ذهبت يوماً من الأيام إلى سوق السيارات المسمى بالحراج، ووقفت عند سيارةٍ أريد شراءها، وسألت صاحبها بكم هذه؟ فقال لي مثلاً: بعشرة آلاف ريال، فأخذت أنظر في السيارةِ وأتفحصها، ثم جاء رجل وسأل صاحبها بكم هذه؟ فقال له مثلما قال لي: فزاد هذا الرجل مائتين وقال صاحب السيارة هي من نصيبك، فتردد الرجل وقال: سأذهب أشاور، ونحن لا زلنا عند السيارة، فقال صاحبها: إذا كنتم تريدونها بهذا السعر فخذوها بما أراد هذا الرجل شراءها به، فاشتريناها منه، فهل فعلي هذا يعتبر من بيع المسلم على بيع أخيه، أو شرائه على شرائه، إذا كان كذلك، فأرشدونا ماذا نفعل الآن؟
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فإذا كان الواقع هو ما ذكره السائل فلا حرج في ذلك؛ لأن صاحب السيارة لم يبعها لذلك الذي قال أشاور بل تركه وقال إن كنتم تريدون شراءها بهذا فخذوها فما دام المالك لم يرض ببيعها على من قال عشرة آلاف ومائتين وسوف أشاور لما قال له نعم وأراد بيعها لمن حضر فلا بأس، من حضر وأخذها بعشرة آلاف ومائتين فلا بأس لأن صاحب السيارة لم يلزم بيعها إلى ذاك بل لما قال له سوف أشاور أعرض عنه وقال من أراد أن يأخذها بكذا وكذا فهذا معناه أنه لم يرض بانتظاره وأراد أن يبيعها في الحال فأنت يا أيها السائل إن كنت أخذتها بما قال فلا بأس، وليس هذا من بيع المسلم على بيع أخيه، فالبيع على بيع أخيه إن باعها عليك وانتهى الأمر فليس له أن يزيد عليك هذا معناه أما مادام يقول من أراد أن يشتري فله الشراء فهو حتى الآن لم يبيعها لأحد. لو تتفضلون بذكر مثال لبيع على بيع أخيه؟ المثال واضح أنه باع السيارة عليه وقال من نصيبك بعتها بكذا أو بأقل أو بأكثر فليس لأحد بعده أن يزيد عليه لا في المجلس ولا بعده، والرسول نهى المسلم أن يبيع على بيع أخيه وهكذا الشراء على شراءه ما يجوز، ما دام قال نصيبك هي لك فليس له أن يشتري على شراءه ويقول له بكذا، وكذا ولا يبيع على بيع أخيه يروح للذي شراها بعشرة آلاف يقول له عندي سيارة أحسن منها بعطيك إياها بتسعة آلاف أو بعشرة آلاف حتى يهون عن هذه فليس له البيع على بيع أخيه ولا الشراء على شراء أخيه، فالشراء على شرائه أن يأتي واحد يقول أنا أخذها بأكثر فهذا لا يجوز والبيع على بيعه كأن يروح للمشتري يقول أعطيك سيارة أحسن منها بكذا وكذا أو مثلها بأقل منها.