ولادة جورج دي ميسترال في مدينة نيون السويسرية (تقع ما بين مدينتي جنيف ولوزان) في عام 1907. وعمره 12 عامًا صمم جورج لعبة -على شكل طائرة- قام بتسجيل حقوق الملكية الفكرية لها، وهو تخرج كمهندس كهربائي من أفضل كليات التقنية في أوروبا كلها. كانت هواية جورج في أوقات فراغه تسلق أعالي الجبال مع كلبه، وذات يوم في بدايات عام 1940 لاحظ جورج كيف علقت البذور بحذائه وبنطاله، وكذلك بفراء كلبه.
لم يكن جورج من أولئك الذين يقفون عند حدود الشكوى، إذ وضع هذه الحبوب الملتصقة تحت عدسة المكبر البصري (ميكروسكوب) وعرضها للفحص كي يفهم سر هذا الالتصاق الشديد، ووجد أن سببه الأطراف المحدبة للبذور، والتي أطبقت بقوة على خيوط الصوف الدقيقة والملتفة فاشتبكت معها. خلف العدسات حل الإلهام: هذه الآلية في التشبيك القماشي لهي من القوة والسهولة بحيث تهدد عرش اختراع السوستة (Zipper).
كعادة المشاريع الناجحة في بدايتها، قوبلت فكرة جورج بالرفض والسخرية والاستهزاء، لكنه صمد ورائها بالعمل والجهد المتصل لمدة ثمان سنوات، جرب فيها العديد من طرق تصنيع الخطاطيف والخيوط الملتوية من القماش. كعادة بلده سويسرا، انخرط جورج في الخدمة العسكرية الإلزامية -على فترات متغايرة- من سن 20 وحتى 55 سنة، ما جعله ضابط مدفعية يرابط على الحدود الفرنسية والنمساوية. اشتق جورج اسم فلكرو الذي اختاره لقماشه السحري من كلمتين فرنسيتين: فالور (بمعنى إستبرق/قطيفة) وكروشيه (خطاف/الطرف المعقوف)، ونجد اليوم أن هذه الكلمة تحولت لتصبح فعلاً في اللغة الإنجليزية مثل كلمة فاكس وغيرها.
عبر التجربة والخطأ توصل جورج إلى أن تخييط مادة نيلون مع تعريضها للأشعة تحت الحمراء يجعلها ذات أسنان معقوفة وحادة، وبذلك توصل لطريقة تصنيع قماش الخطاطيف. كان هذا الاكتشاف مجرد بداية الطريق، إذ احتاج جورج لوضع 300 خطافًا في مساحة بوصة مربعة من القماش. في الوقت ذاته استعان جورج بصديق له يعمل نساج في مصنع أقمشة في ليون الفرنسية، حتى تمكن من إتقان إنتاج شريطي القماش، بعد مرور ثماني سنين من الاختبارات والتجارب المضنية. أخيراً في عام 1955 تمكن جورج من تسجيل اختراعه، بعدما أسس شركة فلكرو لتصنيع قماش فلكرو الجديد.
انحدر جورج من عائلة غنية، ولذا باع شركته في أوج نجاحها وحقوق اختراعه، ومضى يفكر ويبتكر ويخترع، لكن فلكرو كان الأشهر وسط قائمة اختراعاته. كرّس جورج حياته بعدها لمساعدة أقرانه من المخترعين على تسجيل حقوق ملكية اختراعاتهم، ومن ثم تحويلها لمشاريع ناجحة. اليوم يقع المركز الرئيس لشركة فلكرو العالمية في الولايات المتحدة الأمريكية. رغم أن النموذج الأولي اعتمد على مادة نيلون، لكن اليوم يتم تصنيع فلكرو من البلاستيك والصلب والفضة، ويجري استخدام الفكرة في عدد لا حصر له من التطبيقات، أشهرها في رحلات برنامج الفضاء الأمريكي. أخيرًا توفي مخترع فلكرو في عام 1990 في بلده سويسرا.
الشاهد من القصة:
كم من المشاكل والمنغصات والعقبات واجهتك؟ وكم منها حولتها لفكرة ناجحة مثل فلكرو؟
هل تستعجل النجاح؟ ما رأيك في ثماني سنين من التجارب؟